ليس بإغلاق الصحف أو منعها عن الصدور تثبت السلطات وجودها، وليس بإرهاب أمناء عموم الأحزاب وتهديدهم عبر أطقم مسلحة أو من خلال الهواتف تبرهن الدول على حضورها، ولا بقمع الاعتصامات والمسيرات السلمية أو الاعتقالات والملاحقات تؤكد الأنظمة وجودها، وليس باستباحة الحزينة العامة لشراء الولاءات أو شراء الصمت ولا بثرثرة أجهزة الإعلام الرسمية والموالية بكيل المديح للسلطات، أو بصدور قرارات التوظيف لمناصب عليا تستتب الأمور في البلدان. كل هذا مظاهر ضعف في الدول، وعلامات انهيار الأنظمة! إن العنتريات ليست من مقومات الدول القوية والمستقرة، والمحكومة بدستور والسائرة في إطار النظام والقانون: لأن الدول المتطورة لا تمارس مثل هذا النزق، وإنما تمارس هذا الطيش أنظمة افتقدت الرؤية، وتعطلت لديها البوصلة فغدت في حيرة من أمرها لا تفرق بين الشرق والغرب كما لا تفرق بين الوحدة والانفصال! كما أن إرسال الوفود إلى الخارج لا يعبر بالضرورة عن وجود سلطة أو دولة أو حكم رشيد، بل –ربما- تأتي من باب إثبات الذات، وكأنها تفعل لتقول: هاأنذا، بعد أن أحست عملياً بغيابها، فراحت تمارس كل تلك الممارسات. ليست أولويات السلطة أن تثبت وجودها للخارج، وإنما هي أحوج ما تكون إلى أن تثبت وجودها في الداخل بالتصالح مع شعبها بخلع رداء المكابرة الذي يكاد يخنقها ويدمرها، فالمكابرة من شأن المراهقين أو من صفة الصغار المتهورين الذين قادوا النظام إلى غيابة الجب والهرولة نحو المجهول. فإذا طرح النظام رداء العناد والمكابرة سيعلم أنه لن يستطيع فعل شيء إلا من خلال مشاركة كل القوى السياسية. إن النظام يعيش حيرة قاتلة أفقدته القدرة على التمييز أو اتخاذ أي مبادرة وطنية تشعرك أن هناك دولة؛ ذلك أن النظام مازال يعتقد –للأسف- أن الأدوات القديمة والأساليب العتيقة والتكتيكات البالية ماتزال تسمن وتغني من جوع! وكأن النظام يجهل أن الفانوس لا يمكن أن يحل محل الكهرباء حتى ولو لم تكن نووية، وأن الجمل لن يغني عن القطار، والاستبداد لا يمكن أن يحجب الحاجة الحياتية للعدالة والحرية التي أصبحت هدف كل اليمنيين. إن عجلة التغيير قد بدأت ولم تعد محصورة لدى قيادات المعارضة ولا في الغرف المغلقة، بل لقد أصبحت تبدل قناعات شريحة واسعة في الحزب الحاكم، وعلى السلطة ألا تسبح ضد التيار، وإن فعلت ذلك فستغرق، وقد يفرق معها البعض –وهي نسبة لا تذكر- ولكنها لن تغرق شعباً بأكمله، وخير لها أن توفر ثروات البلاد لنفع الوطن والمواطن بدلاً من تبديدها في القمع أو شراء الذمم أو إرسال الوفود بدافع الوهم لشراء عمر جديد لسلطة لا يمكن أن تستعصي على السن الإلهية، فلن يصلح العطار ما أفسد الدهر!
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: التغيير سنة إلهية 
الإثنين يونيو 29, 2009 7:23 pm
