حتي القضاء في اليمن متخبط

رفع رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي جلسة اليوم قرابة الساعة الثانية بعد الظهر دون الخروج بنتيجة واضحة في قضية استجواب وزير العدل الدكتور غازي الأغبري وسط اعتراض القاعة.

جاء ذلك عقب جلسة ساخنة هي الأولى في تاريخ المجلس حاكم فيه النواب "عبدالرزاق الهجري، وعبده بشر، وعبدالعزيز جباري "مقدم الاستجواب" وزير العدل بتهمة خرقه للدستور والقانون وممارسته التضليل للبرلمان والقضاء والقيادة السياسية ومجلس الوزراء والرأي العام في قضية سجن النائب احمد عباس البرطي، الأمر الذي تسبب برأيهم في إدخاله البرلمان والقضاء في أزمة دستورية جراء هذا التضليل.

ووسط مطالبة غالبية النواب في القاعة بطرح موضوع سحب الثقة عن وزير العدل لعدم اقتناعهم بالمبررات التي قدمها في قضية سجن النائب البرطي رفع الراعي الجلسة قائلا بأنه سيتواصل الليلة مع رئيس الجمهورية لحثه على الإفراج عن النائب البرطي خصوصا بعد التأكد للجميع انتفاء صفة التلبس عنه في جريمة قتل مدير مديرية خدير احمد الشوافي، وأكد الراعي ان إطلاق البرطي أصبح أمر ضروري وواقعي.

واعتبر الراعي كلام وزير العدل اليوم "رجوعا للحق والرجوع للحق فضيلة" - حد قوله.

وحث رئيس المجلس رئيس المحكمة العليا على أخذ ملفات القضية كاملة ومحاسبة كل من ارتكب مخالفات دستورية وقانونية في هذه القضية، واقترح أيضا التسريع بإنشاء المحكمة الدستورية لتكون مرجعية للجميع أثناء الخلاف بين السلطات، خصوصاً وأن قضية سجن عضو المجلس البرطي قد كشفت قصور التشريعات وتنازع الصلاحيات بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية.

محاولات النائبان سلطان البركاني "رئيس كتلة المؤتمر الحاكم" واحمد الكحلاني عضو الكتلة ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب والشورى" في عرقلة الاستجواب بداية الجلسة باءت بالفشل من خلال إثارتهم أن عريضة الاستجواب التي وزعت على الأعضاء في القاعة لا تحمل أسم وتوقيع مقدمي الاستجواب فضلا عن التاريخ وتحديد موضوع الاستجواب.

الأمر الذي دعا رئيس المجلس ونائبه حمير الأحمر للتأكد أن الإجراءات سليمة وأن السكرتارية أخطأت في طبع وتوزيع نسخة غير موقعة ومؤرخة وتم بعد ذلك توزيع النسخة الأصل.

ثم صعد النائب عبدالعزيز جباري إلى المنصة لتلاوة الاستجواب الذي جاء فيه أن وزير العدل ارتكب مخالفة دستورية من خلال دفاعه الشديد عن إجراءات النيابة الخاطئة في احتجاز وسجن النائب البرطي فضلا عن ممارسته التضليل ومجافاة الحقيقة في هذه القضية حسب ما جاء في مذكرة الاستجواب.

ثم استمع المجلس إلى ردود فعل وزير العدل حيث طالب في البداية بتصحيح إجراءات الاستجواب وإعطاءه فرصة أخرى للإطلاع عليه قائلاً: إن ما وصل إليه عبارة عن رسالة لا تحمل صفة الاستجواب, واستدرك الوزير"ومع ذلك نعتبر مجازاً هذه الرسالة استجواب وأنا مستعد للوقوف أمام المجلس إلى الخميس القادم، مؤكداً بأن تقديمه الملاحظات على طريق تقديم الإستجواب ليست تهربا خصوصا وأنه أول استجواب وممكن يصاحبه اخطأ سواء من قبل الحكومة أو البرلمان. وتمنى الوزير الأغبري ألا يكون هذا الإستجواب الذي وصفه "باليتيم" هو الأول والأخير في تاريخ البرلمان حتى نأصل لتجربة ديمقراطية رائعة".

هذه المرة لم يستفز الوزير أعضاء المجلس وبدأ بالثناء عليهم قائلاً "أنا سعيد لهذا الإستجواب لسبب هام كونه يعزز القيم والتقاليد البرلمانية ويرسخها في مجتمعنا".

وقال إن الاستجواب أداة رقابية بيد المجلس وتدخل في إطار صلاحياته الدستورية والقانونية للرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وهذا من شأنه تعزيز مبدأ سيادة القانون في المجتمع.

وواصل حديثه مخاطبا النواب "ثقوا أنا معكم في خندق واحد للحفاظ على الدستور والقانون، ونحن على إستعداد لتحمل المسئولية الكاملة في سبيل إرساء مبدأ سيادة القانون ورؤوسنا مقدمة على وظائفنا من أجل إرساء هذا المبدأ".

الوزير قدم عدد من الملاحظات على الاستجواب، قال إنها جوهرية من أجل التأسيس لمرحلة قادمة في أداء المجلس وفق تقاليد وقواعد برلمانية في إطار الدستور والقانون.

كلام الوزير أثار حفيظة بعض النواب وقالوا أنه أتى "لتقديم محاضرة للنواب كيفية تقديم الاستجواب" للنواب". وواصل الوزير الحديث قائلاً: لا بد أن يكون الاستجواب مؤسس على ضوء وقائع محددة ونصوص دستورية وقانونية ترتكز على هذه الوقائع ثم أوضح ما هي صلاحيات وزير العدل وعلاقاته بالسلطة القضائية حتى نستطيع تحديد المسئولية على وجه الدقة.

وأكد الوزير أن الاستجواب لا يدخل في نطاق اختصاصاته وصلاحياته، مستعرضا أمام البرلمان اختصاصات وزير العدل في إطار السلطة القضائية قائلاً: إن وزير العدل مسئول عن الشؤون المالية والإدارية في كافة المحاكم ومسئول عن التوثيق وعملية الإصلاحات القضائية التي تتبناها الدولة إضافة إلى كونه مسئول عن المعهد العالي للقضاء".

وفيما يتعلق بقضية سجن النائب البرطي قال وزير العدل إن قرار رئيس نيابة تعز ضد البرطي قرار قضائي لا يدخل في نطاق اختصاصي كوزير للعدل سواء كان هذا القرار صحيح أو خاطئ 100% - حد قوله.

وأضاف "الوزير لا يسأل عن أخطاء قرارات قضائية والقانون حدد طرق الطعن في القرارات القضائية".

وقال إن وزير العدل لا يستطيع وليس من حقه إلغاء أي قرار قضائي وهذه مسألة محسومة وليست محل نقاش أو اجتهاد وإذا حدث مثل هذا الأمر فهي جريمة لا تسقط بالتقادم وتدخلا في شؤون القضاء - حد قوله.

ونفى أن يكون قد دافع عن خطأ رئيس نيابة تعز قائلا " إنه مسئولاً عن قراراته وليس من حقي الدفاع عنه" غير أن الراعي – رئيس المجلس - أكد تعصب الوزير مع إجراءات النيابة. وقال "لو أن الأخ الوزير أتى بمثل هذا التوضيح من البداية لما دخلنا في كل هذا الجدل".

بعد ذلك استمع المجلس إلى شرح مقدمي الاستجواب ومبررات تقديمه حيث أوضح النائب عبدالرزاق الهجري أنهم استندوا للمادة (82) من الدستور التي تنص على أنه "لا يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي إلا بإذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس، وفي هذه الحالة يجب إخطار المجلس فورا وعلى المجلس التأكد من سلامة هذه الإجراءات" مشيرا إلى أن اللجنتين البرلمانية والرئاسية أكدت انتفاء حالة التلبس عن البرطي، وقالت إن إجراءات القبض تمت بالمخالفة للقانون والدستور.

وقال الهجري إن هذه القضية كشفت بجلاء حقيقة ما يدور في بعض الأجهزة الأمنية والقضائية من اختلال وانحراف عن نصوص الدستور والقوانين النافذة.

مضيفاً "وأتضح لنا من خلال هذه القضية مدى العبث الذي يمارس على بعض المواطنين فيما يتعلق بحبسهم وتقييد حرياتهم دون مسوغ قانوني ويظل هؤلاء المواطنون المغلوبون على أمرهم رهن الاحتجاز والتعسف لفترات طويلة دون مغيث أو نصير، وواصل الهجري " فإذا كنا في مجلس النواب كسلطة من سلطات الدولة قد عجزنا عن وقف الخرق الدستوري الذي ارتكبته الأجهزة بمحافظة تعز بحق النائب احمد عباس البرطي بعد أن تأكد لنا تماما عن صحة الإجراءات المتخذة تجاه النائب فما بالكم بالمواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة".

وأعتبر الهجري هذه القضية جرس إنذار ومؤشر على ما يدور في الأجهزة المختلفة للدولة، والتي قال بأنها تضع على عاتق مجلس النواب مسئولية الحد من هذه الظاهرة ومحاسبة من يخالفون الدستور والقانون.

وقال الهجري "كنا نتوقع من الأخ الوزير حينما أتى إلى المجلس في 30/3/2009م أن يعلن عن اعتذاره عن رسالته السابقة، التي أشار فيها إلى أنه تم القبض على البرطي متلبسا بتهمة القتل لاسيما بعد ثبوت عدم وجود حالة التلبس، لكن الوزير أصر في تلك الجلسة على صحة ما قامت به النيابة في تعز وأكد تلبس البرطي بتهمة القتل وأعلن تحمله كاملة المسئولية عما جاء في رسالته للمجلس.

وأشار الهجري إلى تناقض الوزير فيما جاء في رسالة سابقة التي تؤكد تلبس البرطي ورسالته الأخيرة بتاريخ 24/3/2009م والتي قال فيها "أنه ضبط مع آخرين في مسرح الجريمة من قبل أجهزة الأمن بتهمة قتل المجني عليه أحمد الشوافي" .

معتبرا ذلك إقرارا من الوزير بعدم وجود حالة التلبس وإنما قبض عليه حسب الرسالة لأنه كان في مسرح الجريمة. وعد الهجري هذا الكلام تناقض واضح يكشف بجلاء فداحة المخالفة للدستور والقانون "بل إنما جاء في رسالة الوزير قد أكد صحة تقرير اللجان المكلفة بالتأكد من سلامة الإجراءات".

وقال الهجري إن النيابة بتعز تبحث عن إدانة بأي شكل من الأشكال للنائب البرطي لتثبت أن ما قامت به من مخالفات دستورية وقانونية، مشيرا إلى ما جاء في تقرير اللجنة الرئاسية حيث جاء على لسان نائب مدير امن خدير عند سؤاله من قبل اللجنة هل كان هناك تبادل لإطلاق النار بين مرافقي المجني عليه والمتواجدين أمام المجمع الحكومي قال نعم.

ثم قال ـ والكلام لمدير الأمن ـ لقد قلت هذا الكلام للنيابة فقالوا لي لا تتكلم عن تبادل إطلاق النار؟.

وتساءل الهجري ماذا يعني هذا؟ لا يعني إلا شيئاً واحدا أن النيابة تبحث عن إدانات تبرر مخالفتها الدستورية والقانونية. ولفت الهجري إلى قيام النيابة بعد ستة أيام من الحادثة للبحث عن شهود لحالة التلبس الأمر الذي يؤكد بطلان إجراءات النيابة وثبوت المخالفة الدستورية- حد قوله.

وطالب الهجري بسرعة إطلاق النائب البرطي وتعويضه عما لحق به من ضرر مادي ومعنوي ومحاسبة من ارتكب المخالفة الدستورية ومحاسبة وزير العدل بسبب تضليله لمجلس النواب والرأي العام ما سبب أزمة بين السلتطين التشريعية والقضائية ومحاسبته عن دفاعه الشديد عن الخرق الدستوري والمخالفة القانونية.

من جهته أيد النائب عبده بشر ما ذهب إليه زميله الهجري، وقال إن وزير العدل مارس منهجية في التضليل في هذه القضية مع سبق الإصرار ليس فقط مع البرلمان وإنما مع مجلس القضاء الأعلى ومجلس الوزراء والقيادة السياسية والشعب.

كما اتهم بشر وزير العدل بانتهاك الدستور والقانون وإساءة استخدام السلطة وإخلاله في القيام بمسئوليات وزارته إضافة إلى تعمده إهانة نواب الشعب والتهكم على المؤسسة التشريعية والتسريع والعشوائية في إصدار أحكام مسبقة ضد النائب البرطي. مضيفا "يأتي هذا الإستجواب ليدق ناقوس الخطر إلى مواضع إصابتها شظايا الانفلات والفوضى وصولا إلى تدمير مقومات المجتمع على المدى البعيد فضلا عن كونها استفزازاً لمشاعر المواطنين واستنفارا للعمل بقانون الغاب - حد قوله.

وقال "إن وزارة العدل تقودها عقلية أزاحت قيم العدالة واحترام الدستور والقانون وانتهكت الحريات في بلد يتفاخر فيه بالديمقراطية الحرية.

ثم سرد النائب بشر مجموعة من النصوص الدستورية والقانونية واللائحية قال إن الوزير أهدرها وأساء فهمها واستخدامها.

يشار إلى أن مجموعة من النواب قاموا بجمع توقيعات تطالب بسحب الثقة عن وزير العدل مهددين بها كسلاح في وجه الوزير في عدم إطلاق زميلهم البرطي.

هذا صحيح


لكن الله يستر بس

شكرا لك اخي منصور
مرورك الكريم نور صفحتي

بارك الله فيك
اخي عبدالعليم