منتديات الصقراليماني


 
الرئيسيةقناة الصقر اليمالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
اضحك لوما تقول بـــس مـــع بركتنـــا {محمد المطري}
برنامج قارئ اليمن - جميع الحلقات... 1 - 30 والاخيرة
البوم يانصيبي لمجموعة من المنشدين اليمنيين كاملا
الحرب السادسة على الحوثيين في صعدة برنامج ظلال ساخنة
كتاب لا تحزن pdf من الشيخ عائض القرني كامل
رحلة الى كيرلا بالتفصيل
المسلسل اليمني (( الثـــأر )) حلقات كامله
الكوميديا الساخره (( خلطة مافيهاش غلطة )) الجزء الثالث
مسلسل كشكوش _ الحلقة الاولى
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
السبت أبريل 15, 2023 10:00 am
الجمعة أبريل 07, 2023 6:02 am
الأحد مارس 19, 2023 6:35 am
الثلاثاء يوليو 06, 2021 7:54 am
الجمعة نوفمبر 29, 2019 9:53 pm
السبت ديسمبر 29, 2018 10:17 pm
السبت أبريل 07, 2018 12:20 am
السبت أبريل 07, 2018 12:14 am









بث مباشر

 

 لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:24 pm

الباب الثاني
الأخلاق



الفصل الأول
استقلالية رسول الله


القارئ للسيرة النبوية بقليل من الدقة والتأمل سيجد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم استقلالية في رؤيته للأمور وفي قراراته التي يتخذها وفي أقواله وفي أفعاله ، وهي استقلالية يتميز بها ويختلف عن غيره من البشر سواء أولئك الذين عاصروه أو ممن جاءوا بعدهم أو من كانوا قبلهم أيضا ، فأما الذين عاصروه فهم الصحابة وهم خير البشر وأفضل خلق الله بعد الأنبياء باتفاق جميع العلماء وعلى ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ودلت عليه الوقائع والحقائق ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه مسلم عن عمران بن حصين " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " (1) .
ويقول بن القيم " صار السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل خلق الله سوى الأنبياء وصار أفضل الناس من بعدهم من اتبعهم بإحسان رضي الله عنهم إلى يوم القيامة من العرب والعجم " (2) وأما الذين كانوا قبلهم فأقصد بهم أولئك الذين اتبعوا أنبيائهم وآمنوا بربهم ، إلا أن هؤلاء لم يكونوا لأنبيائهم ولدينهم كما كان الصحابة لله ولرسوله ، لذا كان الصحابة أفضل منهم ،
ويستثنى بطبيعة الحال من البشر محل كلامنا أهل الكفر والضلال في جميع العصور والدهور سواء من عندهم كتاب سماوي أو من لا يدينون بدين مطلقا أو غيرهم . وسواء قبل الإسلام أو بعده
" لأن دين الإسلام هو الناسخ ، وهو كالصلاة إلى الكعبة الناسخة للصلاة إلى بيت المقدس فمن تمسك بالمنسوخ فليس على دين الأنبياء . لهذا كفرت اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع منسوخ . والله أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله ومحمد الخاتم . لذا على جميع الخلق اتباعه "(3) ومن ثم ينفرد صلى الله عليه وسلم بهذه الاستقلالية الفذة دون البشر جميعا أولهم وآخرهم .. وهي استقلالية متميزة لا تنم عن شخصية ديكتاتورية ترى فى رأيها الصواب وإن اتخذت الشورى مبدأ لها ، ولا عن شخصية أنانية تعتز برأيها وتعشقـه . إنما مردها انفراده صلى الله عليه وسلم فى الخلق والاستواء الفطري والعقلي والقلبي ، لذا كان ما يراه لم يكن يراه غيره ، وما كان يقرره لم يكن يقرره غيره ، وما وقر فى قلبه واحتواه ضميره ما وقر فى قلب غيره أو ضميره . فما هي مظاهر هذه الاستقلالية وما هي أسبابها ؟
وللإجابة على هذا السؤال نفرق بين مرحلتين . ما قبل البعثة وما بعدها
----------------------------------
مرحلة ما قبل البعثة ، الصدق والأمانة :
-----------------------------------------------
اجمعت كتب السيرة والتاريخ على جميع المستويات . أن محمد بن عبد الله كان دمث الخلق مشهود له بطهارة القلب ورجحان العقل ، ووصف بين الناس فى هذه المرحلــة بالصادق الأمين ، وهما خلتان تجمعان كل صفات الخير وتنفيان كل صفات الشر ، فالصادق لا يكذب ولا يغتاب ولا يمشى بين الناس بالنميمة ولا يقول فحشا ولا يسب ولا يشتم ولا يحسد ولا يبغض ولا يحقد… الخ , وينفى الصدق عنه النفاق والرياء والوصولية والانتهازية والأنانية والتدخل فيما لا يعنيه والغضب والتهور والمراء والجدل والثرثرة والتملق والهجاء والشعر والكهانة والدجل والسحر والشعوذة والتنبؤ …الخ ، والأمين لا يغدر ولا يخون ولا يسرق ولا يرتشي ولا يرشي ولا يأكل سحتا ولا يتعامل بالربا ولا يطمع إلى ما عند غيره ولا يتجسس ولا يتحسس ولايتصنت لأن كل خلة من هذه الخلال تتعارض مع الأمانة …الخ ، وهو مع كل تنزهه عن هذه المنهيات كان لابد أن يتحلى بكل الصفات الحميدة . فالصادق شجاع ونبيل وذو مروءة ، والمروءة صفة لا تنفك عن الصدق لمساعدة المحتاج ومد يد العون له ، والصادق عف اللسان لا تخرج من شفتيه كلمات الفحش والسوء ، والصادق صبور لأن قائل الحق لابد أن يكون صبورا وقورا رزينا متزنا ذا جلد دقيقا في أقواله دقيقا في أفعاله … الخ والصادق يكون بارا بمن حوله واصلا لرحمه رحيما بمن هو دونه مجلا لمن يكبره .. ونتذكر هنا قوله صلى الله عليه وسلم فى جزء من حديثه الذي قال فيه : " الصدق يهدى الى البر ، والكذب يهدى الى الفجور " (4) فإذا كان الفجور هو أعلى درجات الفسق والرذيلة ، حيث لا يتورع المرء عنده من ارتكاب كافة المحرمات وإن اجتنب بعض الكبائر العظام كالسحر والقتل والشرك بل لعل الفجور الذي منشأه الكذب يقوده إليها ، فأن الصدق على العكس من ذلك تماما يهدى إلى البر الذي هو أعلى درجات الورع والعفة والخلق الحسن ، والأمين نزيه العين والسمع وسائر الجوارح ، لأن الأمانة لا تقتصر على المال وإنما تشمل العرض والشرف ، فلا تنظر عينه الى مالا يحل له ولا يتسمع مالا ينبغي سماعه. فإذا كان أمينا في سمعه وفى بصره ويأتمنه الناس على أموالهم وأعراضهم فهو إذن لا يزنى ولايهتك عرضا بأدنى درجات هاتين الفاحشتين أو أعلاهما ، وهو يتمتع بالحياء كله ويدرأ عن نفسه الشبهات كلها . والصادق الأمين متواضعا يمشى بين الناس الهوينى بغير كبر أو غرور أو اختيال ، إذا دعي أجاب وإذا أهدى قبل وإذا سئل أعطى وإذا وعد أوفى وإذا عمل أتقن .
كل هذا وغيره هو الذي جعل السيدة خديجة بنت خويلد التي كانت تسمى بالطاهرة فى الجاهلية والإسلام تسعى الى الزواج منه وقد خطبها قبله كثير من العظماء فرفضت وكانت معروفة بالحزم والجد وفعل الخير وهى أوسط قريش نسبا وأكثرهم مالا ، فاسمع إليها وهى تخطب محمد فتقول له : " يا بن عم إني رغبت فيك لقرابتك وسطتك فى قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك " وتصفه فى موضع أخر عندما أخبرها بنزول الوحي عليه فتقول "إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر"(5)
ويقول أبو طالب عندما طلب يدها من أعمامها بنو أسد يقول " ثم إن بن أخي محمد بن عبد الله من لا يوزن برجل إلا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا ، فإن كان فى المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة , ومحمد من قد عرفتم " ، فيرد عليه ورقة بن نوفل بن أسد " نحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك لاتنكر العشيرة فضلكم ولايرد شرفكم "(6) ويقول له أبو جهل فى أول بعثته صلى الله عليه وسلم تأثرا بما علمه عنه قبل البعثه " اذهب أبا القاسم فما كنت جهولا " (7)، ويقول للمغيرة بن شعبة في واقعة أخرى : " إني لأعلم أن ما يقوله حق " ويتحير الوليد بن المغيرة فى نسبة نقيصة له فينفى عنه الكهانة والشعر والكذب فلم يجد إلا أن يرضي غرور قومه فيقول " ساحر "(8)، ويتمنى أبو سفيان أن ينسب إليه زلة في مواجهة عظيم الروم فلم يجد (9) ويسمع أمية بن خلف أن رسول الله قاتله فيصيبه الهلع ويرتعد ويمكث فى بيته خائفا لا من بطش محمد به وترقبه لقتله ولكن لعلمه أنه صلى الله عليه وسلم لا يكذب وأنه إن قال صدق ولابد أنه مادام قال أنه سيقتله فهو قاتله . وما أسرع الإيمان بأبو بكر وتصديقه لرسول الله إلا من علمه بصدقه المطلق قبل نبوته . ورجل بكل هذه الصفات لابد أن يكون راجح العقل قوى الحجة سريع البديهة فطن ذكي لبيب ، وإلا ما ارتضى سادة قريش وكبرائها أن يكون لهم حكما عند اختلافـهم على وضع الحجر الأسود وقد أثبت رجحان عقله وذكائه في هذه الواقعة(10) وحسم بذلك جدلا ونقاشا ربما لم تكن لتحمد عواقبه لو تطور دون هذا الحل الذي وفقه الله تعالى إليه ، الأمر الذي نقطع به أن محمد بن عبد الله كان مستقلا فى سماته الخلقية فى هذه المرحلة ، وحسبنا في هذه المرحلة قوله صلى الله عليه وسلم " ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر ,كلتاهما يعصمني الله منهما " (11)
-------------------------------- ---------------
(1) صحيح مسلم 2535 باب فضل الصحابة (2) فصل في فضل العرب لابن القيم
(3)مجموعة الفتاوى لابن تيميه الجزء الخامس والثلاثون
(4) صحيح البخاري 5743 (5) صحيح البخاري باب بدء الوحي 4670
(6) السيرة الهشامية (7) نفس المصدر (8)بن حبان 6567
(9) حياة الصحابة الكاندهلوي جزء أول
(10) صحيح البخاري 6 بدء الوحي (11) انظر الأحاديث المختارة للمقدسي 439
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:26 pm



--------------------------------------------------------------------------------

عوامل استقلالية هذه المرحلة .
---------------------------------
استمد محمد هذه الاستقلالية قبل البعثة من فطرته الخلقية التي جبل عليها وبعض من عوامل البيئة والوراثة وأمور ينفرد هو ذاته بها ، فمن المعروف أن الإنسان يولد على الفطرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يولد الإنسان على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه .." (1) والفطرة هنا هي ما جبل عليه الإنسان من حب الخير وبغض الشر ، وهى الخلقة التي يكون عليها كل مولود أول خلقه وهى الطبيعة السليمة التي لم تشب بعيب , وفى اصطلاح الفلاسفة هي الاستعداد لإصابة الحكم والتمييز بين الحق والباطل .. وقد يصطدم الإنسان فى مراحل حياته الأولى بواقع يضاد هذه الفطرة , فيقوى عنده نازع الشر ويفتر نازع الخير أو العكس , وهـو المعبر عنه بالبيئة التي تؤثر تأثيرا سلبيا أو إيجابيا فعالا , بالإضافة إلى عامل الوراثة ، ثم إذا بلغ أهليته وأشده كان بالخيار والقوة ما يستطيع به أن يحول بينه وبين تأثير هذه العوامل فيه , إلا أن إرادة الإنسان لم تـزل ضعيفة في هذه الفترة تقوى مع مرور السنون والأعوام واكتساب الخبرات .

الفطرة والطفولة
--------------------
فبالنسبة لرسول الله فقد كانت فطرته بالغة السلامة والاستواء ، فلم يرو أي أثر أو خـبر عن طفولته صلى الله عليه وسلم يكشف عن أنها كانت غير سوية في تصرفاتها أو أحوالها ، بل روي أنه كان يتسم بالجد والرزانة في هذه المرحلة حتى أنه سافر صبيا في تجارة جده عبد المطلب ، وروي أنه كان يجلس مع كبار القوم في مجالسهم ،وكانت عناية الله تعالى له في هذه الفترة عناية توفيق , عناية مشيئة إلهية تريد بهذا المعتنى به مرادا لابد أن يتحقق , عناية علم بصلاحية هذا الإنسان لما يريده الله تعالى منه , وبالجملة عناية تدخل إلهي مباشر يحول بين أي عارض يمكن أن يحول بين مشيئة الله وعلمه وبين مراده الذي سيكون ولابد أن يكون ، يقول محمد بن إسحاق: شبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أدناس الجاهلية ، لما يريد من كرامته ورسالته ، وكان صلى الله عليه وسلم يحدّث عما كان الله يحفظه به في صغره من أمر الجاهلية ، فيروى البخاري ومسلم " لما شب صلى الله عليه وسلم وبُنيت الكعبة، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة مع أشراف قريش لبنائها فقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل فخرّ إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال إزاري فشدَّ عليه إزاره وقال " إني نُهيت أن أمشي عُريانا "(2) وكان صلى الله عليه وسلم قول أيضا " ما هممت بشيء مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين عصمني الله فيهما قلت ليلة لفتىً من قريش أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما تسمر الفتيان قال: نعم قال فدخلت حتى جئت أول دار من دور مكة، فسمعت غناءً وعزفاً وصوت دفوف ومزامير، فقلت: ما هذا ؟ فقالوا: فلان تزوج فلانة فجلست لذلك، فضرب الله على أذني فنمت، فما أيقظني إلا مسُ الشمس، فرجعت إلى صاحبيثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك، فنمت فو الله ما هممت بعدهما بشيء من ذلك حتى أكرمني الله " (3) قال ذلك وهو صبى لم يبلغ بعد الحلم ولم يبلغ أشده , ولكنه أدرك وهو فى هذه السن الباكرة أن ما هم به ذنب ، وما هو في عرف غيره من الصغار والكبار على السواء بذنب ، أدرك أن هذا النعاس الذي ألم به أمر ذي بال فاستلهم منه الحقيقة فعمل بها ولها ولم يهم بعدها بإثم ، " وعاش صلى الله عليه وسلم طفولته ولم يكن له مؤدب ظاهر يعتني بتـثقيفه ، أو مربّ معروف يتولى تهذيبه ، إلا سلامة الفطرة ، وسموّ الغريزة ، وطهارة القلب ولم يكن صلى الله عليه وسلم في نشأته جارياً على المألوف في الصبيان ، من تأثر عقولهم ونفوسهم بما يرون ويسمعون ويحسون في بيئتهم ، فنشأ على أكمل ما تتحلى به النفوس من جميل الصفات، وحميد الخصال،"(4)

البيئة والوراثة .
------------------------
يقول العقاد فى عبقريته " قبيلة في تلك الأمة لها شعبتان .. الثانية من أصحاب التقوى والسماحة والتوسط بين مقام القوي الذي يجور ويطغى ومقام الضعيف الذي يحتمل الأذى فيصبر وبيت من تلك الشعبة الوسطى له كرم النسب العريق وليس له لؤم الثروة الجامحة والكبرياء الجانحة والقسوة ذاكم هو بيت عبد المطلب ورأس هذا البيت هو عبد المطلب رجل قوى الخلق قوى الإيمان . "(5) فكانت هذه البيئة بهذا الوصف هي البيئة التي نبت فيها محمد وترعرع بين ربوعها
وورث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه نزولا إلي سالف أجداده عظيم الصفات وجليلها وهو القائل عن نفسه في صحيح مسلم عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم (6) وقال من حديث بن عباس رضى الله عنه
"لم يزل الله عز وجل ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة صفيا مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت خيرهما(7) " فنسبه صلى الله عليه وسلم أشرف الأنساب ، وسببه إلى الله سبحانه باصطفائه إياه واختياره له أفضل الأسباب، وبيته فى قريش أوسط بيوتها الحرمية، وأعرق معادنها الكرمية ، لم تخل قط مكة من سيد منهم أو سادات، يكونون خير جيلهم ورؤساء قبيلهم، حتى إذا درجوا سما قسماؤهم فى المجد الصميم، وشركاؤهم فى النسب الكريم إلى ذلك المقام ، فعرجوا فصحبوا على ذلك الزمان . لواؤهم على من ناوأهم منصور، وسؤدد البطحاء عليهم مقصور، والعيون إليهم أية سلكوا صور ، ثم أتى الوادى فطم على القرى ، وشد الله أركان مجدهم العريق العتيق بهذا النبى الأمى ، فاحتازوا المجد عن آخره ، وفازوا من شرف الدين والدنيا بما تعجز ألسنة البلغاء عن أدنى مفاخره." (8)
" فهذا هاشم بن عبد مناف المسمى بذلك لكرمه المفرط ويده التي لم تنكر ، فقيل هشم الثريد وأطعم الناس فسمى هاشما ، وهو الذي جمع كل قريش على رحلتين في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام للتجارة , وكان يقسم ربح الغني بينه وبين الفقير حتى صار فقيرهم كغنيهم ، فجاء الإسلام وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم على هذا فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالا ولا أعز من قريش . وهذا عبد المطلب أجل قومه قدرا وأعظمهم خطرا وأعلاهم نسبا وأكرمهم حسبا وكان يعرف فيه هيبة الملك. وعنه قال الزبير : " ومكارم عبد المطلب أكثر من أن أحيط بها " ، كان سيد قريش غير مدافع نفسًا وأبا وبيتًا وجمالاً وبهاءً وفعالاً وكمالاً ، فصلى الله على المنتخب من ذريته ، المخصوص بأولية الفخر وآخريته ، وعلى آله الأكرمين وعترته وسلم تسليمًا " . وأبوه – عبد الله- "بضعة من عالم الغيب أرسلت الى هذه الدنيا لتعقب فيها نبيا دون أن تراه إنسان من طينة الشهداء يتجه إليه القلب الإنساني بكل ما فيه من حب وحنو ورحمة .وأحبه قومه وعظم خطره فيهم (9) ويقول عنه الزبير أيضا " كان عبد الله أحسن رجل رئى فى قريش قط " (10)

معدنه
----------------
ولكن لم تكن تكفي هذه العوامل لتمييز استقلاليته صلى الله عليه وسلم إذ كلها عوامل قد يشترك معه فيها غيره ليبقى عامل آخر يخصه هو وحده , هذا العامل هو المعدن المتوطن فى وجدانه صلى الله عليه وسلم هو اليقين الساكن فى فؤاده والنور الذي توهج فى أعماقه ، الذي جعله يميز الخبيث من الطيب والقبيح من الحسن والباطل من الحق ، فيتمسك بالطيب والحسن والحق ويعمل بهم ويتخذهم سبيله ، دون أن يأمره بذلك دين أو عقيدة ودون أن يحضه على ذلك إنسان ، فلم يله مع اللاهين ولم يسفه مع السافهين أو يخوض مع الخائضين ، لم يجار الصبية والشباب فى لهوهم وعبثهم لما وجد فى ذلك حمقا وجهالة , ولم يعاقر خمرا أو ميسرا لما وجد فيهما دنية ومذلة ، ولم يسجد لأصنام قومه ولم يحلف باللات والعزى لما وجدها أصنام لا تضر ولا تنفع , عمل برعي الغنم ولم يزل صغيرا ، اشترك في حلف الفضول ولم يزل شابا يافعا , سافر للتجارة وسنه اثنا عشر عاما . كان على دين الحمُس , وكان يتحنث وحده فى غار يقضي في الليالي ذوات العدد يختلي فيه متأملا سائلا باحثا عن الحقيقة . وهكذا وصفته كتب السيرة فى مرحلة حياته قبل البعثة فقالت : " كان أفضل قومه مرءوة وأحسنهم خلقا وأعزهم جوارا وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وألينهم عريكة وأعظمهم نفسا وأكرمهم خيرا وأبرهم محلا وأوفاهم عهدا وآمنهم أمانة وأوصلهم رحما وأشدهم تواضعا وأنقاهم سريرة . وكان أسلم الناس قلبا وأطهرهم ثوبا وأزكاهم عقلا .
ويصفه بن تيمية فيقول " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكمل الناس تربية ونشأة ، لم يزل معروفا بالصدق والبر ومكارم الأخلاق والعدل وترك الفواحش ، والظلم وكل وصف مذموم ، مشهودا له بذلك عند جميع من يعرفه قبل النبوة ، ومن آمن به ومن كفر بعد النبوة، ولا يعرف له شيء يعاب به؛ لا في أقواله ولا في أفعاله ولا في أخلاقه ولاجرت عليه كذبة قط، ولا ظلم ولا فاحشة. " وبهذا المعدن اهتدى صلى الله عليه وسلم إلى الحقيقة ولكنه لم يكن يدري كنهها ولم يدري الطريق إليها , فذلك قوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى) (11) شأنه في ذلك شأن ممن سموا بالحنفاء في عهده إلا أنه كان يفرق عنهم في أميته التي حالت بينه وبين العلم والتعلم فلم يقرأ كتابا ولم يطلع على عهد قديم أو جديد ولم يعرف زبورا أو مزمورا ولم يتخلف إلى أحد ينهل من علمه ، إلا أن ذلك لم يفتر من إرادة الخير لديه فظلت تقوى حتى صارت إرادة مطلقة في حد الإطلاق والقدرات البشرية لا تعرف شرا ولا تعرف منكرا , فكان باعث الخير لديه ينبع من داخله ومن جوهره دون تعلم ودون وحي .-----------------------------------------------------
(1) رواه ابن الأثير ورواه الحاكم عن علي ابن أبي طالب ورواه الطبراني من حديث عمار بن ياسر
(2) مسلم 2658
(3) ذكره بن حجر في فتح الباري تحت عنوان كراهية التعري في الصلاة
(4) ذكره الذهبي والسيوطي وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وضعفه الألباني
(5) أعلام النبوة الماوردي
(7) عبقرية محمد (13) صحيح مسلم 2276 وبن حبان 6242
(8) زاد الميعاد وسيرة بن إسحاق (9) الاكتفا في المغازي
(10) عبقرية محمد (11) الضحى


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:37 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:27 pm

--------------------------------------------------------------------------------

الوحي
-----------------------
الوحي وسيلة إلى غاية
------------------------
ينقسم الوحي الى قسمين : القسم الأول وحي للمخلوقات جميعا بما فيهم البشر ويدخل في هؤلاء البشر الأنبياء ولكن قبل بعثتهم ، والقسم الثاني : الوحي المتعلق بالرسالة والرسل وهذا القسم سبق الحديث عنه في الخصائص النبوية المحمدية . أما بالنسبة للقسم الأول فقد عرفه بعض العلماء بالإلهام الإلهي وعرفه البعض الأخــر بالإعلام بخفاء إلا أن كلاهما جعل هذين التعريفين قسما واحدا وخلطهما بوحي الرسل ، بينما انفرد بن خلدون بتعريف خاص به أرى أنه مستمد من غير دليل شرعي أو عقلي ألا وهو أن الوحي " انسلاخ الأنبياء من البشرية جملة جسمانيتها وروحانيتها إلى الملائكة من الأفق الأعلى ليصير النبي في لمحة من اللمحات ملكاً بالفعل "(1)
وللمزيد يمكن القول أن الوحي هو أحد الوسائل التي يستخدمها الله سبحانه وتعالى لتحقيق مرادا له ينبغى أن يكون أخذا بسنته جلا وعلا فى الأخذ بالأسباب . وذلك بأمر مباشر منه للموحى إليه يُجبر خلاله على تنفيذ هذا الأمر بإرادته أو بغير إرادته ، وهذا الوحي لجميع مخلوقاته سبحانه وتعالى ، وللبشر أيضا بما فيهم الأنبياء ولكن قبل أن يبعث إليهم لكونهم حينئذ من سائر البشر , أما بعد تكليفهم بالرسالة أو النبوة فيصير الوحي إليهم وحي من نوع خاص يختلف عن الوحي محل هذا القسم ، ويستثنى من هذه المخلوقات التي يوحي إليها الله تعالى المشركين والشياطين . إذ لم يثبت وحي الله تعالى للشياطين إنما ثبت أنهم يوحي بعضهم إلي بعض ويوحون هم إلي أوليائهم ، قال تعالى (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون)(2) ، وقال (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (3)، كما لم يثبت فى الكتاب والسنة وفى الكتب السماوية السالفة أو على ما يستدل به من أي مصدر من المصادر وحيه سبحانه وتعالى للمشركين في أي عهد من العهود البائدة أو المتقدمة ، إذ لا يستخدمهم تجلت قدرته فى تحقيق مراده , إنما يوحي إلى الصالحين والأتقياء والأولياء بوصفهم الأجدر والأحق بهذا التلقي وبتحقيق هذا المراد الذي يبتغيه الله .
فأوحى الله الى السماوات فقال (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) (4) وأوحى الى الارض فقال (يَوْمَئِذ ٍ تُحَدِّث ُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (5) وأوحى الى الملائكة فقال (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا (6)وأوحى الى النحل فقال (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً )(7)
وأوحى الى أم موسى فقال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) (8) وأوحى الى يوسف طفلا فقال (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) (9)وأوحى الى الحواريين (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي)(10)
---------------------------
(1) تاريخ بن خلدون الجزء الأول (2) الأنعام من الآية 121 (3) الأنعام 11 (4) فصلت من الآية 12 (5) الزلزلة 4 , 5
(6) الأنفال 12 (7) النحل من الآية 68 (8) القصص من الآية 7 (9) يوسف 15 (10) المائدة111

وتلمح من هذه الآيات أن لكل وحي غاية وهدف .
فالوحي إلى السماء مثلا كان جزء من الخلق وتدبير الله لكونه إذ أمر الله كل سماء بما ينبغى أن يكون فيها من ملائكة ونجوم وشموس وكواكب وأقمار ونيازك وشهب وغيره . قال تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (1)
ووحيه إلى الأرض إيذانا بيوم القيامة لتخرج ما فى بطنها من أجداث وجيف .
ووحيه إلى الملائكة فى الآية المشار إليها لتثبيت الذين أمنوا .. يقول تعالى (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (2) وذلك بمناسبة موقعة الأحزاب
ووحيه إلى النحل بأن تتخذ من الجبال بيوتا ومن الشجر والعروش بقصد الاستفادة بأكبر عدد ممكن من البيئات المختلفة وبما فيها من متنوع النباتات حتى تنوع ذلك الشراب المختلف الألوان الذي يخرج من بطونها فيه شفاء للناس ، بخلاف العديد من الحشرات بصفة خاصة والحيوانات بصفة عامة التي حدد الله بيئة لها لا تستطيع الخروج عنها وإلا هلكت ، كما تلتقط الشغالات مادة صمغية من أماكن محددة من الأشجار ثم تضع الصمغ فى الشقوق والثقوب الموجودة فى بيوت النحل لمنع تسرب الحشرات إليها(3)
ووحيه إلى أم موسى عليه السلام لتلقه باليم فيلتقطه عدوه فيربى في قصره ويترعرع فى رعايته فينجو من الذبح والقتل الذي أعمله فرعون فى الأطفال ، قال تعالى (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (4) ، ووحيه إلى يوسف عليه السلام طفلا لينبئنهم بأمرهم الذي فعلوه بإلقائه في غيابت الجب كعلامة من علامات النبوة ، فقال تعالى (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (5) ، ووحيه تعالى للحواريين ليؤمنوا بعيسى عليه السلام ويساهموا فى نشر دعوته بعد رفعه الى السماء ، وهو ما يفهم منه أن الوحي أمر الهي مباشر لتحقيق مرادا له سبحانه وتعالى لابد أن يتحقق وليس بوسع أي مخلوق - وأقصد قطعا الأنس أو الجن لأن ما سواهما مفطور على الطاعة والانقياد - أن يحول دون ذلك
-------------------------------
(1) فصلت 11, 12 (2) الأنفال 12
(3) جريدة الأهرام الإشارات الكونية للقرآن د/ زغلول النجار العدد الخاص بآية النحل المشار إليها نقلا عن عالم متخصص .
(4)طه 38, 39 (5) يوسف 90


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:38 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:29 pm

--------------------------------------------------------------------------------

بعض الحكمة من بعض الأحداث
----------------------------------
ومن هنا يمكن أن ندرك بعض الحكمة والمعنى من بعض الأحداث والمعجزات التي حدثت فى قرون خلت،ومن ذلك على سبيل المثال :-
1-عندما أراد قوم إبراهيم عليه السلام أن يحرقوه ، أوحى الله تعالى إلي النار وأمرها أن تكون بردا وسلاما عليه فقال (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) (1) لماذا لأن دوره كنبي ورسول ومن نسله سيكون سلالة من الأنبياء لم ينقضي بعد ، فكان لابد من تدخل إلهي مباشر لوقف هذه المحرقة ، وكان الوحي والأمر الإلهي المباشر للنار هو أنسب الطرق ، فلم تكن الأمطار مثلا تجدي إذ أنها لن تحول بينهم وبين إعادة الكرة
2- وأيضا كما فعل الله تعالى عندما أنقذ عيسى عليه السلام من القتل والصلب فرفعه إليه مباشرة فقال ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُم)(2) ،وذلك ليكذب الأسطورة الزائفة التي قامت عليها الديانة المسيحية المعاصرة بإلوهية المسيح عليه السلام والتي تعتمد على أن المسيح نور من نور وإله من إله نزل من السماء وتجسد ثم خرج فى صورة بشرية ليفدي ذرية آدم المأسورين بحكم الموت الأبدي ليحول موتهم لحياة أبدية فى سماء رب البشرية (3) فيصفع ويقتل ويصلب ثم يدفن ثم يقوم ، بينما أعمل بنى إسرائيل القتل في جلة أنبيائهم ورسلهم ، قال تعالى (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(4) فهل فضل الله إبراهيم وعيسى على كثير من أنبياء بنى إسرائيل فأنقذهما من القتل وترك الآخرون ؟ كلا وحاشاه ذلك سبحانه وتعالى ، إنما هي أدوار ومهام ، وأهداف وغايات ، فإذا انتهى دور النبي وتحققت الغاية من بعثته وحان أجله ومنيته قضي هذا الأجل أيا كانت وسيلته بالموت أو القتل ، حتى ولو كان محمد خاتم الأنبياء والرسل وخير البشر كلهم ،فذلك قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (5)
3-وكذلك أوحى الله تعالى إلى حوت يونس عليه السلام ألا يأكله رغم أنه مكث فى بطنه ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك حسبما اختلف العلماء (6) لأن دوره كنبي لم يكن انقضى وكان لزاما أن يستكمل رسالته فقال تعالى (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (7) وعن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال : سمعت أبا هريرة يقول " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما أرأد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن أخذه ولا تخدش له لحماً ولا تكسر له عظماً " (8)
-------------------------------------
(1) الأنبياء 69 (2) النساء 157 (3) أدلة وبراهين على ألوهية المسيح لفكتوريا إبراهيم حنا نشر حديثا (4) البقرة 91 (5) آل عمران من 144الآية (6) قال بن كثير في قصص الأنبياء في قصة يونس عليه السلام اختلف العلماء في مقدار لبثه في بطنه ، فقال مجاهد عن الشعبي : التقمه ضحى ولفظه عشية ، وقال قتادة : فمكث فيه ثلاثاً ، وقال جعفر الصادق : سبعة أيام وقال سعيد بن أبي الحسن وأبو مالك : مكث في جوفة أربعين يوماً، (7) الصافات 143 وما بعدها (8) رواه ابن جرير في تفسيره والبزار في مسنده من حديث محمد بن إسحاق وكذا قال به بن كثير في قصص الأنبياء من قصة يونس عليه السلام

4 -وعلى نفس هذا النمط من التفكير أقول أوحى الله تعالى إلى الهدهد أن يطوي الأرض حتى يقع على قوم يعبدون الشمس من دون الله فيأتي سليمان عليه السلام الذي وهبه الله ملكا ما وهبه أحد بعده من العالمين فيحطه بما لم يحط به علما فيقضى الله أمرا كان مفعولا فيدخلوا فى دين نبي الله سليمان الإسلام ,قال تعالى (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ …الآيات)(1) وليعرف الإنسان أن مخلوقات أخر سواه توحد الله وتعبده .
5- وأوحى الله تعالى إلى فيل أبرهة أن يبرك ولا يقترب من الكعبة ليهدمها لأن دورها المعدة له لم يأتي بعد ، فأي قوة تلك التي تمنع هذا الدور الذي أعده الله ، فلما لم يعي أبرهة الدرس تطور التدخل الإلهي بصورة أكبر بإرسال الطير الأبابيل ، قال تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (2)
مثلما أوحى الله لناقة رسول الله ألا تدخل مكة عام الحديبية لأنه العام الذي لم يؤذن فيه بفتح مكة فبركت ، وقال الصحابة وقتها خلأت القصواء (3) فقال صلى الله عليه وسلم : " بل حبسها حابس الفيل "(4)
6- وأيضا أوحى تعالى إلى الملائكة بنصرة المسلمين فى غزوة بدر لأن هزيمة المسلمين فى هذا الوقت كانت تعنى القضاء على الإسلام فى مهده ، وهو ماتنبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا ربه : " اللهم إلا تهلك هذه العصابة لن تعبد فى هذه الأرض أبدا " (5) قال تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)(2) ، بينما لم يحدث هذا المدد فى غزوة أحد مثلا لأن هزيمة المسلمين وقتئذ كانت لا تعني هزيمة الإسلام كله أو القضاء عليه .. أقول كل هذا على الرغم من وجود عوامل وحكم أخرى تخص الحدث ذاته بعضها معلوم وبعضها لا يعلمه إلا الله ، كمزيد من الدروس والعبر عن هزيمة أحد , وليدخل الناس في دين الله إذا ما رأوا معجزة إبراهيم عليه السلام .
هذا ومن ناحية أخرى فأن الله لا يوحي بشر لا لأن الشر لا يصدر عنه سبحانه وتعالى ، فهو القائل
( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)(6) إنما لأن الوحي بالشر تحريضا على فعله وحاشه تعالى ذلك: إنما يصدر الوحي بالشر من الأنس والجن ، قال تعالى ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُم)(7) وقال (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً )(8) كما أن الوحي لا يكون إلا لتحقيق منفعة عامة ومصلحة للبشر


وفى هذا الإطار ينبغي التفرقة بين الوحي وبين الأمور الآتية :
--------------------------------
1- التيسير أو التوفيق ، المشار إليهما فى قول الله تعالى وبعض الآيات المماثلة ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (1) وقوله ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا)(2) ، فهما بهذا المعنى منفعة خاصة تعود على صاحبها وليست وحيا ، لأن الأخير يحقق منفعة عامة اقتضت التدخل الإلهي المباشر ، بالاضافة إلى أن الوحي وسيلة لله سبحانه وتعالى يحقق بها مرادا له في خلقه أما التوفيق فجزاء على فعل , والوحي قد يكون لحظة أو برهة أو ومضة نور ، أما التيسير والتوفيق فمعية من الله تلازم صاحبها ،كما أن الوحي ليس في كل الأحوال تمييزا للموحى إليه ، بينما التيسير والتوفيق تمييزا للموفق لعلة فيه
2- التصرفات الأخلاقية ، هي التي تنبع من أخلاق الشخص الفطرية أو المكتسبة ، فإذا تصرف تصرفا نابعا من أخلاقه عد ذلك تصرفا أخلاقيا لاوحى فيه ، كمحاولة شخص إنقاذ أخر يشرف على الهلاك فاندفاعه لهذه المحاولة ليست وحيا إنما انطلاقة أخلاقية تدل على شيمة فيه هي الشجاعة أو النبل أو المرءوة ، وكمن يفرج عن مكروب فى ساعة ضيق قد يكون هلاكه فيها فذلك من صفة الكرم المتخلق به
4- التصرفات العقلية وهى الدالة على عبقرية الشخص أو سعة أفقه أو توقد ذهنه أو ألمعيته أو ثقافته أو نضوجه العلمي أو ذكائه ، كمن يتصرف تصرفا عاقلا يدل على حكمة وروية فلا وحي حينئذ
5- التصرفات الغريزية وهى التي مردها الى الغريزة كالأكل والشرب والجماع والرضاعة لاوحى فيها واستدراكا أقول أن وحي الله تعالى لأم موسى عليه السلام المذكور في قوله سبحانه : وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم (3) لا ينصرف الى الرضاعة إنما ينصرف إلى الإلقاء فى اليم عقيب تغذيته بالرضاعة ، أو أن الوحي بالرضاعة جاء فى هذه الحالة خاصا كمرحلة سابقة على الإلقاء . بمعنى أن الأمر ليس للرضاعة ولكن للالقاء ، أذ الرضاعة لا وحي فيها باعتبارها تصرف غريزي . قال الطبري في تفسير الآية " حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن أبي بكر بن عبد الله قال لم يقل لها إذا ولدتيه فألقيه في اليم إنما قال لها أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم بذلك أمرت وقال آخرون بل أمرت أن تلقيه في اليم بعد ولادتها إياه وبعد رضاعها "
6- الفراسة . هي درب من دروب الذكاء وفطنة المتفرس وتخص المتفرس وحده وعرفها الرازي بأنها الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الأحوال الباطنة ، وجاء فى المعجم الوسيط أنها المهارة فى التعرف على بواطن الأمور من ظواهرها , ومن الفراسة قوله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (4) وقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي سعيد الخدري " اتقوا فراسة المؤمن فأنه يرى بنور الله" (5) فالمتفرس تنطلق فراسته من ذاته بلا وحي
-----------------------------
(1) الليل 5 وما بعدها (2) الطلاق 2 (3) القصص 7
(4) الحجر 75 (5)سنن الترمذي 3127 وكذا المعجم الكبير للطبراني وجاء أيضا بفتح الباري وكلاهما عن أبي أمامة .

إذن فالوحي غايته تحقيق مرادا لله سبحانه وتعالى لابد أن يكون ، وأمر الله سبحانه وتعالى ومراده الأكيد الذي لا بد أن يتحقق هو منهجه الذي أختاره لخلقه ليعبدوه به ألا وهو الدين ، والدين كما سيتبين لنا مر بمراحل زمانية متعاقبة ظل يكتمل فيها حقبة بعد حقبة ودين بعـد دين ونبي بعد نبي حتى اكتمل بدين الإسلام الخاتم هذا المنهج الذي أختاره الله قدر له منـذ الأزل أن يكون وبكيفية معينة وما كان فى مقدور أي خلق من خلقه أن يحول دون ذلك
الوحي ومحمد
----------------------
وبإنزال ما تقدم على محمد بن عبد الله قبل البعثة يمكن القول بأن محمدا كان واحدا من البشر الصالحين , وكان الوحي هدفا بالنسبة له لتحقيق مرادا لله سبحانه وتعالى ولمنهجه الذي لابد أن يكون , شأنه في ذلك صلى الله عليه وسلم شأن غيره من الصالحين المؤهلين لتلقي لهذا الوحي ، بما يعنى من وجه أخر أن تصرفاته صلى الله عليه وسلم وقتئذ كانت تنبع من أخلاقه وعقله وغريزته وفراسته وتيسير الله له ، أما الوحي فليس له إلا هذا الدور الذي ذكرته
زواجه من خديجة
فقبول زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضى الله عنها مثلا كان وحيا, إذ بالنظر إلى هذا الزواج من المنظور العادي نجد أنه زواج غير متكافئ ، فسنه صلى الله عليه وسلم أثناءه خمس وعشرون سنة بينما كان عمر خديجة رضى الله عنها أربعون عاما , وكانت هي من أشراف قريش وسيداتها الأثرياء ذوات الحزم والشرف وكان هو واحد من فتيان قريش البسطاء الأقرب الى الفقر منه الى الغنى , وكانت هى سيدته وهو أجير عندها , وكانت هى أرملة تعول أولادا وبناتا بينما كان هو فى ريعان الشباب وطراوته ولم يسبق له الزواج وكانت كل أبكار قريش وجميلاتها يتمنين وده لا لأخلاقه المعهودة فحسب وإنما لوسامته واستقامة خلقته واعتدالها وقد أورد مسلم في صحيحه عدة أحاديث في خلقته وجماله صلى الله عليها وسلم . منها مثالا : حدثنا ,, شعبة قال سمعت أبا إسحاق قال سمعت البراء يقول ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة إلى شحمة اليسرى عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم ، وحدثنا ,عن البراء قال ثم ما رأيت من ذي لمة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالطويل ولا بالقصير قال أبو كريب له شعر حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا إسحاق بن منصور عن إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير . (1)
فضلا عن أنه صلى الله عليه وسلم لم يسعى إلى الزواج بها أنما هي التي طلبت وعرضت وصرحت فالطبيعي والفطري ووفقا لعادات العرب وعرفهم ألا يقبل محمدا هذا الزواج أو يدع لنفسه فرصة يفكر فيها ويتروى ، إلا أن الله أوحى إليه ليتمه ليقضى أمرا كان مفعولا فتكون خديجة نعم السند له والمعين فكانت أول من آمنت به وأعانته بمالها وواسته وساعدته ومنعت عنه وكان موتها رضى الله عنها أشد ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .بينما كان موقفه صلى الله عليه وسلم حيال أحد أعمامه الذي كان يشكو العيلة والفاقة فأخذ أحد أولاده ليعينه تصرفا أخلاقيا بحتا ينبع من ذاته صلى الله عليه وسلم . واختلائه بغار حراء صلى الله عليه وسلم كان وحيا هداه الله إليه ليقضي أمرا كان مفعولا فيتنزل عليه جبريل بالرسالة . وقول عائشة رضى الله عنها فيما أورده بن هشام فى سيرته نقلا عن بن إسحاق : " حبب الله تعالى إليه الخلوة فلم يكن شيئا أحب إليه من أن يخلو وحده " لا يمنع من أن تكون بداية الخلوة وحي صار بعد ذلك تعلقا وحبا . بينما كان عدم سجوده لأصنام قومه واتباع دينهم تصرفا عقليا ينبع من ذاته صلى الله عليه وسلم وليس وحيا ، وكذا حسن تصرفه بخصوص حجر الكعبة .
وأنتهي من ذلك الى أن تصرفات محمد بن عبد الله كانت من منطلق ذاتي بحت وما كان الوحي إلا تدخلا إلهيا ليقضى سبحانه وتعالى أمرا كان مفعولا شأنه شأن كافة المخلوقات الموحى إليها , بما يعني من وجه صريح أن أكثر تصرفاته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة لم تكن وحيا ولكنها كانت تصرفات شكلتها عوامل فطرية وبيئية ووراثية وذاتية .-----------------------------
(1) صحيح مسلم باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان أحسن الناس وجها وذلك في الجزء الرابع


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:37 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:32 pm

[center][b]--------------------------------------------------------------------------------

حادثة شق البطن
-------------------
حديث شق الصدر جاء بأسانيد صحيحة ، فقد أخرجه البخاري في صحيحه ، والإمام أحمد في مسنده، وابن اسحاق في السيرة ، ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة ، وابن سعد في طبقات الصحابة ، وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي ، وقال الحافظ بن حجر بعد أن عرض لذكر الروايات الدالة على شق الصدر وتكرره " وجميع ما ورد من شق الصدر، واستخراج القلب، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة ، مما يجب التسليم به دون التعرض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة الإلهية ، فلا يستحيل شيء من ذلك ، إن نفي المعجزات الحسية الثابتة بالنقل الصحيح، إنما هو في الحقيقة خضوع وانصياع للفكر المادي والفلسفات الوضعية ، وسير الأنبياء ووقائع حياتهم وخصائصهم وروابطهم لا توزن بميزان الفكر المادي وحده " ( أ هـ ) إلا أن ذلك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات عليها باعتبار أن ابن حزم أثبت الواقعة بثبوت القدرة الإلهية وهو ما لا ينكر ولكنه لا يصلح بذاته سندا ، لأن طلاقة القدرة الإلهية من المسلمات ، بينما تنصب الملاحظات على حصول الواقعة يقظة أم مناما .
(1)- اختلاف زمن حدوث الواقعة : فمن رواية بأنها حدثت له صلى الله عليه وسلم وهو طفل في زمن الرضاع ومن رواية بأنها كانت في سن العاشرة , وأخرى بأنها كانت في سن العشرين , وفي بعض الروايات الأخرى أنها كانت قبل إسرائه ومعراجه , وتزعم بعض الروايات بحدوثها مرتين .
(2)- اختلاف المكان الذي حدثت فيه الحادثة مابين ذروة الجبل وشفير الوادي ، وأشهر الروايات تقرر أنها كانت بالمسجد الحرام بمكة وبعضها يقرر بحدوثها في قبيلة بني سعد بن بكر عند حليمة السعدية ,
(3)- الاختلاف في مسمى الشق ذاته وطبيعته مابين تسمية للحادثة بشق البطن وتسمية لها بشق الصدر ومن رواية تحدد المسافة من الصدر إلى البطن وأخرى تجعلها من البطن إلى العانة
(4)- الاختلاف في المادة التي أخرجها الملكان أو أخرجتها الملائكة مابين علقة سوداء ومابين مضغة ومابين شيء مجهول لا يدري رسول الله كنهه , ورواية تقول بأنها مغمز الشيطان , وتصف بعض الروايات المادة بأن الملك طرحها , وتقرر أخرى بأنه غسلها ثم أعادها مكانها .
(5)- الاختلاف في الخاتم الذي ختم به الملائكة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانه من رواية تقول أنه خاتم من نور , ورواية تقرر بأنه خاتم فقط دون وصف له ، وتحدد بعض الروايات بأن مكان الختم كان بالقلب , وتحدد بعضها مكانه بالكتف وأخرى بالظهر , وتقول رواية بأنه خاتم النبوة .
(6)- الاختلاف في عدد من طلبت الملائكة وزن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم إذ تقول بعض الروايات أن أحد الملائكة قال للأخر زنه برجل من أمته , ثم زنه بعشرة , ثم زنه بإلف , فوزنوه فزانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له تنحى فوالله لو وزنته بأمته كلها لأرجحهم , وتقول رواية أخرى زنه بمائة ثم زنه بإثم
زنه بمائة ألف , فضلا عن استحالة الوزن لأنه لم يزل طفلا ولم تكن أمته قد تكونت أو تشكلت بعد ,
(7)- اختلاف مقالة الأطفال في الروايات ومقالة السيدة حليمة السعدية في روايتها للحادثة ففي
" الاكتفا " تروي حليمة السعدية فتقول " فوالله إنه بعد مقدمه به بشهر إذ أتى أخوه يشتد فقال لي ولأبيه " ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه "
وفي تاريخ الطبري قالوا ( أي الأطفال ) " ما إربكم إلى هذا الغلام فإنه ليس منا . هذا ابن سيد قريش وهو مسترضع فينا من غلام يتيم ليس له أب , فماذا يدر عليكم قتله وماذا تصيبون من ذلك ولكن إن كنتم لابد قاتليه فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم مكانه فاقتلوه ودعوا هذا الغلام " مع ملاحظة أن الأطفال " أتراب رسول الله " المتكلمين بهذا الكلام البليغ الفصيح البين كانوا في سن مابين الرابعة والخامسة من العمر حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ظئره حليمة السعدية , بل تقرر بعض كتب السيرة أنها أخذته وعمره عامان ولم يلبث عندها مدة طويلة ، وفي رواية ثالثة قول حليمة أن نفرا من الحبشة نصارى رأوا محمدا معها حين رجعت به بعد فطامه , فنظروا إليه وسألوها عنه وقلبوه , ثم قالوا أنا سنأخذه فنذهب به إلى ملـكنا وبلدنا, فإن هذا غلام له شأن نحن نعرف أمره , فلم تكد تتفلت منهم " ، واختلافات أخرى كثيرة يضيق المقام بذكرها كالاختلاف في عدد الملائكة وأسمائهم و الاختلاف في الطست وفي الماء الذي غسل به رسول الله والاختلاف في طبيعة الاضطجاع والاختلاف في الرواة .
(8)- عند البخاري كانت الملائكة التي جاءت لتشقه مكلفة من قبل ربها تجهله ولا تعرفه صلى الله عليه وسلم من بين أترابه , حيث يسأل أولهم أحدهم قائلا أيهم ؟- أي الأشخاص هو - فيرد عليه الأخر قائلا " أوسطهم "
(9)- في ذات رواية البخاري – رحمه الله تعالى – ترتبط الحادثة بالإسراء والمعراج حيث يعقبها الإسراء والمعراج مباشرة وكأنه كان تمهدة له بينما حكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها في بعض المصادر لا يكشف عن هذا الارتباط حيث كان إجابة عن سؤال سئل إياه صلى الله عليه وسلم عن أول ما رآه من النبوة .
(10)- الأسباب التي يأخذ بها الله سبحانه وتعالى ويدبر بها خلقه ليس من بينها ما يخالف العقل حتى وإن دخل في طور المعجزة , فعندما أسرى الله سبحانه وتعالى بنبيه وعرج به إلى السماوات العلا يقظة لا مناما وروحا وجسدا وحقيقة وواقعا , كانت الأسباب والنتائج التي تضمنتها الحادثة مقبولة ولا ينكرها العقل على الرغم ما بها من معجزات , علما بأن مما لا ينكره العقل حدوده وقدراته التي يستطيع أن يدرك بها ما أهله الله تعالى لإدراكه ، وما عدا هذه الحدود مما لا يدركها هذا العقل فهو أيضا لا ينكرها ، كالغيبيات لا يدركها العقل ولكنه لا أيضا ينكرها بما يعني أن من المقبول عقلا أن يكون لهذا العقل حدودا لا يتعداها فيؤمن بما يدركه بهذه الحدود ، ويؤمن أيضا بما لا يستطيع أن يدركه لأنه فوق حدوده
(11)- كل الأنبياء كانوا بالضرورة والقوة ولزوم الرسالة من أطهر البشر وأسلمهم قلوبا ورغم ذلك ما حدثت لهم هذه العملية .
(12)- إزالة مغمز الشيطان أو حظه من قلبه صلى الله عليه وسلم يتنافى ماعلم من سياق بعض الآيات والأحاديث النبوية من أنه لكل إنسان شيطان يوسوس له ويزين له بما فيهم محمد خير الخلق وأطهرهم , قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (1) وقوله أيضا " (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (2) وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة " ليس أحد إلا ومعه شيطانه " قالت ومعك قال " ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم "(3) وتأمل كلمة أعانني تلمح فيها المجاهدة
(13)- أن الأمر يبدو وفق هذه الروايات تصحيحا لخطأ أو تداركا له أو , وجلا الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا , فما دامت الواقعة حدثت له صلى الله عليه وسلم وهو صغير لم يزل ولم يكلف بعد وما دام الأمر يتعلق بإزالة السوء من قلبه أو حظ الشيطان منه , فكان الآولى ألا يخلق بهذا النصيب أو الحظ الشيطاني منه بداءة , وإذا تمت في الأولي فما الحاجة إلى أخرى ؟ .
(14)-إزالة موطن الشر من قلب رسول الله صلى اله عليه وسلم يجرده من بشريته المفطورة كباقي البشر على احتواء النقيضين " الخير والشر " إلا بتفوقه صلى الله عليه وسلم على سائر هؤلاء البشر في كبح جماح شره ووئد هذا الشر في مهده بحيث لم يكبر معه ولم ينمو وإنما بقي في سويداء القلب ضئيلا مخنسا لا دور له في حياته ،
(15)- إن إزالة موطن الشر أو الشيطان بهذه الطريقة المادية يعطي حجة لمشركي قريش في إبائهم اتباع محمد لعدم تميزه عليهم إلا بعوامل خارجة عن إرادته وإرادتهم هي التي صنعته ووصفتهبما وصف به
(16)- إن أحدا من سكان مكة أو ما حولها تحدث بهذه الواقعة قبل إعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها بعد البعثة , وما هي بالحدث الذي يمكن تجاهله أو إخفائه أو كتمانه لعلانية حدوثه وغرابته , في الوقت الذي لا تجد فيه حدثا غريبا إلا واشتهر بين القبائل العربية كقصة الذبيح الثاني عبد الله أبو الرسول أو قصة بئر زمزم أو قصة ابرهة والفيل .
(17)- تطهير القلب المحمدي لم يكن بحاجة إلى عملية جراحية لإزالة مابه من علقة سوداء أو مضغة , أو لغسله وتطهيره ووضع السكينة والرحمة مكان ما أزيل منه , لا لاستحالة القدرة الإلهية على ذلك ، ولكن لأن طهارة هذا القلب حدثت بعوامل أخرى هي التي تحدثنا عن بعضها في هذا الفصل وما سيلي من حديث آخر عنها
(18)- يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه خاتم النبيين‏:‏ إننا نلاحظ في ذلك الخبر أمرين‏,‏ أولهما أنه غسله بماء من زمزم‏,‏ وأن الواقعة إن صحت كانت في البادية في مكان ناء عن زمزم‏ ,‏وإذا كان من ماء مع جبريل فمن أين عُلم أنه من زمزم ؟‏..‏ وثانيهما أنه ذكر أنه كان يري أثر المخيط في صدره عليه السلام‏,‏فإذا صحت الواقعة فإن المعقول أنه عمل ملك‏,‏ والملك لا يكون لعمله أثر محسوس‏,‏ ونحن نري أن الأخبار بالنسبة لشق الصدر لا تخلو من اضطرب‏,‏ وعلي فرض أنها صحيحة‏,‏ لانقول إنها غير مقبولة‏,‏ بل إننا نقبلها إن صحت‏,‏ ولكن الاضطراب في خبرها يجعلنا نقف غير رادين ولا مصدقين‏,‏ ومهما يكن الأمر في قصة شق الصدر فإن الغلام الطاهر كانت تحوطه أمور خارقة للعادة‏ .
(19)- وأفترض صاحب الروض الآنف سؤالا حتميا فكان جوابه عليه امتدادا للصورة اللامعقولة التي بدأت بها الرواية وانتهت فقال ، فإن قيل وكيف يكون الإيمان والحكمة في طست من ذهب والإيمان عرض والأعراض لا يوصف بها إلا محلها الذي تقوم به ولا يجوز فيه الانتقال ، لأن الانتقال من صفة الأجسام لا من صفة الأعراض قلنا : إنما عبر في المرة الأولى بالصورة التي رآها ، لأنه في هذه المرة كان طفلا فقال عما وجده في الطست بالثلج والبرد وفي المرة الثانية عبر عما كان في الطست بالحكمة والإيمان ، فكان لفظه في الحديثين على حسب اعتقاده في المقامين مناسبا مناسبة الذهب للمعنى المقصود .فكان تأويل ما أفرغ في قلبه حكمة وإيمانا،! فإن نظرت إلى لفظ الذهب فمطابق للإذهاب فإن الله أراد أن يذهب عنه الرجس ويطهره تطهيرا وإن نظرت إلى معنى الذهب وأوصافه وجدته أنقى شيء وأصفاه يقال في المثل أنقى من الذهب ثم قال "والحكمة في خاتم النبوة على جهة الاعتبار أنه لما ملئ قلبه حكمة ويقينا ،ختم عليه كما يختم على الوعاء المملوء مسكا أو درا ،وأما وضعه عند نغض كتفه فلأنه معصوم من وسوسة الشيطان وذلك الموضع منه يوسوس الشيطان لابن آدم " أهـ
(20)- اتخذ بعض الكافرين من هذه الحادثة دلالة على ميلاد الإنسان بطبيعة إنسانية ساقطة هي طبيعية الميل الغريزي إلى المعصية بما في ذلك رسول الإسلام الذي أقتضى الأمر تدخل جراحي إلهي يزيل عنه هذه الطبيعة الميالة إلى المعصية والآمرة بالسوء , وهو ما يتعارض بالتالي مع قوله صلى الله عليه وسلم يولد الإنسان على الفطرة , وقول سائر علماء المسلمين بنقاء الفطرة الإنسانية حتى يغلب عليها أي القوتين الشر أو الخير .
وإزاء ما تقدم أرى أن الأقرب إلى الحقيقة أن الواقعة رؤية , والرؤية بالنسبة للأنبياء تختلف عنها بالنبسة لغيرهم من البشر لكونها طريق من طرق الوحي والتبليغ الإلهي . خاصة وأن رواية البخاري تفيد أن الواقعة كانت نوما
-------------------
(1) الحج 52 (2) فصلت 36 (3) بن حبان 6416 عن شريك بن طارق


]


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:39 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:32 pm

--------------------------------------------------------------------------------

المرحلة الثانية
------------------------
أما المرحلة التي كانت عقيب البعثة فهي التي كان مهيئا فيها تماما لتلقى الوحي فلم يزده ذلك إلا حسن خلق وتأدب وسمو ورفعة وبر وإحسان حيث أدبه ربه فأحسن تأديبه وعلمه ما لم يكن يعلم وزكاه واواه من يتم وأغناه من عيلة وهداه من ضالة وشرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وكلأته عينه وحفظته وعصمه واجتباه بالحكمة والعلم ونور اليقين وتخلق هو بخلق القرآن الكريم فصار قرآنا يمشي على الأرض وتخـلق بخلق الأنبياء القويم فجمع سائر أخلاقهم الحسنة . وآيات القرآن والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم والعلماء والفقهاء والحكماء ، وأيضا كثير من المنصفين من المستشرقين والباحثين في كل زمان ومكان ، أجمعوا بغير شذوذ من واحد على سمو خلقه ورفعة قدره وسلامة قلبه ، وهو ما سيكون لنا معه وقفة متأنية فيما سيلي إن شاء الله .
ولأن هذه المرحلة هي الأهم وهي الأعظم في تاريخ الإنسانية ، حيث تغير بها وجه الأرض وانتقل الناس فيها من الظلمات إلى النور ومن الشك إلى اليقين ومن عبادة الناس إلى عبادة رب الناس ، فسوف استعرض فيها بعضا من مواقفه صلى الله عليه وسلم لتكون خير دليل على تميزه وانفراده في قراراته ورؤاه . وسأحاول أن اتبع طريقة ريما تكون جديدة وهي الوقوف عند نتيجة الحدث أو الموقف لأتناوله بطريقة عكسية , وذلك بسؤال يقوم على الافتراض والتخيل , وهو ماذا لو كانت النتيجة التي انتهى إليها الحدث أو الموقف بخلاف تلك المعلومة لدينا ؟ وبمعنى آخر ماذا لو كان الذي كتب في التاريخ وسطرته كتب السيرة غير ما كتب ومادون ؟ وسنجد أن أحدا لن يلتفت ولن ينتبه إلى الفارق بين النتيجتين . لندرك عندئذ أن تصرفاته وقراراته عليه الصلاة والسلام كانت تنبع من ذات متفردة . ذات لا تعرف إلا الحق مهما كانت عواقبه ومهما كانت أثاره , هذه الذات هي ذات محمد رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين
1- قصة الأراشي
---------------------------
قال بن إسحاق : حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبى سفيان الثقفي وكان واعية قال قدم رجل من أراش يقال له الأراشى لإبل ابتاعها منه أبو جهل فمطله ثمنها. فأقبل الأراشى حتى وقف على ناد من قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناحية من المسجد جالس . فقال يا معشر قريش من يؤدينى (1) على أبى الحكم بن هشام فأني رجل غريب ابن سبيل وقد غلبني على حقي ، فقال له أهل ذلك المجلس أترى ذلك الرجل الجالس ؟ – يريدون رسول الله والهزء به لما يعلمون ما بينه وبين أبو جهل من عداوة – اذهب إليه فأنه يؤدي لك ، فأتاه فقال له يا عبد الله إن آبا الحكم ابن هشام قد غلبني على حق لي قبله وأنا غريب ابن سبيل وقد سألت هؤلاء فأشاروا لى بك، فانطلق معه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه قام معه اتبعوه ليروا مايكون .فضرب رسول الله باب أبو جهل فقال من داخله من هذا ؟ ، فقال " أنا محمد فاخرج إلي "، فخرج وما فيى وجهه من رائحة قد انتقع لونه , فقال " أعط هذا الرجل حقه " فقال نعم أفعل , فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه , ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للأراشى الحق بشأنك , فأقبل الأراشى حتى وقف على باب الناد وقال جزاه الله خيرا والله أخذ لي حقي ، وما لبث أبو جهل أن جاء فقالوا له ويلك مالك ؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط ، فقال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب على بابي وسمعت صوته فملئت منه رعبا فخرجت إليه وإن فوق رأسه لفحل من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ولو أبيت لقتلني (2)
والسؤال ماذا لو لم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الرجل أو اعتذر له ؟
إن الطبيعي والعقلي في مثل موقفه صلى الله عليه وسلم من الضعف والهوان والبعثة لم تزل في مهدها ألا يقوم ولو أن أحد غيره لما فعل ما فعل ، ولو كتب التاريخ أنه صلى الله عليه وسلم اعتذر للرجل أو لم يقم معه لما لامه أحد ، ولدافع عن موقفه هذا وقتئذ المسلمون جميعا ، ولوجدوا لذلك أكثر من مبرر أقله تجنب رسول الله الحرج خاصة وأنه يعلم أن قريشا تريد الاستهزاء به ، وتأكد علمه بهذا عندما أخبره الرجل أنهم هم الذين دلوه عليه وهو غريب وعابر سبيل .
والتفسير الذي انتهي إليه بن إسحاق فى روايته بأن أبو جهل رأى فحلا فوق رأس رسول الله تفسير فيه نظر ، حيث قيل هذا المبرر فى أكثر من موضع قبل أو بعد ذلك ، ومن ذلك مارواه الماوردي في معجزات من " أن قريشاً اجتمعت في دار الندوة ، وكان فيهم شاعر القوم فحضهم على قتل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وقال هل محمد إلا رجل واحد وهل بنو هاشم إلا قبيلة من قبائل قريش فليس منكم من يزهد في الحياة فيقتل محمداً ويريح قومه ؟ ، فقال أبو جهل ما محمد بأقوى من رجل منا وإني أقوم إليه فأشدخ رأسه بحجر ، فإن قتلت أرحت قومي ، وإن بقيت فذاك الذي أوثره ، وعلى ذلك خرجوا فلما اجتمعوا في الحطيم خرج عليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فقام يصلي فنظروا إليه يطيل الركوع و السجود ،فقال أبو جهل فإني أقوم فأريحكم منه . فأخذ مهراشاً عظيماً ودنا من رسول الله وهو ساجد ، لايلتفت ولا يهابه وهو يراه فلما دنا منه ارتعد ، وأرسل الحجر على رجله فرجع وقد شدخت أصابعه و هو يرتعد وقد دوخت أوداجه . ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ساجد فقال أبو جهل لأصحابه خذوني إليكم فالتزموه وقد غشي عليه ساعة ، فلما أفاق قال له أصحابه ما الذي أصابك ؟ قال : لما دنوت منه أقبل علي من رأسه فحل فاغر فاه فحمل علي أسنانه فلم أتمالك ، وإني أرى محمداً محجوباً . (3) ، أو ربما برر أبو جهل – وهو الكذوب لا محالة - خوفه بهذا الفحل , وإلا فلماذا لم يرى هذا الفحل عندما سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشجه فاقتص له حمزة بن عبد المطلب وكان ذلك سببا في إسلام حمزة، ولماذا لم يرى هذا الفحل من القوا فوق رأسه الشريف القاذورات وهو ساجد يصلى ، فالتفسير الصحيح إذن هو هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي استولت على قلب هذا الجاهل ، والهيبة أحد الجوانب المهملة عن شخصيته صلى الله عليه وسلم التي لم يتناولها كثيرون شأنها شأن الذكاء والفراسة وسرعة البديهة .
2- رد الأمانات
--------------------------
من المعلوم بيقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر عليا رضى الله عنه أثناء الهجرة ليرد الودائع والأمانات التي استودعها عنده المشركون الذين ظلوا على شركهم وظلوا أيضا محتفظين عنده بأماناتهم ، إذ لم يكن أحد بمكة يخشى عنده شيء استودعه ، فماذا لو لم يرد رسول الله هذه الأمانات للمشركين وأخذها معه فى هجرته لتكون عونا له وللمسلمين وهم في أمس الحاجة إلى المال ؟خاصة وأن هؤلاء المودع عنده مالهم هم الكفار والمشركين الذين آذوا المسلمين أيما إيذاء وطردوهم من أرضهم واستولوا على أموالهم وأولادهم وأزواجهم وأمتعتهم وأذاقوهم صنوف العذاب والذل والهوان وحاصروهم وقاتلوهم وأجبروهم على ترك أوطانهم ودياره ، أو لم تكن غزوة بدر الكبرى أصلا منشأها الاستيلاء على أموال المشركين ؟ وإن كان استيلاء ليس بمفهوم السلب والنهب وقطع الطريق وإنما بمفهوم استعادة مال سبق أن انتهبه المشركين ظلما . " سمع النبي أن سفيان بن حرب أقبل فى عير له من الشام وتجارة عظيمة فيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم (4)
وعن كعب ابن مالك قال "ما تخلفت عن رسول الله فى غزوة غزاها قط غير أنى تخلفت عنه فى غزوة بدر , وكانت غزوة لم يعاتب الله ورسوله فيها أحد تخلف عنها . وذلك إنما لأن رسول الله إنما أراد عير قريش فجمع الله بينه وبين عدوه من غير ميعاد. (5) وليس ذلك توقفا عند هذه الغزوة التي كانت بوحي من الله وإذن بالقتال . إنما أتخذها قياسا على أن الحق سيكون معه صلى الله عليه وسلم لو كان أخذ الأموال المودعة عنده ، فلماذا إذن لم يأخذها رسول الله ؟ ولماذا لم تشغله أحداث الهجرة الجسام عن ردها ولماذا لم يستشر صحابته العدول في ذلك ؟ ولماذا لم يأخذها ولو على سبيل التأقيت ثم يردها خاصة وأن أحدا لم يطلبها منه ؟ وماذا لو كتب التاريخ أنه أخذها تحت هذا المسمى أو ذاك ؟ لا ضير ولا ضرر ولا عيب ولا مأخذ
[/center[/b]


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:40 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:34 pm

[cen--------------------------------------------------------------------------------

- شراء إحدى الراحلتين :
--------------------------------------
جاء أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم براحلتين للهجرة ليختار أفضلهما وقال اركب فداك أبى وأمي ، فقال له رسول الله " لا أركب بعيرا ليس لى "، قال أبو بكر فهي لك يا رسول الله . قال " لا إلا أن أبتاعها منك "(6) ، وأمام إصراره رضخ أبو بكر وأخذ الثمن .. فماذا عليك يا رسول الله لو ركبت وأبو بكر يهب لك الراحلة ؟ ماذا عليك لو ركبت حتى وصلتما إلى المدينة المنورة ثم تكلتما فى الثمن ؟ ماذا لو كتب التاريخ هذا أو ذاك ؟. لاشيء
4- فاطمة والخادم :
------------------------
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها خميلة ووسادة حشوها ليف ورحاءين وسقاء وجرتين . فقال علي قد جاء الله آباك بسبي فاذهبي فاستخدميه فآتت آباها فاستحيت أن تسأله ورجعت . ثم عادت إليه ثانية ومعها علي ، فقال على " والله لقد سنوت (7) حتى قد اشتكيت صدري ، وقالت فاطمة لقد طحنت حتى مجلت يداي (8) وقد جاء الله بسبي وسعه فاختدمنا (9) فأبى عليه الصلاة والسلام دون أن يبدي سببا وفي رواية أنه قال " لا أعطيكما وادع أهل الصفة تطوى بطونهم " فرجعا ، فأتاهما النبي وقد دخل في قطيفة لهما إذا غطت وجهيهما كشف قدميهما وإذا غطيا قدميهما تكشفت رأسهما فثارا – أي قاما حياءا – فقال لهما " مكانكما وأبدلهما ذكرا دبر كل صلاة خير مما سألاه (10) ، إلا أن ذلك لا يمنع من السؤال ماذا لو منحهما الخادم ؟ وماذا لو كان الذي علمناه من سيرته أنه أعطاهما خادما ؟ أينقص ذلك من قدره أو قدرهما أو يعيبهما ؟ كلا .
5 - مفاتيح الكعبة :
---------------------------
عندما فتح الله سبحانه وتعالى على نبيه مكة المكرمة طلب رسول الله مفاتيح الكعبة وكانت وقتئذ مع بنوعبد الدار آل طلحة , وكان معظمهم لم يزل على الشرك ولم يدخل الإسلام منهم إلا قليل , ومن بين هؤلاء الذين دخلوا الإسلام حديثا قبيل فتح مكة عثمان بن ابى طلحة رضى الله عنه فطلب منه رسول الله المفاتيح . فذهب من فوره يحضرها فوجدها مع أمه " سلافة بنت سعيد " ,فأبت أن تعطيه إياها فجاهد معها وهى على إبائها. - لما فى ذلك من شرف معروف لدى العرب- حتى وضعت المفاتيح فى حجزها فلم يجد طلحة إلا أن يستل السيف عليها مهددا بالقتل فأعطتها له مرغمة , وكان القلق في هذا الوقت قد بدا على رسول الله حتى تحدر العرق منه مثل الجمان وهو يقول ما يحبسه . إلى أن جاء وأعطاه المفاتيح ، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم من مهمته داخل الكعبة خرج وبيده المفاتيح . فتطلع إليها الصحابة ومد معظمهم عنقه لينال أحدهم هذا الشرف العربي التليد . وقال على رضي الله عنه لرسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، ولكن رسول الله سأل عن عثمان فجاءه ومثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره رسول الله بموقف كان بينهما فى بداية البعثة ، وهو أن عثمان هذا كان قد فتح الكعبة وقت أن كانت المفاتيح معه فأراد رسول الله أن يدخلها فأبى طلحة وأغلظ له فقال له صلى الله عليه وسلم " لعلها تكون بيدي يوما ما يا عثمان " فقال له عثمان " إذا هلكت قريش يومئذ وذلت ، فقال له رسول الله " بل عمرت وعزت يومئذ "
فتذكر عثمان هذا الموقف فتملكه الخجل وقال لرسول الله أو مازلت تذكر ذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم بصوت مسموع "يوم بر ووفاء خذوها آل طلحة خالدة تالدة لا ينزعنها منكم إلا ظالم (11)
والسؤال الآن ماذا لو انه صلى الله عليه وسلم أخذ المفاتيح لنفسه بصفته الرسول والقائد والأمام ؟ وماذا لو أعطاها أحد من صحابته وهم الذين سألوه إياها حتى انه أراد أن يهون عليهم فقال لهم أعطيكم من المناصب ما يكلفكم مالا ولا أعطيكم ما تأخذون عليه مالا (12) ، ماذا لو كان الذى سجله التاريخ أنه استرد المفاتيح لتعود إلى المسلمين باعتبار الكعبة قبلتهم و البيت الذي يحجون إليه ، وليس من الطبيعى أن تكون مع المشركين خاصة أل طلحة المعروف دورهم البارز فى العداء للمسلمين وعلى وجه الخصوص إبان غزوة أحد . لن يتوقف أحد ولن يعد ذلك مأخذا على رسول الله بل من مآثره .
6- اذهبوا فأنتم الطلقاء :
-------------------------------
ثم ما هذه المقولة التى حفظتها الإنسانية وعفى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشركي مكة وكفارها وتاريخهم الأسود الملطخ بالإيذاء والشر والحصار والطرد والحروب والمؤامرات وهي"اذهبوا فأنتم الطلقاء"(13) أي فاتح عرفته البشرية لم ينتقم ممن طردوه وأتباعه أن لم يكن بالسجن والقتل والتعذيب فهي صفات لا يتصف بها الأنبياء فعلى أقل تقدير بعقد المحاكمات أو المحاسبة والمسائلة او التعزير .فشيئا من هذا لم يحدث وأجزم لو أن قلوب البشر كلها اجتمعت حينئذ على موقف تتحد فيه آرائهم وتتفق راضية إزاء هؤلاء المشركين لكان الخيار الأمثل هو تخييرهم بين الدخول فى الإسلام أو العفو ، وكان من الممكن أن يلتهبها رسول الله فرصة ويخيرهم هذا الخيار العادل ، خاصة وأن اغلب هؤلاء الذين فتحت عليهم مكة هم صناديد قريش وأكابرها ممن قضى رسول الله ثلاثة عشر سنة يجاهد داعيا إياهم الدخول فى الإسلام . وعاتبه ربه أكثر من عتاب لتكليفه نفسه فوق ما يحتمل لترغيبهم ورغبته فى إسلامهم , ألا انه لم يفعل شيئا من ذلك بل التمس لهم فرص العفو لا عند دخول مكة فحسب ولكن قبل وبعد ذلك ، " أخرج الطبرانى عن عروة رضى الله عنه قال العباس يا رسول الله إني أحب أن تأذن لى أن آتى قومي فأنذرهم ما نزل وأدعوهم الى الله ورسوله فأذن له ، فقال العباس علمني كيف أقول لهم . بين لى من ذلك أمانا يطمئنون إليه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قل لهم من شهد أن لااله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو آمن ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن،فقال العباس إن آبا سفيان ابن عمنا وأحب أن يرجع معي فلو اختصصته بمعروف فقال صلى الله عليه وسلم "ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن "(14) إلى أن دخل رسول الله مكة فى أبهى مظاهر النصر والعزة والكرامة مؤيدا بنصر الله والفتح المبين تحت رايات عشرة آلاف من خيرة أجناد الارض على مر العصور
فكان أول ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطلعت إليه القلوب والأبصار بعضها فى وجل وخوف ورعب وبعضها فى أمان وسلام وكرامة أن امسك بعضدي باب الكعبة فقال فيما قال" ما تظنون آني فاعل بكم ". فكأنهم وجدوا طوق الأمان ينتشلهم من الرعب والفزع فقالوا خيرا.. أخ كريم وأبن أخ كريم وقد قدرت فقال " اذهبوا فأنتم الطلقاء " قال البيهقى" فكأنما نشروا من القبور فدخلوا فى دين الله أفواجا " (15) ، فلماذا إذن لم يحاسبهم رسول الله وقد تصور الجميع ذلك مسلمين وكفار . حتى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه " قد أمكن الله منهم لأعرفنهم بما صنعوا . "(16)، أي أن عمر بن الخطاب كالبشر مهما علت رتبته فى الإيمان ودرجته فى الإسلام ومهما صفت سريرته قد تأججت فى قلبه الرغبة الفطرية فى الانتقام فلما سمع مقالة الرسول قال " افتضحت حياء من رسول الله أن يكون سمع ما بدر منى (17)وهؤلاء هم بعض أئمة قريش يفرون خارج مكة بأرواحهم خشية انتقام رسول الله . . نذكر منهم . صفوان بن أمية . حويطب بن عبد العزى . النضر بن الحارث . عكرمة بن أبي جهل .
ولنضرب مثلا بالأول ،
------------------------------
عن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما " لما كان يوم الفتح هرب صفوان بن أمية حتى أتى الشعب فجاءه ذات يوم عمير بن وهب فظن صفوان أن عميرا يريد قتله - وكان كلاهما اتفقا على قتل رسول الله وفشلت خطتهما لما علم رسول الله بوحي من الله ما دار بينهما - فقال له صفوان ما كفاك ما صنعت بى حملتني دينك وعيالك ثم جئت تريد قتلى.قال آبا وهب جئتك من عند رسول الله وقد أمنك ودعاك أن تدخل في الإسلام وإلا سيرك شهرين(18)وكان عمير قد استأمن لصفوان عند رسول الله فأمنه رسول الله - فقال صفوان لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها فعاد عمير لرسول الله وأخبره فأعطاه رسول الله عمامته وعاد لصفوان . فرجع صفوان حتى انتهى الى رسول الله فقال له يا محمد أن عمير بن وهب جاءني ببردك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فأن رضيت وإلا سيرتني شهرين . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " انزل آبا وهب " فقال الأخير لا والله حتى تبين لى فقال رسول الله " بل لك تسير أربعة أشهر فنزل . وخرج رسول الله قبل هوازن ومعه صفوان وهو كافر وأرسل إليه يستعيره سلاحه فأعاره سلاحه - مائة درع بأداتها - إلا انه سأله أطوعا أم كرها ؟ فقال رسول الله "بل عارية رادة فحملها إلى حنين " فبينا رسول الله يسير في الغنائم وجد صفوان ينظر إلى شعب ملاء نعما وشاء ورعاء فأدام النظر إليه ورسول الله يرمقه فقال له " آبا وهب أيعجبك هذا الشعب قال نعم قال " هو لك " فقال صفوان ما تطيب نفس بهذا إلا نفس نبي وشهد وأسلم مكانه (19) الإجابة أذن كسابقتها لن يتغير فى الأمر شئ ولن يحاسب التاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ter]
[b][/center]


عدل سابقا من قبل ابو ياسر في الأربعاء مارس 05, 2008 4:41 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ياسر
نائب المدير العـــام
  نائب المدير العـــام
ابو ياسر


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 22622
الدولة : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Ymany10
  : لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) 70

لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) Empty
مُساهمةموضوع: لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )   لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق ) I_icon_minitimeالأربعاء مارس 05, 2008 4:35 pm

--------------------------------------------------------------------------------

7 - عبد الله بن أبي سرح
-----------------------------------
كان من كتاب الوحي ثم ارتد وصار إلى قريش يحدثهم الكذب ويقول إني كنت أصرف محمدا حيث أريد , وفيه نزل "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ )(20) فلما كان يوم الفتح أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه فنذر عباد بن بشر الأنصاري أن يقتله , فلما ضاقت الأرض بهذا المهدر دمه لجأ إلى عثمان بن عفان أخوه من الرضاعة ، فغيبه عثمان ثم خرج به بعد اطمئنان ، ثم استأذن عثمان رسول الله في العفو عن بن أبي سرح , فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظل به عثمان ورسول الله ساكت ينظر إلى عباد بن بشر ينتظر أن يفي بنذره ، والأخير واقف ويده على قائمة سيفه ينتظر أمر رسول الله له ، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبسط عبد الله بن أبي سرح يده يبايع رسول الله فبايعه .ثم قال رسول الله بعد ذلك " أعرضت عنه مرارا ليقوم أحدكم إليه ليقتله "(21) وفي رواية " أليس منكم رجل رشيد يقوم فيضرب عنقه " (22)وفي أخرى " ما صمت إلا ليقوم إليه أحدكم فيقتله " (23) فقال عباد بن بشر كنت أومأ إلي بعينك يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم " ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين"(24) وهنا ينطلق السؤال مرة أخرى وليست بأخيرة , ماذا لو كان الذي علمناه أن رسول الله أومأ فعلا بعينه لهذا الصحابي ؟ لم يكن ليتغير شيء ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث من قبل ربه والموحى إليه وهو القائد والمعلم والمشرع والحاكم وهو الذي أهدر دم هذا المرتد الذي افترى عليه الكذب وادعى أنه يوحى إليه ولم يوحي إليه الله بشيء . وهو المنوط به إقامة الحد أو تكليف أحد من أتباعه بذلك , وطريقة التنفيذ تكون بأي طريقة تلائم الموقف بالقول أو بالفعل أو بالإشارة , والإشارة قد تكون باليد أو بالإيماءة أو بأي حركة أو سكنة يفهم منها وجوب التنفيذ , فلا ضير إذن لو كان فعل ذلك ولن يكون ذلك مأخذا عليه بأي حال من الأحوال . خاصة وأن الذي ستناله هذه الايماءة كافر مرتد افترى على الله ورسوله كذبا .
8 - عبد الله بن أبي بن سلول .
--------------------------------------
أخرج الشيخان عن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي فقال له أعطني قميصك أكفنه فيه .وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال آذني أصلي عليه(25) " فلما أراد أن يصلي جذبه عمر وقال له أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ فقال رسول الله " أنا بين خيارين إذ قال (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)(26) فصلى عليهم فنزلت (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) (27) وعند أحمد عن عمر قال عمر " يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل كذا وكذا قال - ورسول الله يبتسم - حتى إذا أكثرت عليه قال " أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت قد قيل لي " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم " لو أني أعلم أني لو زدت عن السبعين غفر له لزدت ثم صلى عليه فنزلت (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)فما صلى رسول الله بعدها على منافق " (28) إذن فعبد الله بن أبي كان معلوم النفاق للكافة وعرف برأس المنافقين وأنه عدو لله ورسوله ، وأنه بالبناء على ذلك في الدرك الأسفل من النار حسب وعيد الله للمنافقين ، وأن مقتضى التخيير في الآية هو ألا يستغفر صلى الله عليه وسلم وبالتالي لا يصلي عليهم وقد فهم ذلك رسول الله وعلمه جيدا . إلا أنه استخدم فطنته ورحمته في التخيير وصلى على المنافق مادام لا يوجد نص صريح يحرم عليه ذلك من ربه ، حتى إذا نزل التصريح امتنع رسول الله عن الاستغفار لهم والصلاة عليهم أو الإقامة على قبورهم , ولو أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلي عليه لكان معه الحجة والمبرر الذين أرادهما عمر وأيده الله تعالى عليهما وهو أن الله تعالى نهاه عن الاستغفار للمنافقين بالتخيير وبالتالي عن الصلاة عليهم , ولو أن التاريخ كتب أن رسول الله اعتذر لأبنه عن عدم الصلاة عليه لما توقف أحد وتسائل لماذا لم يختار صلى الله عليه وسلم الاستغفار له ؟ ولماذا لم يصلي عليه مادام النهي لم يتحصل بعد


9- بيعة النساء
----------------------
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (29) وقالت رضي الله عنها وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها(30)
وعن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقلن نبايعك يا رسول الله على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فيما استطعتن وأطعتن " قالت " فقلت الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة " (31)وتحت عنوان بيان صفة بيعة النساء وبيعة من كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح قال الإسفرائييني عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت "ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال اذهبي فقد بايعتك"(32)
وكذا أفرده مالك في الموطأ عن الزهري لفظ " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا اخذ عليها فأعطته قال اذهبي فقد بايعتك " وفسر النووي هذا الاستثناء بقوله " وتقدير الكلام ما مس يد امرأة قط ولكن يأخذ عليها البيعة ثم يقول لها اذهبي الخ " و أخرج إسحاق بن راهويه بسند حسن عن أسماء بنت يزيد مرفوعا إني لا أصافح النساء (33) وعن عائشة أيضا أن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقبض يده فقالت يا رسول الله مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه قال " إني لم أدر أيد امرأة هي أم يد رجل قالت بل يد امرأة قال لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء كراهية ريح الحناء " (34)
الذي لا شك فيه أن مصافحة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء في أي مرحلة من مراحل حياته النبوية ستكون سنة لها حجيتها وذريعة لمصافحة النساء ولمس أيديهن ولن يكن للنهي عن مس النساء أثر بليغ حالئذ .
ولكن المأخوذ من واقعة البيعة هذه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصافح النسوة اللائى جئن لمبايعته من منطلق النهي عن مصافحتهن وإلا لقال صلى الله عليه وسلم إني نهيت عن ذلك , ولكن الواضح أن ذلك خلق تخلق به صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وقبل أن يوحى إليه ، وآية ذلك قوله إني لا أصافح النساء , وهي قولة تأخذ على اطلاقها الزماني والمكاني وتحت أي ظرف من الظروف ، وفي موضع آخر قول عائشة :
" ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط "
بما يدل ذلك دلالة قاطعة على استقلاليته وتفرده وتميزه صلى الله عليه وسلم عن سائر الخلق , حيث لم يثبت ذلك عن غيره في الأولين أو الآخيرين , علما بأنه لو كان فعل ذلك لعد ذلك استثناءا وخصوصية له على أقل تقدير حتى يتناسب مع نهيه عن ذلك , وسنرى بعد إن شاء الله أن من بعض فضائله وخصوصياته صلى الله عليه وسلم حرمته على النساء وحرمة النساء عليه وجواز اختلائهن به , فلن يكون ثمة ما يمنع أن تكون من خصائصه مصافحتهن أو ملامسة أيديهن ، أو ربما لو كان فعل لجاءه النهي بعد ذلك فيكون ذلك النهي ناسخا وحكما له حجيته والعمل به .
ثم لنتوقف عند هذه اللقطة الفريدة عندما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن يد المرأة التي مدت يدها من وراء حجاب لتناوله كتابا . ففيها أنه صلى الله عليه وسلم شك في هذه اليد أهي يد رجل أم يد امرأة , وشكه هذا محمول على احتمالين أحدهما – وهو الاحتمال الأدنى – أنها يد امرأة ، لأن احتمال أن تكون يد المرأة أشبه بيد الرجل أقرب من احتمال أن تكون يد الرجل أشبه بيد المرأة ، وقد أخذ بالاحتمال الأدنى , وما كان عليه من غضاضة إن هو أخذ بالاحتمال الآخر وأخذ منها الكتاب ، خاصة وأن الأمر لن يعدو ذلك ولن يمتد إلى الملامسة أو حتى المصافحة وهو بذلك لا يضع أساسا لبرأة المرء لدينه باتقاء الشبهات فحسب إنما يجسد شخصيته المستقلة أروع تجسيد ويعبر عن هذه الشخصية أروع تعبير بغير مبالغة وبغير تكلف وبكل ما تحتويه النفس البشرية من فطرة سوية سليمة غير مشوبة بعيب أو تردد .
10 - أعرابي يبول
-------------------------------
عن أنس بن مالك قال دخل أعرابي المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته ثم قام إلى ناحية المسجد فبال قال فصاح به الناس فصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ ثم دعا بذنوب من ماء فصبه على بول الأعرابي (35) وبرواية أخرى عن أنس بن مالك أيضا قال بينما نحن في المسجد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مه مه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزرموه دعوه " فتركوه حتى بال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر وإنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن " ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فشنه عليه (36)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " (37) ، وفي سنن البيهقي قوله رواه البخاري في الصحيح عن الحجبي ورواه مسلم عن قتيبة كلاهما عن حماد بن زيد ، وفي مسند الشافعي قال النبي علموا ويسروا ولا تعسروا (38)
لقد انطلق الصحابة رضي الله تعالى عنهم من منطلق دعاهم إلى موقفهم الذي اتخذوه من هذا الأعرابي الجلف وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم من منطلق آخر دعاه إلى موقفه الذي اتخذه تجاه ذات الرجل ، أما منطلقهم فهو منطلق النفس البشرية بأسرها حين يعرض أمامها تصرف مثل تصرف هذا الرجل الذي بال في بيت من بيوت الله أمام الناس وفي مكان أعد للعبادة والذكر والصلاة وتغشاه الملائكة فضلا عن خير البرية محمد وصحبه , أما منطلقه هو صلى الله عليه وسلم فمنطلق ذاته المتفردة المستقلة
لم تمكنهم فطرتهم السوية من الصبر على الرجل حتى يقضي حاجته ، بينما مكنت فطرة رسول الله نفسه من الصبر , ولم يتمالكوا فصاحوا وهموا بالرجل وأرادوا أن يقعوا فيه ، بينما تمالك هو وهو فقط الذي يمكنه أن يتمالك , نبع تصرفهم إذن من تلقائية محضة ونبع تصرفه صلى الله عليه وسلم أيضا بتلقائية محضة ، ولكن كان الفارق بين التصرفين هو الفارق بين الناس جميعا وبينه صلى الله عليه وسلم ,
------------------------------------
(1)يرد لي حقي
(2) سيرة بن هشام (3) أعلام النبوة للماوردي باب معجزات عصمته صلى الله عليه وسلم (4) ذكره الطبري في تفسيره وتاريخه وقال رواه عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن عبد الله بن عباس وكذا بن كثير نقلا عن ابن اسحاق وغيرهما
(5) مسند اسحاق بن راهوية الحنظلي ورواه الطبري في الرياض النضرة عن ابن اسحاق والطبري في التاريخ
(6) تاريخ الإسلام للذهبي غزوة بدر
(7) سنوت : أخرجت الماء بالدلو من البئر
(8)مجلت يدي: ورمت وظهر تخن جلدها
(9) اتخذتما خادما (10) قال الإمام أحمد في الأحاديث المختارة اسناده صحيح
(11) السيرة النبوية لابن هشام (12) حياة الصحابة للكاندهلوي
(13)سنن البيهقي 18055 والسيوطي في الجامع الصغير باب الشمائل وجاء في نيل الأوطار للشوكاني والطبري في التاريخ , بينما قال الألباني هذا الحديث على شهرته ليس له إسناد ثابت، و هو عند ابن هشام معضل وضعفه الحافظ العراقي
(14)صحيح مسلم 1780 باب فتح مكة
(15) سنن البيهقي الكبرى (16) حياة الصحابة للكاندهلوي (17)المصدر السابق
(18) أي أجلك (19) حياة الصحابة (20) الأنعام من الآية 93
(21) رجال نزل فيهم قرآن
(22) القرطبي في تفسير الآية السابقة وفي كتاب عون المعبود لأبو الطيب نقلا عن أسد الغابة
(23) نفس المصادر السابقة
(24) قال صاحب المستدرك صحيح على شرط الشيخين وقاله القرطبي في التفسير وأيضا في سنن البيهقي وأبي داود
(25) صحيح البخاري باب الكفن في قميص 1210 (26) التوبة 80
(27) التوبة 84 (28) رجال نزل فيهم القرآن بتصرف
(29) الممتحنة:12 (30)صحيح البخاري 6788
(31) موارد الظمآن للهيثمي أبو الحسن
(32) مسند أبي عوانه للأسفرائيني (33) فتح الباري لابن حجر ج 13
(34) السنن الكبرى للنسائي ج5 /9364
(35) مسند أبي عوانة للأسرافييني 565 (36) نفس المصدر
(37)قال المنذري صاحب الترغيب والترهيب رواه البخاري (38) مسندالشافعي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا محمد ( الباب الثاني : الأخلاق )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خاتم الأنبياء والمرسلين
» لماذا محمد
» سفينة الأخلاق
»  كتاب لماذا تزوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم عائشة وهي صغيرة
» الفائز بجائزة شاعر المليون الجزء الثاني الموسم الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصقراليماني :: المنتديات الاسلامية ::  القسم الاسلامي العام-
انتقل الى: