الإرهاب.. والمقدمات الخاطئة!!

عمليات التفجير التي حدثت في حضرموت، وما تبعها من تفجير شاب لنفسه على طريق مطار صنعاء، وما سبقها من حوادث استهدفت السياح الأجانب وغيرهم، هي جرائم مدانة لأنها تخدم أهداف المتآمرين على اليمن، ولا يُستبعد أن يكون وراءها قوى استعمارية تبحث عن مبررات للتدخل في شئون بلادنا، وقد لا يدرك ذلك من يقومون بهذه العمليات!! إن المسئولية تقتضي أن تدرس هذه الظاهرة وتناقش، ويتداعى من أجلها الجهات الرسمية المعنية والقوى السياسية والعلماء والمفكرون ولكن بعيداً عن المكايدات الحزبية والتوظيف السياسي، حتى يتم إيجاد وعي عام يساعد على اجتثاث فكر التدمير والخراب ومعالجة أسبابه ونتائجه. تبدأ التربية السليمة من البيت ثم المدرسة، وفي مقدمة ذلك غرس الإيمان في قلوب الناشئة والخوف من الله حتى ينبعث حب الآخرين في النفوس وعمران الحياة لا تدميرها، والحاجة ماسة إلى إيجاد ثقافة التعايش والبعد عن الفكر الإقصائي الذي لا يقبل الآخر، ولا يؤمن بغير العنف في التعامل معه، وبنظرة سريعة في حياتنا العامة ستلاحظ أن مؤسسات التعليم على كل مستوياتها تكرس عدم الإعتراف بالآخر، بل تجرّم من يخالف في تفكيره ما تذهب إليه السلطة، وكذلك الحال في وسائل الإعلام الرسمية، وفي مختلف مؤسسات الدولة، بل حتى في تنفيذ المشروعات التنموية تحاول كلها أن تصب في اتجاه إقصاء الآخر ومنعه حتى من الحصول على حقه في الخدمات ما لم يصبح تابعاً للسلطة، وفي اعتقادي أن إغلاق أبواب ونوافذ الهواء النقي لا يؤدي إلا إلى المزيد من التلوث الذي يمكن أن يجعل المستقبل أكثر ملائمة للانفجار!! بدأنا نسمع أصواتاً تحاول أن تحمل المساجد مسئولية الحوادث الإرهابية كمقدمة لتأميم الخطاب الدعوي، ومحاصرة مدارس تحفيظ القرآن الكريم، والتضييق على الدروس المسجدية، ومن ثم منع تدريس العلوم الشرعية، ومثل هذا التفكير هو الذي سيتيح المجال لبيئة خصبة ينشأ فيها الغلو والتطرف بعيداً عن الأعين، ومن خطل الرأي أن تتحول مكافحة الإرهاب إلى معركة ضد المساجد والعلماء والدعاة ومدارس تحفيظ القرآن الكريم لأن تعليم القرآن الكريم والسيرة النبوية لن يولد سوى المحبة والإخاء وفعل الخير لأن رسالة الإسلام البناء وليس التدمير. لقد سبق إلغاء المعاهد العلمية حملة شعواء ضد تلك المؤسسة التي لم نجد من مخرجاتها تفجيرات ولا إرهاب، وحينها قال وكيل الأزهر: ستجني اليمن مخاطر غياب المعاهد العلمية بعد عشر سنوات، لكن النتيجة ظهرت بعد أقل من خمس سنوات، لذلك فإن الإصرار على استخدام الحوادث الأمنية في الصراعات السياسية لن يقود إلا إلى العنف، وتصاعد العمليات الإرهابية يؤكد أن أمن اليمن واستقراره لا يمكن أن يتم إلا بتكاتف الجهود وحشد الطاقات، وتعميق الثقة، وتكامل منابر التأثير والتوجيه، كما أن أي مقدمات خاطئة في تحديد أسباب ظاهرة الإرهاب لن يقود إلا إلى نتائج خطيرة وكوارث لا تحمد عقباها