تريم.. مدينة المساجد والمخطوطات والأربطة

قبل إعلانها عاصمة ثقافية إسلامية عام 2010م
تريم.. مدينة المساجد والمخطوطات والأربطة

تريم مدينة سبئية حباها الله بنورانيته واصطفاها بالبركات لتزهو في وادي حضرموت عامرة ببيوت الله كحاضرة علمية فكرية ثقافية تعد في الزمان والمكان واحدة من أهم المدن اليمنية التي تتميز بطابعها الديني وبقية مفردات التميز الثقافي الإنساني العالمي..
حيث امتدت في عهد الاسلام بحضور متميز وكانت عبر السنين الطويلة جوهر قصد ومنال المعرفة والتنوير لما تزخر به من موروث فكري وعلمي في الثقافة الاسلامية إذ كانت مثل مثيلاتها من العواصم والمدن الدينية في العالم الاسلامي التي ازداد نماء ازدهارها بكثرة علمائها ومدارسها ومساجدها التي بلغت أكثر من 360مسجداً تتماثل في عددها أيام السنة.
عاليمة إسلاميـــة
بهذه الصفات والمميزات وصفتها العديد من المذكرات في ذاكرة الزمان بـ«الدرة الحضرية الاسلامية» ومن هذه المذكرات تعود إلى الرحالة الانجليزية «فرياستارك» التي حلت في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ضيفاً كريماً في رحاب مدينة«تريم» وما إن رأت معالمها وقفت في انبهار لما شهدته من كمال الصورة الحقيقية المجردة التي سمتها باللوحة السبئية حيث خاطبتها ودونتها في مذكراتها فتقول:
«تريم مدينة عريقة، وهناك لوحة سبئية ثبتت في احدى درجات سلم«الشيخ علي»، ونقشت عليها أحرف الألف واللام والميم والذال، ويقال إن من بين جميع مدن حضرموت تريم فقط هي التي تمسكت بالعقيدة الاسلامية في أيام الردة التي أعقبت وفاة الرسول ولهذا فهي تعتز بماضيها الديني ولاتزال حتى اليوم أنموذجاً للمدينة الاسلامية في بلاد تعد بأكملها قلعة منيعة من قلاع الاسلام».
التسمية
تريم سميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد ملوكها، وهو تريم بن سبأ الأصغر وجاء ذكرها في «معجم البلدان» لياقوت الحموي بأنها اسم احدى مدينتي حضرموت، لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها ومدينتاها شبام وتريم، وهما قبيلتان سميت المدينتان، باسميهما: قال الأعشى:
طال الثواء على تريم
وقد نأت بكر بن وائل
موروث نفيس في مكتبة الأحقاف
إن تريم نمت وهي زاهدة بزهد الزاهدين وكانت مع كل حقبة زمنية منذ فجر الاسلام وحتى العقد الأخير من الألفية الثالثة تلوح بالأفق بروح الثقافة الاسلامية تلملم إهمالها بين مرحلة وأخرى بالعلم والعلماء إلى مايجعلها أكثر زهواً في الحياة.. فكانت في هذا الروح تتأهل بين الحين والآخر بفضل البركات السماوية والعلماء برافد التعدد المؤسسي الفكري والعلمي وبذلك امتلكت العديد من المقومات الحضارية والثقافية التي كان لها الأثر البالغ في احتلال هذه المدينة التاريخية حالة تتميز بها من بين المدن اليمنية والعربية والاسلامية من حيث المكانة الإشعاعية العلمية التنويرية التي تكتسبها المدينة الثقافية الاسلامية حيث برزت مع مطلع السبعينيات من القرن الماضي بنافذة العقد الفريد والتي تبوأت منها فيما بعد حق الاستحقاق بعضوية المدن الاسلامية عام 1994م وذلك مع انعقاد الدورة الرابعة عشرة للمجلس الأعلى لمنظمة المدن والعواصم الاسلامية.
مكتبات تريم
ورجوعاً إلى مطلع السبعينيات من القرن الماضي نجد أن مدينة تريم شهدت في عام 1970م أول الاهتمامات في شأنها الثقافي حيث تضافرت جميع الجهود سواء كانت محلية أم عربية أم دولية إلى مايوحد جمع رفوف المكتبات الخاصة والعامة تحت سقف مكتبة الاحقاف حيث كانت هذه الرفوف تعج بأمهات الكتب النادرة والمخطوطات النفيسة كانت تتوزع بين هذه المكتبات على النحو الآتي:
ـ مكتبةالحداد أسست سنة 1225م ـ 1810م
ـ مكتبة بن يحيى أسست سنة 1265هـ ـ 1848م
ـ مكتبة آل جنيد أسست سنة 1268هـ ـ1851م
ـ مكتبة آل بن سهل أسست سنة 1274هـ ـ 1858م
ـ مكتبة رباط تريم أسست سنة 1305هـ ـ 1887م
ـ مكتبة الحسن بن عبدالله الكاف أسست سنة 1334هـ ـ 1915م
ـ مكتبة الحسيني والحامدي أسست سنة1315هـ ـ 1897م
ـ مكتبة الكاف أسست سنة 1350هـ ـ 1931م
ـ مكتبة السلطان صالح القعيطي أسست سنة 1361هـ ـ 1943م.
ـ مكتبة عينات أسست سنة 1350هـ ـ 1931م
ـ مكتبة المركز اليمني جمعت سنة 1398هـ ـ 1977م
ـ مكتبة الحبشي جمعت سنة 1405هـ ـ 1984م
حيث احتوت مكتبة الأحقاف على 3132مجلداً، تضم مايربو على خمسة آلاف مخطوط.. حيث بدأت الخطوات الأولى لتأسيس المكتبة عام 1970م وذلك مع قدوم البعثة المصرية للتاريخ التي وضعت نواة للمكتبة القومية.. كما أوصت بضرورة تجميع كل المخطوطات في مكتبة وطنية ثم جاءت بعثات سوفيتية وأخرى من جامعة الدول العربية، وبمبادرة من قبل الأهالي بادر «نظار» هذه المكتبات الأهلية والموقوفة على طلبة العلم بتجميعها في مكتبة الأحقاف عام1972م.
وفي 11 إبريل عام 1976م قامت بعثة جامعة الدول العربية«المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» بزيارة المكتبة، وصورت نفائس من المخطوطات ثم قامت بزيارة أخرى في عام1983م وصورت 394مخطوطة.
ومن أنفس المخطوطات
ـ الدور المنثور في التفسير بالمأثور للشيخ /عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة911هـ.
ـ التبيان في تفسير القرآن سنة 595هـ وغيرها من النفائس.
تحضير حافل بالفعاليات
ونظر لماتزخر به مدينة تريم من موروث فكري وعلمي وثقافي اختيرت أن تكون كامثيلاتها حاضرة الثقافة الاسلامية عام 2010م وبذلك كانت من الأولويات التي أولتها القيادة السياسية هو إنشاء اللجنة العليا للإعداد والتحضير لفعاليات«تريم عاصمة للثقافة الاسلامية 2010م» والتي عملت منذ تشكيلها إلى ما يحقق الصورة الشاملة لنجاح هذا الحدث الذي تحتفي به مدينة تريم مع مطلع شهر مارس القادم.
كما حددت جميع التفاصيل التي من شأنها تعزز نجاح جميع التحضيرات وكافة الفعاليات حيث أقرت موازنة لتنفيذ المشاريع والفعاليات بنحو مليارين و182مليون ريال منها مليار و117مليون ريال مخصصة لمشاريع البنى التحتية التي تطلبها مدينة تريم والبقية مخصصة لجميع الفعاليات الثقافية.
عن هذا الاستحقاق التي تطل منه مدينة تريم كعاصمة الثقافة الاسلامية 2010م يطرح الحبيب / زين بن يحيى أحد علماء مدينة تريم فيقول: مدينة تريم تمتلك مجموعة من المؤسسات الفكرية والعلمية ومن أبرزها كون هذه المدينة حاضرة علمية عبر امتداد عهود متعاقبة.. فمن القرن السابع والثامن وهي تخرج قوافل من العلماء والدعاة في مختلف العلوم الاسلامية.. بل إن كثيراً من علماء هذه البلدة لم تحصر معارفهم في العلوم الشرعية فهناك أطباء وهناك فلكيون وهنا كيمائيين إلى آخر ذلك مايثبت عليه مخطوطاتهم ومكتباتهم العامرة بالمخطوطات التي لاتزال مليئة بهذه المعارف.
أقدم وأكبر مساجد تريم
يذكر الاخباريون العرب قبل الاسلام أن مدينة تريم كانت من بين المدن الشهيرة التي يرجع تاريخ اختطاطها إلى ما بين القرن الـ 14قبل الميلاد إلى القرن الرابع بعده وتعد مدينة تريم من أقدم المدن العربية على الاطلاق وتشير النقوش القديمة أنها وجدت منذ أوائل القرن الرابع الميلادي بل هي أقدم من ذلك، ومنذ ذلك التاريخ وقبله استمرت الحياة في مدينة العلم دون انقطاع.. وفي العصر الاسلامي شهدت المنطقة احداثاً كبيرة، وقد أصبحت «تريم» بعد ظهور الاسلام مركزاً كبيراً للعلوم والفكر والثقافة الاسلامية وكان طلاب العلم من المناطق اليمنية والافريقية المجاورة يرتادونها للتزود بالعلوم والمعرفة في اربطتها ـ جمع رباط ـ بل كانت تنهل بطلاب العلم من أندونيسا والشرق الأقصى، وأحد مفاخر المدينة، منارة جامع المحضار إذ تنتصب شامخة على ارتفاع سبعة طوابق وتعد آية في الفن المعماري.
ويعتبر أقدم المساجد المسجد المعروف بمسجد الوعل الذي أسسه أحمد بن عباد بن بشر الانصاري جد آل الخطيب التريميين ويعتبر مجسد الجامع «جامع تريم» هو أكبر مساجدها وهو يتوسط المدينة تقريباً ويصل إليه الداخل إلى تريم من بابها الجنوبي في شارع كبير رئيسي، يصل إلى ساحة الحصن ـ قلعة تريم الاثرية ـ ويقع في شماله وشرقه سوق البلد، ويعود تأسيسه إلى مايقرب من ألف سنة، فقد روت كتب التاريخ أن الحسين بن سلامة الذي ولي حكم اليمن سنة 375هـ هو أول من أنشأ هذا الجامع.
يقع مسجد المحضار في مركز المدينة وهو مقصد الزوار وهو أحسن مساجد تريم هندسة واتقاناً في البناء وأوسعها وتعد منارته تحفة معمارية غاية في الابداع ودقيقة التنفيذ والصنع والتشكيل متناسقة الألوان وفريدة في تصميمها واتزانها وتزداد الدهشة عند المعرفة بأن هذه التحفة المعمارية النادرة والشامخة عبارة عن كتلة متينة من الطين المجصص ومدعمة بجذوع الأشجار بدقة ويزداد الاعجاب عند معرفة عمرها الطويل الذي يقدر بأكثر من خمسمائة عام.

نعم سيأتي اليوم الذي تعرف فيه الدولة ...
دعاء

معاذ الجلال كتب:: نعم سيأتي اليوم الذي تعرف فيه الدولة ...

ما قصدك يا شيخ معاذ

هل تقصد أن الدولة تشجع الصوفية وإلا كيف بالله عليك وضح

وشكرا لكم

فارس الزعيم

بورك فيكم

» مدينة الضباب العربية مدينة إب باليمن
» غزة وانتصار المساجد
» تريم الغناء
» التحقيقات تكشف عن مخططات إرهابية لخلية تريم في اليمن والسعو
» لعبة تباع لأطفالنا تدعو الى تمزيق المصاحف وهـدم المساجد