على الرغم من زعمنا أن بلادنا بعيدة كل البعد عن خطر جائحة انفلونزا الخنازير التي ظهرت مؤخراً، لبُعدنا جغرافياً عن الدول التي ظهرت وانتشرت فيها تلك الجائحة، ولعدم وجود ذلك الحيوان الذي انتشر في أوساطه ذلك المرض الذي تؤكد الأخبار المتناقلة أن سببه فيروس تم تصنيعه من قبل إحدى كبريات الشركات العالمية، وفي نفس الوقت صنعت العقار المضاد له وتحفظت عليه إلى الوقت المناسب، ليتم دس ذلك الفيروس وحقنه في أجساد الخنازير حتى ينتشر بينها وعن طريقها إلى البشر عند أكلهم للحوم الخنازير، وما إن بدأ المرض ينتشر حتى أُعلن عن اكتشاف العقار المضاد لفيروس انفلونزا الخنازير واحتكاره، ليتسنى لتلك الشركة، التي وصلت بها الخسة إلى أعلى مستويات الانحطاط الأخلاقي، بيعه بالسعر الذي تريده وتفرضه هي، فهي صاحبة الاكتشاف الخطير الذي تظهر نفسها من خلاله على أنها تقدم خدمة كبيرة للإنسانية، ولتكسب من وراء تلك العملية ملايين الدولارات.
> ما علينا .. المهم أن هذه الجائحة تجاوزت المسافة البعيدة وكسرت حاجز الحدود المصطنعة بين الدول وتمكنت من العبور والوصول إلى بلادنا بطريقة أو بأخرى، وغزتنا إلى عقر دارنا على حين غفلة منا، فمؤخراً تم الإعلان عن ظهور عدد من حالات الإصابة بانفلونزا الخنازير والعدد في تزايد مستمر..
> العجيب والغريب أنه - حسب ما تبادر إلى مسامعي - أن مسؤولاً كبيراً في وزارة الصحة العامة صرح بأن إحدى الحالات المصابة بفيروس انفلونزا الخنازير والمعلن عنها تم اكتشافها عن طريق الصدفة في أحد المطارات بعد أن كان قد زال الشك في إصابته إثر خضوعه لفحص عبر جهاز قياس درجة الحرارة، فكانت درجة حرارته منخفضة، ما يعني انتفاء أعراض المرض عنه، لأن من أعراض الاصابة بانفلونزا الخنازير ارتفاع درجة حرارة الجسم..
ويعلم الله وحده لو كان ذلك الشخص المصاب غادر المطار قبل أن تكشفه الصدفة كم شخصا كان سيصاب بالانفلونزا عن طريق مخالطتهم ومجالستهم له، أو السعال والعطس وما إلى ذلك من وسائل انتقال العدوى.
والأغرب من ذلك أن المشكلة قوبلت - ولاتزال - ببرود أعصاب وكأن الاشتباه بحالة إصابة أمر عادي، أو أن اكتشاف حالة يُعد إنجازا يكفينا ويكف عنا عناء مواجهة المشكلة.. ومن خلال الواقع يبدو أن السائد لدى مسؤولينا مقولة «ما بدا بدينا عليه» ويغيب عنهم مبدأ (الحيطة والحذر) الذي يحرص على إعماله المحاسبون الماليون.
> ما يهمنا هنا بعد أن تم الإعلان عن اكتشاف الحالات المصابة التي تتزايد يوما بعد يوم، ما هي الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الجائحة.. وهل وفرت الدولة، ممثلة بوزارة الصحة، الأجهزة والمواد اللازمة الكفيلة بكشف أية إصابة بهذه الانفلونزا عبر إخضاع من يدخلون إلى البلاد (يمنيين أو عرباً أو أجانب) خاصة القادمين من الدول التي ظهرت فيها هذه الجائحة الخطيرة سريعة الانتشار والانتقال، في المطارات والمنافذ الحدودية للتأكد من سلامتهم وخلوهم من هذه الانفلونزا التي تنتشر بسرعة الريح في حال أُطلق لها العنان، والتي تُعد أخطر من فيروس نقص المناعة المكتسبة (الايدز) من حيث سرعة انتشارها وطرق نقل عدواها، لأنها كما يبدو صنعت بإتقان لتكون سريعة وسهلة الانتشار وتؤدي الغرض الذي صنعت من أجله..
أم سيترك الحال على ما هو عليه ونركن إلى غيرنا للقيام بدورنا، بل وننتظر الصدف والأقدار حتى تكشف لنا عن حالات إصابة جديدة لا قدر الله!.
> ونأتي للأهم وهو: كيف تم ويتم التعامل مع الحالات المصابة التي تم اكتشافها والإعلان عنها، وهل تم اتخاذ الإجراءات الوقائية الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة لمحاصرتها وصدها قبل وصولها إلينا، ولمواجهة ظهور أية حالة جديدة، لكي لا تنتقل العدوى إلى أناس آخرين، وبالتالي تنتشر وتتوسع رقعة الانفلونزا فيصعب مواجهتها والتصدي لخطرها، وعندها لن يكون لدينا الوقت لتشكيل غرف عمليات ولن ينفع عض أصابع الندم.
> ولا يغيب عن بالنا الدور الهام المأمول والمعول على وسائل الإعلام القيام به للتوعية بأعراض الإصابة بانفلونزا الخنايز، وكيفية انتشارها وانتقال عدواها من شخص إلى آخر، وكيفية تجنب الإصابة بها، عن طريق نشر رسائل توعوية مركزة ومكثفة بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات المختصة.. فذلك أقل واجب، ويجب ألا نركن الى غيرنا ليؤدي عنا مهامنا وواجباتنا ونظل في سبات عميق لن نصحو منه إلا بضربة في الرأس بفأس الانفلونزا عند ظهور حالات إصابة جديدة، كما لا نركن إلى أننا بعيدون عن خطر تلك الجائحة، فقد جربنا وأُثبت لنا أنه في عصرنا الراهن وفي ظل القرية الصغيرة لم يعد هناك شيء بعيداً.. وقد اختزلت الحالات المصابة التي ظهرت في بلادنا المسافة الفاصلة، وأثبتت ذلك.
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: انفلونزا الخنازير .. «ما بدا بدينا عليه 
السبت يونيو 27, 2009 9:34 pm
