هل يمكن القول إن حالة الشعوب مع قاهريها وحكامها خصوصاً في العالم المتخلف وغياب الكرامة الإنسانية هو قول شاعرهم: "لي لذة في ذلتي وخضوعي، وبالتالي يأبى الإنسان المسترخص لنفسه أن يعيش إلا تابعاً ذليلاً وخاضعاً مختارا ًوهو راض بأن يعيش لغيره ويخدم من يرى أنهم أعلى منه وهو في موقعه راسم لنفسه أسفل المكان وأرخص الأشياء ينطلقون بذلك من ظنه بأنه ما خلق إلا للخدمة والنفع والكد والتعب لإراحة من يرى فيهم أنهم سادته وساسته وقادته وهو المخلوق عبداً مختاراً لهم ولطاعتهم وقهرهم ولعله يشعر بلذة الخضوع والانقياد قد تزيد عن شعوره بذلك نحو الله الخالق لكل شيء المستحق وحده سبحانه إيماناً وتسليماً لكامل خضوع الإنسان المخلوق ومطلق عبوديته لخالقه العلي الأعلى الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
تلك الحالة الغريبة والمستهجنة للإنسان المختار عبوديته لمثله والملتذ بتبعيته لغيره من بني جنسه هل يمكن اعتبارها تبلداً ذهنياً وفقداً مناعياً أصحبت عامة وضاغطة على الشعوب المقهورة بفعل حكامها وترويضهم لها وإقناعهم بها لتظل الشعوب خادمة كادحة ليس لها إلا ما يشبعها ويسقيها ويستر عورتها ويبقي على حياتها، ممتنين بذلك على سادتهم ومستخدميهم بل وداعين لهم بطول العمر وتمام الصحة والرضى عنهم! ولا ضير لديهم قولهم:
فما في سطوة الأرباب عيب
وما في ذلة العبدان عار
وإذا كان كلما سلف ذكره إنما هو من خيال الكاتب أو قرون زمان الاستعباد وما قبل الإسلام وتحريره للإنسان وتكريمه له بعبادة الخالق الديّان وأن تلك الممارسات أو التصورات الخاطئة قد انتهت وبحقوق الإنسان في العالم قد سمت وأكرمت فإن الفكرة لا تزال هي هي في عقلية الطغيان واستبداد الإنسان بأخيه الإنسان مما جعل الجماهير من الناس تستسلم لطغاتها وجلاديها وتسخر من منقذيها ومحرريها وهي تستحق عزاء وأسى القرآن في قول الملك العزيز الرحمن: "يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون" فهم لم يدعوا إلا لعبادة الله وحده لا شريك له ولا ندّ له ولا سواه وأن الرسل وأنبياء الله هم من البشر بني الإنسان الموحدين لله الداعين لوحدانيته وعبادته وحده ليسمو بني الإنسان شرفاً وعبودية لخالقهم وحده قائلين: الحمدلله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبّره تكبيراً.
وهو ما يجعل من الإنسان كل بني الإنسان سيد نفسه وخليفة الله على أرضه وقوامته وكرامته وتفضيله على كثير من خلق الله تفضيلاً، وما يفرض على الشعوب ألا تستسلم لتدجين الحكام وعبوديتهم وتأليههم من دون الله.
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: قهر الشعوب 
الخميس يونيو 11, 2009 6:40 pm
