اليمن: صفقة السلاح الروسي تشغل الوسط السياسي وتخلق قضية رأي عام جديدة لملء جرائد المعارضة

جديدة لملء جرائد المعارضة

صنعاء ـ 'القدس العربي'من خالد الحمادي:خلقت صفقة
السلاح الروسي التي أبرمها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح خلال زيارته
لروسيا قبل أيام قضية رأي عام جديدة في اليمن بعد إخماد قضية الانتخابات
النيابية التي تم تأجيلها لمدة سنتين.
وأثارت صفقة السلاح الروسي التي
قدّرت قيمتها بملياري ونصف المليار دولار الكثير من التساؤلات عن أسبابها
ودواعيها في الوقت الراهن الذي يعاني منه اليمنيون الفاقة والعوز
الاقتصادي، خاصة وأنها مصحوبة بعملية أخرى لتحديث الجيش اليمني تبلغ
تكلفتها 4 مليارات دولار.
وتصدّرت هذه الصفقة الصفحات الأولى للعديد من
جرائد المعارضة والمستقلة خلال اليومين الماضيين، كما شغلت حيّزا واسعا من
حديث مقايل (جلسات) القات التي كانت تفتح نقاشاتها بصفقة الأسلحة الروسية
لليمن، التي كشفت الحكومة اليمنية عن جزء منها بقيمة مليار دولار، فيما
كشفت المصادر الروسية بقية قيمة الصفقة التي وصل إجمالي قيمتها إلى2.5
مليار دولار.
وذكرت أسبوعية (الأهالي) المستقلة أن الحكومة اليمنية
اعترفت على لسان مصدر مسؤول' توقيع صفقة لشراء ما قيمته مليار دولار أسلحة
من روسيا، خلال زيارة رئيس الجمهورية لموسكو الأسبوع الماضي، شملت شراء
مقاتلات ميغ 29 ومروحيات هيلوكبتر ودبابات من طراز تي-80، وتي-72 ومركبات
مدرعة'. وكانت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الرسمية بثّت في ساعة متأخرة
من مساء الخميس الماضي أن من أهم النتائج التي تمخضت عن زيارة الرئيس صالح
الناجحة إلى موسكو 'عقد صفقة أسلحة وتجهيزات عسكرية روسية من مختلف
التشكيلات البرية والبحرية والجوية لتعزيز القدرة الدفاعية لليمن في مجال
مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية'.
ونسبت وسائل الإعلام الروسية إلى
الرئيس اليمني قوله إن 'أداء الطائرات الروسية ميغ 29 أداء متميز، وقد
اشترت اليمن عددا منها ولكنها أعيدت إلى موسكو لتحديثها، ونحن الآن
تفاوضنا مع الجانب الروسي لشراء طائرات أخرى من نفس الطراز وأخرى هيلوكبتر
من طراز حديث وجديد إم 35 وإم 174 وبعضا من الزوارق البحرية ووسائل نقل من
شركة كماز لوسان الروسية'.
وأضاف انه تم تحديث وتطوير ما يمتلكه اليمن
من طائرات ميغ/29 في روسيا قبل أعوام وان بلده ينوي شراء المزيد من هذه
الطائرات كما يعتزم أيضا شراء طائرات ميغ/ 35 وتجري محادثات لشراء طائرات
مروحية وزوارق روسية حديثة.
هذه التأكيدات اليمنية الرسمية حسمت
التكهنات التي ظلت تتردد في الوسط السياسي اليمني لأيام قبل وأثناء زيارة
الرئيس صالح لموسكو، وتجاوزت التأويلات حدود المعقول والتي كانت وزارة
الدفاع اليمنية تنفي ما تردده الصحافة اليمنية المعارضة من أنباء بهذا
الشأن، غير أن صالح حسم الموضوع بصراحته المعهودة وكشف عن مضمون زيارته
الرسمية لموسكو دون الاكتراث بأحد، خاصة وأن الثمن لهذه الصفقة لن يدفع
نقدا وإنما (آجل) أي بقروض آجلة، تقوم معها بمحاولات مستقبلية للمطالبة
بإلغاء القروض الروسية مقابل خدمات تقدمها اليمن لروسيا.
وكانت الأنباء
تحدثت مؤخرا عن صفقة مقايضة بين اليمن وروسيا طلبت بموجبها صنعاء من موسكو
إسقاط ديون اليمن لروسيا التي تبلغ نحو 1.2 مليار دولار مقابل عقد هذه
الصفقة الجديدة من الأسلحة.
وذكر معارضون لـ 'القدس العربي' أن إبرام
صنعاء لصفقة الأسلحة الروسية بدون دفع ثمنها نقدا وكذا إسقاط الديون
الروسية على اليمن قد لا تخلو من التزامات يمنية مكلفة وباهظة الثمن
لروسيا، ربما تكون منح القوات الروسية قاعدة عسكرية في جزيرة سوقطرى
اليمنية احد هذه الالتزامات غير المعلنة والتي تنفيها الحكومة اليمنية،
بينما تؤكدها الوسائل الإعلامية الروسية.
وحظيت أخبار هذه الصفقة
وتداعياتها باهتمام بالغ في الوسط السياسي اليمني، كما اتخذتها الصحافة
المعارضة والمستقلة فرصة ذهبية لتوجيه سهام النقد اللاذع للسلطة جراء عقد
هذه الصفقة الكبيرة والباهظة الثمن في الوقت الذي تعيش فيه اليمن أزمة
اقتصادية حادة إثر تراجع أسعار النفط عالميا والذي أعلنت فيه الحكومة
اليمنية القيام بعمليات تقشفية في ميزانيتها تصل إلى 50' من ميزانية العام
الجاري 2009.
واعتبر معارضون أن صفقة الأسلحة الروسية تكشف مدى عدم
انضباط السلطة في اليمن في الالتزام بسياستها التقشفية المعلنة حيال شعبها
الذي يعاني الأمرّين من الفقر والفاقة جراء سوء الأحوال المعيشية التي
وصلت إلى درجة غير مسبوقة في اليمن منذ عقود طويلة.