من المسئول؟ موضوع للنقاش

يُجمع المعنيون والمراقبون للشأن اليمني بأن اليمن تعيش أزمة بإمكانها جر البلد لخطوات كبيرة إلى الخلف.

لكن مما تجدر الإشارة إليه هو ضعف توصيف الخلل ومن المعني أولاً بما آلت إليه الأوضاع وحتى نكون أكثر صراحة- قد يكون للمشترك نسبة من القصور أوصلت الأوضاع إلى ما وصلت اليوم جراء التنازلات أمام صلف الحاكم وقبوله بمسميات الحد الأدنى من المطالب.

تنازلات المشترك تلو التنازلات وحسن النية المفرط وإن جاءت تحت مسمى المصلحة الوطنية وهي إن استمرت ستكون -كما وصّف لها السياسي المعارض قحطان- “أي تنازلات يقدمها المشترك اليوم تعد خيانة وطنية”.

لكن العتب لمن يطوفون حول حمى الحزب الحاكم ويتناولون تحميله لما وصلت إليه البلاد اليوم على استحياء- لماذا لا نصارح الحزب الحاكم ونعلن بملء الفم بأنه ولا سواه “كونه المتفرد الوحيد بالسلطة” نحمله مسئولية ما وصلت إليه الأوضاع –فبيده الحل والعقد- بيده أن تكون اليمن أو لا تكون- بيده أن نخرج من الأزمة الراهنة ونصل إلى بر الأمان أو لا نصل –هو قبطان وطاقم قيادة السفينة الآيلة للغرق- هو لا سواه المؤتمر الحاكم- لأنه الطرف الأقوى والأقدر والمستحوذ على كل شيء –فيما أحزاب المشترك هي الطرف الأضعف في المعادلة وفقاً للمعطيات الراهنة وجرت عليه العادة “ومنها القبول بالحد الأدنى من المطالب”.

المشترك قبل انقلاب (18) أغسطس تحت قبة البرلمان كان من قبل بالحد دونه الأدنى من المطالب، ومع ذلك من الذي انقلب وحطم بل وألغى نتائج كل الحوارات السابقة وكل الاتفاقيات والحوارات ورمى بها وراء ظهره؟

- أحزاب اللقاء المشترك مغلوبة على أمرها –لن ينفع معها استجداء المؤتمر- لم تزد تنازلاته للحاكم سوى الطمع بالمزيد من إلغائه وتهميشه وإخراجه من الحراك السياسي برمته.

- ثم نأتي لنحمل الضحية ما نحمله الجلاد؟ لعمرك إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

- إن حراك المشترك اليوم وسيره في خط النضال السلمي وترتيباته القائمة لمؤتمر التشاور الوطني كجزء من رد الاعتبار لماء وجهه الذي أراقه الحاكم وأظهره أمام أعضائه وأنصاره والشعب اليمني بالعاجز الذي لا يقوى على شيء وأن الحزب الحاكم يضعه مرة بعد أخرى في مواقع لا يحسد عليها- ومع ذلك وتجارب المشترك المتعاقبة مع قرب الحاكم وتنكره لما يتم الاتفاق معه والذي لم يفق بعد من الصفة التي وجهها إليه المؤتمر الحاكم- والذي بدأ يتبنى عدداً من المواقف الدفاعية على استحياء من مقاطعة لمرحلة القيد والتسجيل التي قام بها الحزب الحاكم مؤخراً والسير البطيء والثقيل نحو مؤتمر التشاور الوطني- ومع ذلك يأتي من يحمل المشترك لماذا يقاطع؟ ولماذا لم يشارك؟ ولماذا..... ولماذا؟

ماذا مطلوب من المشترك مع كل ما يمارسه الحاكم وقد علاه الكبر وغلب عليه الأنا؟

هل كان مطلوباً من المشترك القبول بالمشاركة في انتخابات حسمت نتائجها سلفاً بآلية لجنة انتخابية تديرها السلطة وموالية للحزب الحاكم، وسجل انتخابي فاق المسجلين فيه عدد السكان، سجل مشوه وملغم.... الخ.

هل مطلوب من المشترك أن يشارك في انتخابات يواجه فيها دولة لا حزب –حزب يستخدم كل مؤسسات الدولة وأموالها وجيشها وأمنها وإعلامها وبنكها.... الخ.

هل مطلوب من المشترك أن يشارك في انتخابات يضفي فيها الشرعية على واقع هش ثبت فشله وطفح فساده بشهادة الجميع داخلياً وخارجياً وفي مقدمتهم الحزب الحاكم نفسه؟

هل مطلوب من المشترك مشاركته لما فيه إعادة ضخ المياه الآسنة ليشرع لمزيد من نهب المال العام والثروة والاستحواذ والتملك للأرض والإنسان..... الخ.

نظام يقمع شعبه، ويسفك دمه، الأجساد الناحلة والبطون الجائعة تساق لاعتصاماته وبهرجته، وطلبة المدارس يجيشون لمهرجاناته بنين وبنات، أطفالاً يحملون أعلام الحصان، تغلق مدارس بكاملها على شرف مهرجانات حزب السلطة وتربيتها على الحزبية المقيتة وحشرهم في العراك السياسي بدلاً عن الوطنية، فالولاء للحزب الحاكم يفوق الولاء للوطن.... الخ، هل هذه بشارات خير على حسن نية الحزب الحاكم؟

نظام يخون مخلصوه ويبكي تجربته مقربوه –ويهجره عقلاؤه- ويعتكف في بيوتهم ناصحوه ولم يعد يستمع لصوت العقل بقدر ما تحركه نزوات قياداته وطيش مراهقيه.

جميعنا وبلا استثناء يجب أن تكون هنالك وقفة مسئولة – ليقولوا بالصوت العالي لمن يكابر ويرفض ويلغي ويتجاوز الحوارات والاتفاقيات وينقلب على الالتزامات ويريد أن ننجم له ونجمه الأسد – من المتسبب الفعلي- فيما وصلت إليه اليوم؟

من أزم الأوضاع، وعكر الجو، وأباح البحر، وقرصن البر وجعلنا على شفا جرف هار..... ؟

المشترك اليوم في مفترق طريقين يكون أو لا يكون.. كلما تردد في خياراته واهتزت مواقفه فلن يكون قادم الأيام أفضل حالاً مما هو عليه اليوم.. وهي اليوم منفردة ومجتمعة تعظ أصابع الندم على أيامها الخوالي الذهبية وفرصتها الضائعة وجاء اليوم الذي أعلن فيه النظام باستخدامها كروتاً انتهت فترة صلاحيتها.

يحسب للمعارضة اليمنية إنجازها لتكتل اللقاء المشترك والبدء بمعارضة جادة واختيار طريق النضال السلمي كأسلوب حضاري للتغيير الشامل، تم إعلانه مؤخراً في مؤتمر للتشاور الوطني بهدف إنقاذ الوطن من أزمته، وتجنب الوقوع المدوي، وإنقاذاً للسفينة من الغرق المحدق بها، ولا خيار أمام المعارضة اليوم وخاصة مع استمرار الحزب الحاكم بالسير منفرداً نحو المجهول القادم وعدم قبوله بالآخر وتعنته بالدخول في الانتخابات القادمة وفق شروطه المحسومة سلفاً.

والله حسيب هذا الشعب –للحزب الحاكم إذا لم يفقه ويراجع حسابه الآن، ولأحزاب المشترك إن قبلت بأنصاف الحلول وبشروط المؤتمر وما اصطلح على تسميته بالحد الأدنى من المطالب.

موضوع للنقاش وهو مجرد راي وعلينا احترام وجهات النظر وشكرا