في خضم الجدل السياسي المتزايد على الساحة اليمنية، وارتفاع حمى التراشقات الإعلامية تبدو الدعوة للعزوف عن الشأن السياسي منطقية ومغرية للمواطن اليمني، في مشهد قد يعيد للأذهان التجربة المصرية أو حتى التونسية.. الأولى تمتلك ديكوراً ديمقراطيا شبيهاً بالحالة اليمنية ، والثانية تباهي بمساحة عمل اجتماعية كبيرة لتعويض القمع السياسي..
لا أتصور أننا بحاجة إلى التركيز على الشأن الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي بمعزل عن ميدان الأداء السياسي، إذ بالإمكان أن يصبح النجاح في تبني القضايا الاجتماعية مثلاً هو الوسيلة المثلى للنجاح سياسياً.. من هنا يمكن إعادة القراءة لأداء قوة وطنية رائدة مثل التجمع اليمني للإصلاح..
وقفة تحليلية واحدة مع إحدى وثائق الإصلاح ، وهي (البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الرابع للإصلاح - الدورة الأولى فبراير 2007) ماذا سنجد؟
أن البداية ينبغي أن تكون في التغلب على "الفقر والبطالة والأمية وانتشار الأمراض وتدني كفاءة الرعاية الصحية ومستوى خدمات الكهرباء والمياه" وتسليط الضوء على "التعليم والصحة والتعليم الفني والأهلي والمهني والضمان الاجتماعي وحقوق العمال والأمن الصناعي والمهني والصحي ، وحقوق اللاجئين وحقوق المعاقين وذوي الحاجات الخاصة، وحقوق الطفل"
بل سنجد في محور التعليم فقط 16 توصية في غاية الأهمية، وفي محور المرأة، رؤى نهضوية لاتحتاج سوى المتابعة والبرامج التفصيلية على مستوى الوحدة التنظيمية المحلية.
بطبيعة الحال ليست وظيفة الحزب السياسي غير الحاكم أن يؤدي وظائف الحكومة في إنجاز برامج تنموية وعد بها في برامجه السياسية والانتخابية، لكننا بحاجة إلى أن نحدث الناس باللغة التي يفهمونها، وترجمة قيم التدين والصلاح والإصلاح في كل ما ينفع الناس ، والتأكيد على ارتباط قيم التدين بالعمل والإنجاز والإتقان، لا السلبية والتواكل وكثرة الشكوى من الحاضر والتباكي على الماضي.
استمعت إلى ملاحظة شدتني من أحد المتحدثبن يقول: ماذا استفاد أو يستفيد سائقوا سيارات الأجرة من خطط وبرامج التجمع اليمني للإصلاح مثلاً، الإجابة المباشرة ستؤكد على أن تنمية قيم التدين ستدفع حتماً لتنمية قيم العمل وبالتالي تنمية وفائدة الإنسان في أي مجال من مجالات الحياة.
الاستنتاج صحيح ، ولكن (الكلام كبير) - كما يقول المصريون - وسننفق المزيد من الجهد والوقت ليصبح مفهوما أو ملموسا في حياة سائقي سيارات الأجرة في المثال السابق، إذن نحن بحاجة إلى أن نحدث الناس بما يفهمون ، أن نقدم للناس حلولا بسيطة وبرامج حياتية يجدون فائدتها الملموسة في تفاصيل حياتهم.
الدعوة التي أطلقها بيان الإصلاح - مثلاً - لمحو أمية المرأة وأن (لا أمية بين عضوات الإصلاح) .. أين هي في خطط الوحدات التنفيذية المحلية للإصلاح على مستوى القرية والمديرية والمحافظة؟ ما الذي تحقق منها؟ وماالمأمول خلال أربع أو خمس سنوات قادمة؟.
من المؤكد أن الإصلاح تنظيم حي ، والإنجاز لا يغيب في سجلات أدائه اليومية والشهرية والسنوية، لكننا بحاجة أكثر إلى ترجمة أهدافنا التي تتضمنها وثيقة مهمة كالبيان السابق إلى برامج تفصيلية قابلة للقياس، حتى لا نكرر تجربة أنظمتنا السياسية الحاكمة التي تقتات على الأوهام والشعارات الفارغة..
_________________
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: الإصلاح وتحدي القضايا الاجتماعية 
السبت فبراير 07, 2009 2:34 pm
