أمريكا تحتفل.. عقول ومعتقلين

احتفلت الولايات المتحدة أمس السبت بذكرى عيد الاستقلال الذي يصادف الرابع من يوليو من كل عام، في ظل متغيرات جديدة هذا العام تتعلق في شقها الإيجابي بوجود إدارة جديدة تعتمد الدبلوماسية والمرونة وسياسة الحوافز في علاقاتها مع العالم على عكس الإدارة السابقة التي جلبت الكراهية لأمريكا.. وفي شقها السلبي ما يتصل بالأزمة الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة.
وإذا كانت المناسبة تأتي هذا العام بعد أيام قلائل من انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية كخطوة أولى على طريق الانسحاب الكامل أو شبه الكامل فإن ما يؤمله الشارع الاسلامي والشارع العربي هو أن تشهد المرحلة القادمة خطوات عملية وواقعية على صعيد ترجمة التوجهات التي أعلنتها الإدارة الأمريكية على لسان الرئيس باراك أوباما في خطابه الشهير الموجه للعالم الاسلامي في الرابع من يونيو الماضي من قلب العاصمة المصرية القاهرة.
وفي مقدمة ذلك العمل المشترك على صياغة علاقات أمريكية مع العالم الاسلامي تتجاوز حالة الصدام الذي خلقته أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكرسته إدارة بوش عبر سياسة القوة وحربي افغانستان والعراق اللتين كان لهما انعكاسات خطيرة وأذكت ثقافة الكراهية المتبادلة سواء في البلاد الاسلامية تجاه أمريكا أو في الشارع الأمريكي تجاه ما يمت بصلة للاسلام والمسلمين نتيجة الصورة المشوهة والمغلوطة والمتعمدة من البعض في الربط بين ظاهرة الإرهاب والعالم الاسلامي كبلدان ومجتمعات وعقيدة.
والأمر الآخر يتعلق بإيجاد حل لقضية الشرق الأوسط وإعادة عملية السلام إلى مسارها وصولا إلى قيام دولة فلسطينية، وهذا الملف سيشكل تحديا واختبارا حقيقيا لقدرة إدارة أوباما على الوفاء بوعدها والالتزام الذي قطعته خصوصا في ظل العنت الاسرائيلي والتحدي الصارخ الذي واجهت به حكومة الكيان الاسرائيلي دعوة واشنطن لوقف بناء المستوطنات بالإعلان عن بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية.
وبالنسبة لنا في اليمن جدير بالاشارة القول إن احتفال أمريكا هذا العام بعيد استقلالها جاء أيضا بعد أيام قلائل من إعلان زيادة المساعدات السنوية الأمريكية لليمن بنحو عشرة ملايين دولار، وهو مبلغ وان كان أقل مما كان مؤملا إلا انه يعد خطوة جيدة نتطلع ان تتبعها خطوات اخرى تتماشى وحجم الاحتياجات والمساعدات التنموية التي تتطلبها اليمن لمواجهة تحديات الفقر والبطالة التي تعد مكافحتها أساسا هاما على صعيد إيجاد شراكة حقيقية وتعاون مثمر لمكافحة ظاهرة الارهاب واجتثاثها من جذورها.
وفي المقابل نتطلع في هذه المناسبة إلى ان يكون هناك صدى وتجاوب مع المطالبات اليمنية للولايات المتحدة الأمريكية بتسليم بلادنا المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو وكافة المعتقلين اليمنيين في السجون الأمريكية وفي مقدمتهم الشيخ المؤيد ومرافقه زايد وتسليم اليمن ملفات الاتهام أو الادانة الصادرة في حق أي شخص من أولئك المعتقلين خصوصا وان الجمهورية اليمنية قد بدأت استعدادها لمحاكمة كل من يثبت تورطه في ارتكاب أعمال إرهابية.
العقول هي الثروة
لفت نظري مقالة مترجمة عن النيويورك تايمز للكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان تناول فيها كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وقال فيها (الآن هو الوقت الذي يتعين علينا تقديم أوراق إقامة لأي طالب أجنبي حاز على شهادة متقدمة من أي جامعة أمريكية، وانهاء القيود المفروضة على جوازات السفر من نوع «اتش 1-بي» الخاصة بالمثقفين الذين يريدون المجيء إلى الولايات المتحدة، فالوظائف التي يمكن لهؤلاء ابتكارها تفوق بكثير تلك التي قد يشغلونها في أمريكا، نعم باتت أفضل ادمغة في العالم معروضة للبيع بأسعار مخفضة، وعلينا السعي إلى شراء المزيد منها).
كما يتناول المقال مقترحات لاستغلال الأزمة الحالية من أجل تحقيق خمس غايات في مقدمتها الطلب من كل ولاية أمريكية تغيير معايير التعليم فيها لتتلاءم مع أفضل المعايير في العالم لا مع تلك المتبعة في الولاية المجاورة لها، وثانيا مضاعفة الموازنات المخصصة للبحوث العلمية الأساسية في المؤسسة الوطنية للعلوم ووزارة الطاقة والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا.. والحقيقة أن لا تعليق فكل شيء واضح!!؟