منتديات الصقراليماني


 
الرئيسيةقناة الصقر اليمالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
اضحك لوما تقول بـــس مـــع بركتنـــا {محمد المطري}
برنامج قارئ اليمن - جميع الحلقات... 1 - 30 والاخيرة
البوم يانصيبي لمجموعة من المنشدين اليمنيين كاملا
الحرب السادسة على الحوثيين في صعدة برنامج ظلال ساخنة
كتاب لا تحزن pdf من الشيخ عائض القرني كامل
رحلة الى كيرلا بالتفصيل
المسلسل اليمني (( الثـــأر )) حلقات كامله
الكوميديا الساخره (( خلطة مافيهاش غلطة )) الجزء الثالث
مسلسل كشكوش _ الحلقة الاولى
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
السبت أبريل 15, 2023 10:00 am
الجمعة أبريل 07, 2023 6:02 am
الأحد مارس 19, 2023 6:35 am
الثلاثاء يوليو 06, 2021 7:54 am
الجمعة نوفمبر 29, 2019 9:53 pm
السبت ديسمبر 29, 2018 10:17 pm
السبت أبريل 07, 2018 12:20 am
السبت أبريل 07, 2018 12:14 am









بث مباشر

 

 الصحابة رضي الله عنهم

اذهب الى الأسفل 
+3
maya
رضوان
الأسد الحزين
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:44 pm

سيد القراء


أبي بن كعب

إنه أبي بن كعب -رضي الله عنه- أحد فقهاء الصحابة وقرَّائهم، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وبايع النبي فيها، وكان من الأنصار الذين نصروا رسول الله ، واستقبلوه في يثرب، وقد شهد كل الغزوات مع النبي ، وأمه صهيلة بنت الأسود، عمة أبي طلحة الأنصاري، وكان يُكَنَّى بأبي الطفيل وأبي المنذر.
وسأله النبي ذات يوم: (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) فأجاب قائلا: الله ورسوله أعلم. فأعاد النبي سؤاله: (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) فأجاب أُبي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب النبي صدره بيده، ودعا له بخير، وقال: (ليَهْنِك العلم أبا المنذر (أي هنيئًا لك العلم). [مسلم].
وكان أبي بن كعب -رضي الله عنه- من أوائل الذين كانوا يكتبون الوحي عن النبي ، ويكتبون الرسائل، وقد قال عنه النبي : (أقرأ أمتي أبى) [الترمذي].
وكان من أحرص الناس على حفظ القرآن الكريم، قال له رسول الله يومًا: يا أبي بن كعب، إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} [البينة: 1]، فقال أُبي في نشوة غامرة: يا رسول الله: بأبي أنت وأمى، آلله سمَّاني لك؟ فقال الرسول : (نعم)، فجعل أبي -رضي الله عنه- يبكى من شدة الفرح. [مسلم].
وكان -رضي الله عنه- واحدًا من الستة أصحاب الفُتْيَا الذين أذن لهم رسول الله بالحكم في حوائج الناس، وفض المنازعات التي تحدث بينهم، وردِّ المظالم إلى أهلها، وهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن حارثة، وأبو موسى الأشعري.
وقال فيه وفي غيره: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدَّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم (أعلمهم بالمواريث) زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) [الترمذى وابن ماجه].
وكان -رضي الله عنه- لا يخاف في الله لومة لائم، وكان من الذين لا يطلبون من الدنيا عرضًا، فليس لها نصيب في قلوبهم، فعندما اتسعت بلاد المسلمين ورأى الناس يجاملون ولاتهم في غير حق قال: هلكوا وربِّ الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما إني لا آسى (أحزن عليهم) ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين.
وكان أبي بن كعب ورعًا تقيًّا يبكي إذا ذكر الله، ويهتز كيانه حين يرتل آيات القرآن أو يسمعها، وكان إذا تلا أو سمع قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون}[الأنعام: 65]، يغشاه الهم والأسى.
وقد روي أن رجلا من المسلمين، قال يا رسول الله: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا وما نلاقيها؟ قال: (كفارات)، فقال أبي ابن كعب: يا رسول الله، وإن قَلَّتْ؟ قال: (وإن شوكة فما فوقها)، فدعا أبي أن لا يفارقه الوَعْك حتى يموت، وأن لا يشغله عن حج، ولا عمرة ولا جهاد، ولا صلاة مكتوبة في جماعة، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: فما مس إنسان جسده إلا وجد حرَّه حتى مات. [أحمد وابن حبان].
وقد كان أبي -رضي الله عنه- مستجاب الدعوة، فيحكى ابن عباس أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال لجمع من الصحابة: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا. فكان ابن عباس مع أبي بن كعب في مؤخرة الناس، فهاجت سحابة، فدعا أبي قائلا: اللهم اصرف عنا أذاها. فلحق ابن عباس وأبي الناس، فوجدوا أن رحالهم ابتلت: فقال عمر: ما أصابكم؟ (أي: كيف لم تبل رحالكما؟) فقال ابن عباس: إن أبيَّا قال: اللهم اصرف عنا أذاها. فقال عمر: فهلا دعوتم لنا معكم.
وكان عمر يجل أبيَّا، ويستفتيه في القضايا، وقد أمره أن يجمع الناس فيصلي بهم في المسجد صلاة التراويح في رمضان، وقبلها كان يصلي كل إنسان وحده.
وروى أبي بن كعب -رضي الله عنه- بعض الأحاديث عن رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين، ومن أقواله -رضي الله عنه-: ما ترك أحد منكم لله شيئًا إلا آتاه الله ما هو خير له منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون به وأخذه من حيث لا يعلم إلا آتاه ما هو أشد عليه من حيث لا يحتسب. وقال له رجل -ذات يوم- أوصني: فقال له أُبيُّ: اتخذ كتاب الله إمامًا، وارض به قاضيًا وحكمًا، فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم. [أبو نعيم].
وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ويوم موته رأى رجل الناس في المدينة يموجون في سككهم، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقال بعضهم: ما أنت من أهل البلد؟ قال: لا. قال: فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:46 pm

محامي الفقراء


أبو ذر الغفاري

إنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة -رضي الله عنه-، ولد في قبيلة غفار، وكان من السابقين إلى الإسلام، وكان أبو ذر قد أقبل على مكة متنكرًا، وذهب إلى الرسول وأعلن إسلامه، وكان الرسول يدعو إلى الإسلام في ذلك الوقت سرًّا، فقال أبو ذر للنبي : بم تأمرني؟ فقال له الرسول : (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)، فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لأصرخنَّ بها (أي الشهادة) بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد ونادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
فقام إليه المشركون فضربوه ضربًا شديدًا، وأتى العباس بن عبد المطلب عم النبي فأكب عليه، وقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأنه طريق تجارتكم إلى الشام؟ فثابوا إلى رشدهم وتركوه، ثم عاد أبو ذر في الغد لمثلها فضربوه حتى أفقدوه وعيه، فأكب عليه العباس فأنقذه.[متفق عليه].
ورجع أبو ذر إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فأسلم على يديه نصف قبيلة غفار ونصف قبيلة أسلم، وعندما هاجر النبي إلى المدينة، أقبل عليه أبو ذر مع قبيلته غفار وجارتها قبيلة أسلم، ففرح النبي وقال: (غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله) [مسلم]. وخصَّ النبي أبا ذر بتحية مباركة فقال: ما أظلت الخضراء (السماء)، ولا أقلت الغبراء (الأرض) من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر[الترمذي وابن ماجه].
وكان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر، لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه جودة وقيمة، ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك، فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً، وعيرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله ، فقال لي النبي : (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال : إخوانكم خولكم (عبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) [البخاري].
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحب الله ورسوله حبًّا كبيرًا، فقد روى أنه قال للنبي : يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، فقال له النبي : (أنت مع مَنْ أحببت يا أبا ذر) فقال أبو ذر: فإني أحب الله ورسوله، فقال له النبي : (أنت مع مَن أحببت) [أحمد]، وكان يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب.
وقد أحب أبو ذر العلم والتعلم والتبحر في الدين وعلومه، وقال عنه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: وعى أبو ذر علمًا عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئًا منه. وكان يقول: لباب يتعلمه الرجل (من العلم) خير له من ألف ركعة تطوعًا.
وكان -رضي الله عنه- زاهدًا في الدنيا غير متعلق بها لا يأخذ منها إلا كما يأخذ المسافر من الزاد، فقال عنه النبي : (أبو ذر يمشى في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه السلام) [الترمذي].
وكان أبو ذر يقول: قوتي (طعامي) على عهد رسول الله صاع من تمر، فلست بزائد عليه حتى ألقى الله تعالى. ويقول: الفقر أحب إليَّ من الغنى، والسقم أحب إليَّ من الصحة. وقال له رجل ذات مرة: ألا تتخذ ضيعة (بستانًا) كما اتخذ فلان وفلان، فقال: لا، وما أصنع بأن أكون أميرًا، إنما يكفيني كل يوم شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز (اسم مكيال) من قمح. وكان يحارب اكتناز المال ويقول: بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة.
وكان يدافع عن الفقراء، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة؛ لذلك سُمي بمحامي الفقراء، ولما عرض عليه عثمان بن عفان أن يبقى معه ويعطيه ما يريد، قال له: لا حاجة لي في دنياكم.
وعندما ذهب أبو ذر إلى الرَّبذة وجد أميرها غلامًا أسود عيَّنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، ولما أقيمت الصلاة، قال الغلام لأبي ذر: تقدم يا أبا ذر، وتراجع الغلام إلى الخلف، فقال أبو ذر، بل تقدم أنت، فإن رسول الله أمرني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا أسود. فتقدم الغلام وصلى أبو ذر خلفه.
وظل أبو ذر مقيمًا في الرَّبَذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرض مرض الموت فأخذت زوجته تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: ومالي لا أبكي وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع وحدي القيام بجهازك، فقال أبو ذر: إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلا ما أمر به، فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وقال: صدق رسول الله : يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)، فصلى عليه، ودفنه بنفسه. [ابن سعد]، وكان ذلك سنة (31هـ) وقيل: سنة (32 هـ).
ش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:46 pm

--------------------------------------------------------------------------------

الشاعر الشهيد


عبد الله بن رواحة

إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي الثلاثة، وكان بين يدي النبي في عمرة القضاء يقول:
خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله
فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي : (خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل) [أبو يعلي].
وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي ، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي : (رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].
وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي ، فقال له: زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله) [البيهقي].
وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟
وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي ( في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي وابن رواحة.
ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [224-226] أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول الثلاثة، فنزل قول الله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا} [الشعراء: 227]. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وذات يوم أنشد عبد الله من شعره بين يدي النبي ، وقال:
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخَيْــــرَ أَعْرِفُـــهُ
وَاللهُ يَعْرِفُ أنْ ما خَانَنِي الخَبَــــــرُ
أَنْتَ النبي وَمَنْ يُحْــرَمْ شَفَاعَتُـــــهُ
يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِـهِ القَــــدَرُ
فَثَّبَتَ اللهُ مَا آتَـــاكَ مـِنْ حـُسْـــنٍ
تَثَبِيتَ مَــــوسَى وَنَصْرًا كَالذي نَصَروا
فدعا له الرسول : (وإياك فثبَّتَكَ الله) [ابن سعد].
وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).
وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].
فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.
فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ
يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت
إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ
ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:47 pm

سيد الحفاظ

أبو هريرة

إنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، كان اسمه قبل إسلامه عبد شمس، فلما شرح الله صدره للإسلام سماه الرسول عبد الرحمن، وكناه الصحابة بأبي هريرة، ولهذه الكنية سبب طريف، حيث كان عبد الرحمن يعرف بعطفه الكبير على الحيوان، وكانت له هرة (قطة) يحنو عليها، ويطعمها، ويرعاها، فكانت تلازمه وتذهب معه في كل مكان، فسمي بذلك أبا هريرة، وكان رسول الله يدعوه أبا هريرة، فيقول له: (خذ يا أبا هريرة) [البخاري].
وقد ولد أبو هريرة في قبيلة دوس (إحدى قبائل الجزيرة)، وأسلم عام فتح خيبر (سنة 7هـ)، ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي ويجلس معه وقتًا كبيرًا؛ لينهل من علمه وفقهه، وحاول أبو هريرة أن يدعو أمه إلى الإسلام كثيرًا، فكانت ترفض، وذات يوم عرض عليها الإسلام فأبت، وقالت في رسول الله كلامًا سيِّئًا، فذهب أبو هريرة إلى الرسول ، وهو يبكي من شدة الحزن، ويقول: يا رسول الله، إنى كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهى مشركة، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة.
فقال رسول الله : (اللهم اهد أم أبي هريرة)، فخرج أبو هريرة من عند الرسول فرحًا مستبشرًا بدعوة نبي الله ، وذهب إلى أمه ليبشرها، فوجد الباب مغلقًا، وسمع صوت الماء من الداخل، فنادت عليه أمه، وقالت: مكانك يا أبا هريرة، وطلبت ألا يدخل حتى ترتدي خمارها، ثم فتحت لابنها الباب، وقالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
فرجع أبو هريرة إلى الرسول يبكي من الفرح، ويقول: يا رسول الله أبشر، قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الرسول ربه، وأثنى عليه وقال خيرًا، ثم قال أبو هريرة: يا رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، فقال رسول الله : (اللهم حبّبْ عُبَيْدَك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين)، قال أبو هريرة: فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني. [مسلم].
وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يحب الجهاد في سبيل الله، فكان يخرج مع المسلمين في الغزوات، وكان يواظب على جلسات العلم ويلازم النبي ، فكان أكثر الصحابة ملازمة للنبي وأكثرهم رواية للأحاديث عنه ، حتى قال عنه الصحابة: إن أبا هريرة قد أكثر الحديث، وإن المهاجرين والأنصار لم يتحدثوا بمثل أحاديثه، فكان يرد عليهم ويقول: إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أراضيهم، وإن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق (التجارة)، وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا.
ولقد قال رسول الله يومًا: (من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئًا سمعه مني، فبسطت ثوبي حتى قضى من حديثه، ثم ضممتها إليَّ، فما نسيت شيئًا سمعته منه) [مسلم]، ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } [البقرة: 159- 160].
وكان لأبي هريرة -رضي الله عنه- ذاكرة قوية قادرة على الحفظ السريع وعدم النسيان، قال عنه الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنه أحفظ من روى الحديث في دهره. وقال هو عن نفسه: ما من أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وكان يحب العلم، فكان طلابه يقبلون عليه، حتى يملئوا بيته، كما كان مقدرًا للعلم، فذات يوم كان ممددًا قدميه فقبضهما ثم قال: دخلنا على رسول الله حتى ملأنا البيت وهو مضطجع لجنبه، فلما رآنا قبض رجليه ثم قال: (إنه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم، فرحبوا بهم وحيُّوهم وعلموهم) [ابن ماجه].
وكان أبو هريرة شديد الفقر، لدرجة أنه كان يربط على بطنه حجرًا من شدة الجوع، وذات يوم خرج وهو جائع فمر به أبو بكر -رضي الله عنه-، فقام إليه أبو هريرة وسأله عن تفسير آية من كتاب الله، وكان أبو هريرة يعرف تفسيرها، لكنه أراد أن يصحبه أبو بكر إلى بيته ليطعمه، لكن أبا بكر لم يعرف مقصده، ففسر له الآية وتركه وانصرف، فمر على أبي هريرة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله ففعل معه مثلما فعل أبو بكر.
ثم مر النبي فعلم ما يريده أبو هريرة فقال له النبي : (أبا هريرة)، فقال: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجد لبنًا في قدح، فقال : (من أين لكم هذا؟) قيل: أرسل به إليك. فقال النبي : أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة (الفقراء الذين يبيتون في المسجد) فادعهم، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه: كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه: لابد من تنفيذ أمر الرسول ، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي ، فقال له النبي : (أبا هر، خذ فأعطهم)، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي رأسه وهو يبتسم وقال: (أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت) قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: (فاقعد فاشرب).
قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت، فما زال النبي يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا (مكانًا)، فقال النبي : (ناولني القدح) فأخذ النبي القدح فشرب من الفضلة. [البخاري].
وقد أكرم الله أبا هريرة نتيجة لإيمانه وإخلاصه لله ورسوله ، فتزوج من سيدة كان يعمل عندها أجيرًا قبل إسلامه، وفي هذا يقول: نشأتُ يتيمًا، وهاجرت مسكينًا، وكنت أجيرًا عند بسرة بنت غزوان بطعام بطني، فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا (أي أمشى أجر ركائبهم)، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا.
وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تولى أبو هريرة إمارة البحرين، وكان نائبًا لمروان بن الحكم على المدينة، فإن غاب مروان كان هو الأمير عليها، وكان يحمل حزمة الحطب على ظهره في السوق ويراه الناس.
وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- ناصحًا للناس؛ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وبينما كان يمر بسوق المدينة رأى الناس قد اشتغلوا بالدنيا، فوقف في وسط السوق وقال: يا أهل السوق: إن ميراث رسول الله يقسم وأنتم هنا، ألا تذهبون فتأخذوا نصيبكم منه! فقالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فأسرع الناس إلى المسجد ثم رجعوا إلى أبي هريرة فقال لهم: ما لكم رجعتم؟! قالوا: يا أبا هريرة، قد ذهبنا إلى المسجد، فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئًا يقسم! فقال: وماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا قومًا يصلون، وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يذكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: فذاك ميراث محمد .
وعاش أبو هريرة لا يبتغي من الدنيا سوى رضا الله وحب عباده من المسلمين حتى حضرته الوفاة، فبكى شوقًا إلى لقاء ربه، ولما سئل: ما يبكيك؟ قال: من قلة الزاد وشدة المفازة، وقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحبب لقائي. وتوفي -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (59 هـ)، وقيل سنة (57هـ)، وعمره (78) سنة، ودفن بالبقيع بعدما ملأ الأرض علمًا، وروى أكثر من (5000) حديث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:47 pm

شبيه إبراهيم




معاذ بن جبل

إنه أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أحد السبعين رجلا الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية من الأنصار، وقد أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقد تفقه معاذ في دين الله، فوصفه الرسول بأنه (أعلم الناس بالحلال والحرام) [الترمذى].
وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يجتمعون حوله ليتعلموا منه أمور الحلال والحرام، وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: عجزت النساء أن يلدن مثله، ولولاه لهلك عمر. ومدحه عبد الله بن مسعود فقال عنه: كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين، حتى ظن السامع أنه يقصد إبراهيم عليه السلام، فقال له ابن مسعود: مانسيت، هل تدرى ما الأمَّة؟ وما القانت؟ فقال: الله أعلم، فقال الأمة الذي يعلم الخير، والقانت المطيع لله وللرسول[أبو نعيم والحاكم].
وكان معاذ أحد الذين يفتون على عهد رسول الله ، وهم: عمر، وعثمان، وعلي من المهاجرين، وأبي بن كعب ومعاذ، وزيد من الأنصار. بل قدمه عمر في الفقه، فقال: من أراد الفقه؛ فليأت معاذ بن جبل. وكان أصحاب رسول الله إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له واحتراما [أبو نعيم].
وقال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه: لو استخلفت معاذَا -رضي الله عنه- فسألني ربى عز وجل ما حملك على ذلك؟ لقلت: سمعت نبيك يقول: (يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة (مسافة كبيرة) [أحمد].
وقد بعثه رسول الله إلى اليمن قاضيًا، وقال له: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء)، قــال: أقضـي بكتاب الله. قال: (فإن لم تجد في كتاب الله)، قال: فبسنة رسول الله ، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله؟ قال: اجتهد رأيي، فضرب رسول الله صدره، وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله) [الترمذي وأبو داود وأحمد].
وقابله النبي ذات يوم، وقال له: (يا معاذ، إني لأحبك في الله) قال معاذ: وأنا والله يا رسول الله، أحبك في الله. فقال : (أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). [أبو داود والنسائي والحاكم].
وكان -رضي الله عنه- أحد الصحابة الذين يحفظون القرآن، وممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله ، حتى قال عنه النبي : (استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل) [متفق عليه].
يقول أبو مسلم الخولاني: دخلت مسجد حمص فإذا فيه ما يقرب من ثلاثين شيخًا من أصحاب رسول الله (، وإذا فيهم شاب أجحل العينين (من الاكتحال)، براق الثنايا، ساكت لا يتكلم، فإذا اختلف القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليسي: من هذا؟ قال: معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، فوقع في نفسي حبه، فكنت معهم حتى تفرقوا.
وكان معاذ يحث أصحابه دائما على طلب العلم فيقول: تعلموا العلم فإن تعلمه لله تعالى خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلم صدقه، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام.
وكان معاذ حريصا على تمام سنة المصطفى ، متمسكًا بها، وكان يقول: من سره أن يأتي الله عز وجل آمنا فليأت هذه الصلوات الخمس؛ حيث ينادي بهن، فإنهن من سنن الهدى، ومما سنه لكم نبيكم ، ولا يقل إن لي مصلى في بيتي فأصلى فيه، فإنكم إن فعلتم ذلك تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم (لضللتم).
وكان كريمًا، كثير الإنفاق، فيروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعث إليه بأربعمائة دينار مع غلامه، وقال للغلام، انتظر حتى ترى ما يصنع؟ فذهب بها الغلام وقال لمعاذ: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال معاذ: رحم الله وصله، تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، واذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ وقالت: نحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الصرة إلا ديناران فأعطاهما إياها، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما حدث، فسر عمر بذلك. [ابن سعد وأبو نعيم].
وكان كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام، وكان يقول في تهجده: اللهم نامت العيون وغارت النجوم، وأنت حي قيوم، اللهم طلبي للجنة بطىء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.
ولما حضرته الوفاة قال لمن حوله من أهله: أنظروا أأصبحنا أم لا؟ فقالوا: لا ثم كرر ذلك، وهم يقولون: لا. حتى قيل له أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحبًا بالموت مرحبًا، زائر مغب (أي خير) وحبيب جاء على فاقة (حاجة)، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا، وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر (يقصد الصوم)، ومكابدة الساعات (أي قيام الليل)، ومزاحمة العلماء بالركب عن حلق الذكر. ومات معاذ سنة (18هـ) على الأصح وعمره (38) سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:47 pm


ابن الإسلام




سلمان الفارسي

إنه الصحابي الجليل سلمان الفارسي، أو سلمان الخير، أو الباحث عن الحقيقة، وكان -رضي الله عنه- إذا سئل مَنْ أنت؟ قال: أنا ابن الإسلام، من بني آدم، وقد اشتهر بكثرة العبادة، وكثرة مجالسته للنبي ، فلم يفارقه إلا لحاجة، وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا، وسماه أبو هريرة صاحب الكتابين (يعني الإنجيل والفرقان)، وسمَّاه علي بن أبي طالب لقمان الحكيم، وقد آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء.
يقول سلمان -رضي الله عنه- عن نفسه: كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ، وكان أبي دُهْقانها (رئيسها)، وكنت من أحب عباد الله إليه، وقد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار (ملازمها) الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.
وكان لأبي ضَيْعَة (أرض)، أرسلني إليها يومًا فخرجت فمررت بكنيسة للنصارى، فسمعتهم يصلُّون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه فما برحتهم (تركتهم) حتى غابت الشمس، ولا ذهبت إلى ضيعة أبي، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري من يبحث عني، وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام، وقلت لأبي حين عُدت إليه: إني مررت على قوم يُصلّون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير من ديننا، فحاورني وحاورته، ثم جعل في رجلي حديدًا وحبسني.
وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم، وسألتهم إذا قدم عليهم ركب من الشام أن يخبروني قبل عودتهم إليها؛ لأرحل معهم، وقد فعلوا فحطمت الحديد، وخرجت، وانطلقت معهم إلى الشام، وهناك سألت عن عالمهم فقيل لي: هو الأسقف رئيس من رؤساء النصارى صاحب الكنيسة، فأتيته وأخبرته خبري، فأقمت معه أخدم وأصلي وأتعلم، وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه، إذ كان يجمع الصدقات من الناس ليوزعها على الفقراء، ولكنه كان يكتنـزها لنفسه.
فلما مات جاءوا بآخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلاً على دينهم خيرًا منه، ولا أعظم رغبة في الآخرة وزهدًا في الدنيا، ودأبًا على العبادة، فأحببته حبًّا ما علمت أنني أحببت أحدًا مثله قبله، فلما حضره قدره (الموت)، قلت له: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى، فبم تأمرني؟ وإلى مَنْ توصى بي؟ قال: أي بني، ما أعرف من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلاً بالموصل.
فلما توفي أتيت صاحب الموصل، فأخبرته الخبر، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم، ثم حضرته الوفاة، فسألته فدلني على عابد في نصيبين، فأتيته وأخبرته خبري، ثم أقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة سألته، فأمرني أن ألحق برجل في عمورية من بلاد الروم، فرحلت إليه وأقمت معه، واصطنعت لمعاشي بقرات وغنيمات، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه، آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك (أتى عليك) زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفًا، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين، فإن استطعت أن تخلص (تذهب) إليه فافعل، وإن له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وإن بين كتفيه خاتم النبوة، إذا رأيته عرفته.
ومرَّ بي ركب ذات يوم، فسألتهم عن بلادهم فعلمت أنهم من جزيرة العرب، فقلت لهم: أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم إلى أرضكم؟ قالوا: نعم. واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك ظلموني وباعوني إلى رجل من يهود، وأقمت عنده حتى قدم عليه يومًا رجل من يهود بني قريظة، فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفَتْ لي.
وأقمت معه أعمل له في نخله، وإني لفي رأس نخلة يومًا، وصاحبي جالس تحتها، إذ أقبل رجل من بني عمه فقال يخاطبه: قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج)، إنهم ليقاصفون (يجتمعون) على رجل بقباء قادم من مكة يزعمون أنه نبي، فوالله ما هو إلا أن قالها حتى أخذتني العُرَوَاءُ (ريح باردة)، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي، ثم نزلت سريعًا أقول ما هذا الخبر؟ فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟ أقبل على عملك، فأقبلت على عملي.
ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله بقُباء، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه، فقلت له: إنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة، فلما ذُكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به، ثم وضعته، فقال الرسول لأصحابه: كلوا باسم الله، وأمسك هو فلم يبسط إليه يدًا، فقلت في نفسي: هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة.
ثم رجعت، وعدت إلى الرسول في الغداة أحمل طعامًا، وقلت له عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية، ووضعته بين يده، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله، وأكل معهم، قلت لنفسي: هذه والله الثانية، إنه يأكل الهدية، ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في البقيع قد تبع جنازة، وحوله أصحابه وعليه شملتان (الشملة: كساء من الصوف) مؤتزرًا بواحدة، ومرتديًا الأخرى، فسلّمت عليه، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره، فعرف أني أريد ذلك، فألقى بردته عن كاهله، فإذا العلامة بين كتفيه خاتم النبوة، كما وصفه لي صاحبي، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه، وحدثته كما أحدثكم الآن، ثم أسلمت، وحال الرقُّ بيني وبين شهود (حضور) بدر وأحد، وفي ذات يوم قال الرسول : (كاتب سيدك حتى يعتقك)، فكاتبته، وأمر الرسول الصحابة كي يعاونوني وحرر الله رقبتي، وعشت حُرًّا مسلمًا، وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق والمشاهد كلها. [أحمد والطبراني].
وكان سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق حول المدينة عندما أرادت الأحزاب الهجوم على المدينة، وعندما وصل أهل مكة المدينة، ووجدوا الخندق، قال أبو سفيان: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. ووقف الأنصار يومها يقولون: سلمان منا، ووقف المهاجرون يقولون: بل سلمان منا، وعندها ناداهم الرسول قائلاً: (سلمان منا آل البيت) [ابن سعد].
ومما يحكى عن زهده أنه كان أميرًا على المدائن في خلافة الفاروق عمر، وكان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف دينار، لا ينال منه درهمًا واحدًا، ويتصدق به على الفقراء والمحتاجين، ويقول: (أشتري خوصًا بدرهم فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهمًا فيه، وأنفق درهمًا على عيالي، وأتصدق بالثالث، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيتُ) [أبو نعيم].
ويروى أنه كان أميرًا على سرية، فمرَّ عليه فتية من الأعداء وهو يركب حمارًا، ورجلاه تتدليان من عليه، وعليه ثياب بسيطة مهلهلة، فسخروا منه، وقالوا للمسلمين في سخرية وازدراء: هذا أميركم؟ فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء وما يقولون؟ فقال سلمان: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم. [ابن سعد].
ومما رُوي في تواضعه أنه كان سائرًا في طريق، فناداه رجل قادم من الشام ليحمل عن متاعه، فحمل سلمان متاع الرجل، وفي الطريق قابل جماعة من الناس فسلم عليهم، فأجابوا واقفين: وعلى الأمير السلام، وأسرع أحدهم نحوه ليحمل عنه قائلا: عنك أيها الأمير، فعلم الشامي أنه سلمان الفارسي أمير المدائن، فأَسْقَطَ ما كان في يديه، واقترب ينتزع الحمل، ولكن سلمان هزَّ رأسه رافضًا وهو يقول: لا، حتى أبلغك منزلك. [ابن سعد].
ودخل صاحب له بيته، فإذا هو يعجن فسأله: أين الخادم؟ فقال سلمان: لقد بعثناها في حاجة، فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وحين أراد سلمان بناء بيت له سأل البنَّاء: كيف ستبنيه؟ وكان البنَّاء ذكيًّا يعرف زهد سلمان وورعه، فأجابه قائلاً: لا تخف، إنها بناية تستظل بها من الحر، وتسكن فيها من البرد، إذا وقفت فيها أصابت رأسك، وإذا اضطجعت (نمت) فيها أصابت رجلك. فقال له سلمان: نعم، هكذا فاصنع. وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة عثمان بن عفان سنة (35هـ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:48 pm

الكريم

سعد بن عبادة

إنه سعد بن عبادة -رضي الله عنه- زعيم الخزرج، وحامل راية الأنصار، أمه عمرة بنت مسعود، وكان يكنى أبا ثابت، وأبا قيس، وقد أسلم مبكرًا، وحضر بيعة العقبة الثانية مع سبعين رجلاً وامرأتين من الأنصار، وكان أحد النقباء الإثني عشر.
ورغم أن سعدًا كان سيد قومه، لم تمنعه تلك السيادة من أن ينال قسطًا من تعذيب قريش، وذلك أنه بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية، وأخذ الأنصار يستعدون للسفر والرجوع إلى المدينة، علمت قريش بمبايعتهم للنبي ، واتفاقهم معه على الهجرة إلى المدينة ليناصروه ضد قوى قريش، فجن جنونهم، وطاردوا المسلمين، حتى أدركوا منهم سعد بن عبادة، فأخذه المشركون، وربطوا يديه إلى عنقه، وعادوا به إلى مكة حيث التفوا حوله يضربونه، وينزلون به أشد العذاب.
يقول سعد: فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع عليَّ نفر من قريش فيهم رجل وضئ، أبيض، شعشاع من الرجال (يقصد سهيل بن عمرو)، فقلت في نفسي: إن يك عند أحد من القوم خير، فعند هذا، فلما اقترب مني رفع يده فلكمني (ضربني) لكمة شديدة، فقلت في نفسي: لا والله، ما عندهم بعد هذا من خير، فو الله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى (جاء) إلى رجل ممن كان معهم فقال: ويحك، أما بينك وبين أحد من قريش جوار؟ قلت: بلى، كنت أُجير لجبير بن مطعم تجارة، وأمنعهم ممن يريد ظلمهم ببلادي، وكنت أجير للحارث بن حرب بن أمية، فقال الرجل: فاهتف باسم الرجلين، واذكر ما بينك وبينهما من جوار، ففعلت،
وخرج الرجل إليهما، فوجدهما في الكعبة، فأخبرهما أن رجلا من الخزرج
يضرب بالأبطح، وهو يهتف باسميهما أن بينه وبينهما جوارًا، فسألاه عن اسمي، فقال: سعد بن عبادة، فقالا: صدق والله، وجاءا فخلصاني من أيديهم. [ابن سعد].
وعندما هاجر الرسول ( وأصحابه إلى المدينة استقبلهم سعد خير استقبال، وسخر ماله لخدمتهم، وعرف سعد بالجود والكرم، وبلغت شهرته في ذلك الآفاق، وكان دائمًا يسأل الله المزيد من رزقه وخيره، فيقول: اللهم هب لي مجدا، لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلُح عليه. [الحاكم].
وكان الرجل من الأنصار يستضيف واحدًا أو اثنين أو ثلاثة بينما هو يستضيف ثمانين، وكان مناديه يصعد أعلى داره وينادي: من كان يريد شحمًا ولحمًا فليأت. وقد دعا له النبي فقال: (اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة) [أحمد].
وكان سعد يجيد الرمي، وكانت له فدائية وشجاعة فائقة، قال عنها ابن عباس
-رضي الله عنهما-: كان لرسول الله في المواطن كلها رايتان؛ مع علي راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار. [عبد الرزاق وأحمد].
ووقف سعد بن عبادة موقفًا شجاعًا في بدر، حينما طلب النبي مشورة الأنصار، فقام سعد مشجعًا على القتال، فقال: يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا. [أحمد ومسلم].
وفي غزوة الخندق تجمعت القبائل الكافرة ضد الإسلام، وحاصرت المدينة، وعرضت قبيلة غطفان على النبي أن ينسحبوا من جيش الأحزاب، ولا يقفوا مع الكفار، في مقابل أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة، فشاور الرسول كلا من سعد بن عبادة وسعد بن معاذ في هذا الأمر، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به، ولابد لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟ فقال رسول الله : إنما هو شيء أصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة.
فقال سعد بن معاذ: والله يا رسول الله، ما طمعوا بذلك منا قط في الجاهلية، فكيف اليوم؟ وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزنا، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله : (فأنت وذاك)
[ابن هشام]. وبعد وفاة النبي اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، والتفوا حول سعد بن عبادة منادين بأن يكون خليفة رسول الله من الأنصار، ولكن عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح رأيا أن أبا بكر أحق بالخلافة بعد رسول الله (، فوافق المسلمون على رأيهما، وبايع سعد أبا بكر -رضي الله عنه- بالخلافة، وتوفي سعد في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:48 pm

شهيد السماء


سعد بن معاذ


إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، سيد الأوس، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى، وحضر بيعة العقبة الثانية.
ولإسلام سعد قصة طريفة، فقد بعث النبي مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام، ويُعلِّم من أسلم منهم القرآن وأحكام الدين، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن أسلموا، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وكانا سيديّ قومهما، ولم يكونا أسلما بعد، قال سعد لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما، وانههما عن أن يأتيا ديارنا، فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه.
ووقف أسيد يسبهما، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد، واستمع إلى مصعب، واقتنع بإسلامه، فأسلم، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس، فقال له: إن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وكان أسعد ابن خالة سعد، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده. فلما رآهما جالسين مطمئنين، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان، فأخذ يشتمهما، فقال أسعد لمصعب: أي مصعب، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد.
فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا، ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد: أنصفت، ثم وضع الحربة، وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد، فلمح مصعب وأسعد الإسلام في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم؛ فقد أشرق وجهه وتهلل، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين.
ففعل سعد ذلك، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه، فلما رآه قومه قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به، فقال لهم سعد: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد انتشار الإسلام في ربوع المدينة، أذن الله سبحانه لنبيه بالهجرة إلى المدينة، فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى المدينة.
وجاءت السنة الثانية من الهجرة، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي المشورة قبل الحرب، فقام أبو بكر وتحدث ثم قام، فتحدث عمر، ثم قام المقداد بن عمرو، وقالوا وأحسنوا الكلام، ولكنهم من المهاجرين، فقال الرسول : أشيروا علي أيها الناس)، فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: (: أجل)، فقال سعد: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك، فسر بنا على بركة الله.
فسُرَّ رسول الله عندما سمع كلام سعد، ثم قال: ( سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم) [ابن هشام].
وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا؛ كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا، فأثنى عليه رسول الله خيرًا، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله عريشًا، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام].وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر.
ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط، فحدثت نفسي بغير ما تقول، ويقال لها، حتى أنصرف عنها. وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي.
وتأتى غزوة أحد، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة، وظل يدافع عن النبي حتى عاد المشركون إلى مكة.
وفي غزوة الخندق، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة، واستغلَّ بنو غطفان الموقف، فبعثوا إلى رسول الله كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة، فاستشار الرسول صحابته في هذا.فقال سعد: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، نعطيهم أموالنا! والله ما لنا بهذه من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فرضي الرسول والصحابة بذلك.
وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرق الله وجهك في النار. ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا، فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة. [أحمد وابن هشام].
وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين، وبعد الغزوة ذهب الرسول هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع المشركين على المسلمين، وخانوا عهد الرسول ، وغدروا بالمسلمين، وجعل الرسول سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم، فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب، وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم التفت إلى النبي وقال: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول : (لقد حكمت فيهم بحكم الله) [ابن عبدالبر].
ثم يموت سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم، وأخبر الرسول صحابته أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد، وجاء جبريل إلى رسول الله وقال له: من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها؟
وأسرع النبي وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه، فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا جدًّا، مع أنه كان ضخمًا طويلاً، ولما سئل الرسول عن ذلك قال: (إن الملائكة كانت تحمله) [ابن عبد البر]، وقال : (شهده سبعون ألفًا من الملائكة) [ابن عبد البر].
وجلس الرسول على قبره، فقال: (سبحان الله) مرتين، فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا، وقال النبي : (لو نجا أحد من ضغطة القبر، لنجا منها سعد بن معاذ) [ابن عبد البر]. وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة (5هـ)، وهو ابن سبع وثلاثين سنة، ودفن بالبقيع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:49 pm

الشهيد العائذ بالبيت


عبد الله بن الزبير

إنه أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، ابن ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر، وقد وضعته أمه حين وصلت قُباء، فكان أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة، ثم أتت به أمه الرسول فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل بطنه ريق النبي ، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جده
أبي بكر وكناه بكنيته. [مسلم]، وكان ميلاده حدثًا عظيمًا أبطل مزاعم اليهود الذين زعموا أنهم سحروا المسلمين فلن يولد لهم بالمدينة ولد، وكبَّر الصحابة حين ولد تكبيرة اهتزت المدينة منها.
ونشأ عبد الله في بيت النبوة حيث تربى في حجر خالته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته. وذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي في أمر أبناء المهاجرين والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى ترعرعوا من أمثال عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وعمر بن أبي سلمة، وقالوا له: لو بايعتهم فتصيبهم بركتك، ويكون لهم ذكر؟، وجاءوا بهم إلى النبي فخافوا ووجلوا من النبي إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم، فرآه النبي فتبسَّم، وقال: (إنه ابن أبيه). وبايعه النبي وهو ابن سبع سنين. [مسلم].
وكان عبد الله فارسًا شجاعًا يحب الجهاد، ويذهب مع أبيه ليتدرب على ركوب الخيل والمبارزة، وشهد معه معارك عديدة منها اليرموك، واشترك في فتح إفريقية، وهو الذي حمل البشرى إلى الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بفتحها. وكان -رضي الله عنه- عابدًا لله، قارئًا لكتاب الله، قوامًا لليل، صوامًا للنهار، قال عنه عمرو بن دينار: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة من ابن الزبير. وقال ثابت البناني: كنت أمرُّ بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك. وكان أحد الذين أمرهم عثمان -رضي الله عنه- بنسخ المصاحف.
قال عمر بن عبد العزيز يومًا لابن أبي مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير فقال: والله ما رأيت نفسًا رُكبت بين جنبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة، فيخرج من كل شيء إليها، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا.
واشترك -رضي الله عنه- مع أبيه في موقعة الجمل، وبعد أن أصبح الحكم في يد بني أمية ظل عبد الله على خلاف معهم، فاعترض على ولاية يزيد بن معاوية. ولما توفي يزيد بايعت جميع الولايات الإسلامية عبدالله بن الزبير أميرًا للمؤمنين، واتخذ عبدالله من مكة عاصمة لدولته، وبسط يده على الحجاز واليمن والبصرة والكوفة والشام كلها ما عدا دمشق، وظل عبدالله باسطًا يده على هذه البلاد حتى استطاع مروان بن الحكم أن ينتزع منه هذه الولايات عدا الحجاز التي ظلت تحت سيطرة عبدالله.
ورغم ذلك لم يهدأ الأمويون، فأخذوا يشنون حروبًا متصلة ضد ابن الزبير، انهزموا في أكثرها حتى جاء عهد عبد الملك بن مروان الذي أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي على رأس جيش كبير لغزو مكة عاصمة ابن الزبير، فحاصرها ستة أشهر مانعًا عن الناس الماء والطعام كي يحملهم على ترك عبد الله بن الزبير، وتحت وطأة الجوع استسلم الكثير من جنوده، ووجد عبد الله نفسه وحيدًا، فقرر أن يتحمل مسئوليته حتى النهاية، وراح يقاتل جيش الحجاج في شجاعة فائقة، وكان عمره يومئذ سبعين سنة.
وأثناء ذلك ذهب عبد الله إلى أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها-، وأخذ يشرح لها موقفه، فقالت له: يا بني، إنك أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق، وتدعو إلى حق، فاصبر عليه حتى تموت في سبيله، ولا تملك من رقبتك غلمان بني أمية، وإن كنت تعلم أنك أردت الدنيا فلبئس العبد أنت أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك. فقال عبد الله: والله يا أماه، ما أردت الدنيا، ولا ركنت إليها، وما جُرْتُ في حكم الله أبدًا، ولا ظلمت، ولا غدرت.
فقالت أمه أسماء: أني لأرجو الله أن يكون عزائي فيك حسنًا، إن سبقتني إلى الله
أو سبقتك، اللهم ارحم طول قيامه في الليل، وظمأه في الهواجر (الأيام الشديدة الحر)، وبرَّه بأبيه وبي، اللهم أني أسلمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين.
وانطلق عبد الله يقاتل الحجاج مع مَنْ تبقَّى معه من المسلمين حتى استشهد ومعه كثير من المسلمين وكان ذلك عام (37هـ). ولما قتل عبد الله كبر أصحاب الحجاج فسمعهم ابن عمر، فقال: أما والله للذين كبروا عند مولده خير من هؤلاء الذين كبروا عند قتله. ثم صلبه الحجاج على إحدى الطرق، فمرَّ به ابن عمر وهو مصلوب فقال: السلام عليك يا أبا خبيب، قالها ثلاث مرات، أما والله، لقد كنت أنهاك عن هذا (يقصد قتال بني أمية) ثم أخذ يثني عليه ويذكر صيامه وقيامه ومكانته. وجاءت أمه أسماء بنت أبي بكر وكانت عجوزًا مكفوفة البصر، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينـزل (تقصد عبد الله المصلوب)؟ فأنزله، فغسله المسلمون ودفنوه -رضي الله عنه-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:49 pm

حبر الأمة
عبد الله بن عباس

إنه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، ابن عم النبي ، ولد -رضي الله عنه- قبل الهجرة بثلاث سنين، وبايع رسول الله وهو صغير لم يبلغ الحلم، وهاجر إلى المدينة مع أبويه قبل فتح مكة.
وكان ابن عباس -رضي الله عنه- محبًا للعلم منذ صغره، يقبل عليه، ويهتم به حفظًا وفهمًا ودراسة، وما إن اشتد عوده حتى أصبح أعلم الناس بتفسير القرآن وأحكام السنة المطهرة، يأتي إليه الناس من كل مكان يتعلمون منه أحكام الدين على يديه. دعا له رسول الله قائلاً: (اللهم فقهه في الدين) [البخاري]، وكان يسمى بـترجمان القرآن.
ولقِّب بالحَبْر لكثرة علمه بكتاب الله وسنة رسوله ، ويروى أنه كان معتكفًا في مسجد الرسول ، فأتاه رجل على وجهه علامات الحزن والأسى، فسأله عن سبب حزنه؛ فقال له: يا ابن عم رسول الله، لفلان علي حق ولاء، وحرمة صاحب هذا القبر أي قبر الرسول ما أقدر عليه؛ فقال له: أفلا أكلمه فيك؟ فقال الرجل: إن أحببت؛ فقام ابن عباس، فلبس نعله، ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟‍! (أي أنك معتكف ولا يصح لك الخروج من المسجد).
فرد عليه قائلاً: لا، ولكن سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب -فدمعت عيناه- وهو يقول: من مشى في حاجة أخيه، وبلغ فيها كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى، جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين (المشرق والمغرب) [الطبراني والبيهقي والحاكم].
وكان يحب إخوانه المسلمين، ويسعى في قضاء حوائجهم، وكان يقول: لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرًا أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة، ولهدية أهديها إلى أخ لي في الله أحب إلي من دينار أنفقه في سبيل الله. وكان عمر -رضي الله عنه- يحب عبد الله بن عباس ويقربه من مجلسه ويستشيره في جميع أموره، ويأخذ برأيه رغم صغر سنه، فعاب ناس من المهاجرين ذلك على عمر، فقال لهم عمر: أما أني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عمر عن تفسير سورة {إذا جاء نصر الله والفتح}، فقال بعضهم: أمر الله نبيَّه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجًا أن يحمده ويستغفره، فقال عمر: يا ابن عباس، تكلم. فقال عبدالله: أعلم الله رسوله متى يموت، أي: فهي علامة موتك فاستعد، فسبح بحمد ربك واستغفره. [البخاري وأحمد والترمذي والطبراني وأبو نعيم].
وكان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يقول عن ابن عباس: ما رأيت أحدًا أحضر فهمًا، ولا ألب لبًّا (عقلاً)، ولا أكثر علمًا، ولا أوسع حلمًا من ابن عباس، لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر. [ابن سعد]. وكانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: أعلم مَن بقي بالحجِّ ابن عباس.
وكان ابن عباس يقيم الليل، ويقرأ القرآن، ويكثر من البكاء من خشية الله، وكان متواضعًا يعرف لأصحاب النبي قدرهم، ويعظمهم ويحترمهم، فذات يوم أراد زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن يركب ناقته فأسرع ابن عباس إليه لينيخ له الناقة، فقال له زيد: تنيخ لي الناقة يا ابن عم رسول الله؟! فرد عليه ابن عباس قائلاً: هكذا أمرنا أن نأخذ بركاب كبرائنا.
وكان ابن عباس كريمًا جوادًا، وذات مرة نزل أبو أيوب الأنصاري البصرة حينما كان ابن عباس أميرًا عليها، فأخذه ابن عباس إلى داره وقال له: لأصنعن بك كما صنعت مع رسول الله ، فاستضافه ابن عباس خير ضيافة. وحضر ابن عباس معركة صفين، وكان في جيش الإمام عليَّ، وأقبل ابن عباس على العلم والعبادة حتى أتاه الموت سنة (67 هـ)، حينما خرج من المدينة قاصدًا الطائف، وكان عمره آنذاك (70) سنة، وصلى عليه الإمام محمد بن الحنفية، ودفنه بالطائف وهو يقول: اليوم مات رَبَّاني هذه الأمة.
وكان ابن عباس -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة رواية عن النبي فبلغ مسنده (1660) حديثًا، كما كان من أكثر الصحابة فقهًا، وله اجتهادات فقهية تميزه عن غيره من الصحابة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:49 pm

راهب الليل
عبد الله بن عمر بن الخطاب

إنه الصحابي الكريم عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولد بعد البعثة النبوية الشريفة بثلاث سنوات، وعندما هاجر كان عمره إحدى عشرة سنة، وفي غزوة أحد أراد أن يخرج للجهاد، فعرض نفسه على النبي فردَّه لصغر سنه، وفي غزوة الخندق ظل يلح على النبي حتى وافق على خروجه، وكان عمره خمس عشرة سنة، واستمر بعد ذلك يجاهد في جميع الغزوات والمواقع.
وكان -رضي الله عنه- يتبع آثار النبي ويقتدي به في جميع أموره؛ لدرجة أنه كان يتحرى أن يصلي في كل مكان صلى فيه النبي ، ويسير في كل طريق سار فيه، رجاء أن توافق صلاته أو مشيته مكانًا صلى فيه الرسول أو سار فيه، وعلم أن النبي نزل تحت شجرة يستظل بها، فكان عبدالله ينزل عندها، ويتعهدها بالسقي فيصب في جذرها حتى لا تيبس. [ابن سعد].
يقول عبد الله: كان الرجل في حياة النبي إذا رأى رؤيا قصها على النبي ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي ، وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع (لا تخف)، فقصصتها على حفصة (أخته وزوج النبي )، فقصتها حفصة على النبي ، فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [متفق عليه]. وكان إذا فاتته العشاء في جماعة، أحيي بقية ليلته. [أبو نعيم]، وكان لعبد الله مهراس (حجر مجوف) يوضع فيه الماء للوضوء فيصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغض إغفاء الطائر (ينام نومًا قصيرًا)، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا. [ابن المبارك].
وكان عبد الله من أهل التقوى والورع والعلم، وكان مع علمه الشديد يتحرى في فتواه، ويخاف أن يفتي بدون علم، وقد جاءه يومًا رجل يستفتيه في شيء، فأجابه معتذرًا: لا علم لي بما تسأل عنه، ثم فرح وقال: سئل ابن عمر عما لا يعلم فقال: لا أعلم. وقال عنه ميمون بن مهران: ما رأيت أتقى من ابن عمر.
وكان كارهًا لمناصب الدنيا، خائفًا من تحمل أعبائها، وقد أرسل إليه عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعرض عليه منصب القضاء فرفض ابن عمر، وكان عبد الله يحب الحق ويكره النفاق، وقد جاء إليه عروة بن الزبير بن العوام وقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بالكلام، ونحن نعلم أن الحق غيره فنصدقهم، ويقضون بالجور أي يحكمون بين الناس بغير الحق) فنقويهم ونحسنه لهم، فكيف ترى في ذلك؟! فقال ابن عمر لعروة: يابن أخي، كنا مع رسول الله نعدَّ هذا النفاق، فلا أدرى كيف هو عندكم؟!
وذات يوم رأى رجلاً يمدح رجلاً آخر، فأخذ ابن عمر ترابًا ورمى به في وجهه وقال له: إن رسول الله قال: إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا (ألقوا) في وجوههم التراب[مسلم]. وكان رقيق القلب، حسن الطباع، لا يسمع ذكر النبي إلا بكى، وما كان يمر بمسجده وقبره إلا بكى حبًّا وشوقًا إليه.
وكان حسن الخلق لم يلعن خادمه قط، ولم يسَبَّ أحدًا طوال حياته، وقد ارتكب خادمه خطأ ذات مرة فهمَّ أن يشتمه، فلم يطاوعه لسانه، وندم على ما همَّ به فأعتقه لوجه الله تعالى، وكان قارئًا للقرآن، خاشعًا لله، وكلما قرأ أو سمع آية فيها ذكر القيامة بكى حتى تبتل لحيته من كثرة الدموع، فعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. [أبو نعيم].
وكان يعظم صحابة النبي ويعرف قدرهم، وكان يخرج إلى السوق من أجل السلام على المسلمين فقط، وكان كثير التصدق وجوادًا كريمًا يكثر الإنفاق في سبيل الله، وكان إذا أحب شيئًا أو أعجب به أنفقه في سبيل الله، وكان من أشد الناس زهدًا في نعيم الدنيا، ومن أحسن الناس حبا لفعل الخير، فيحكى أنه كان مريضًا فقال لأهله: أني أشتهي أن آكل سمكًا فأخذ الناس يبحثون له عن سمك فلم يجدوا إلا سمكة واحدة بعد تعب شديد، فأخذتها زوجته صفية بنت أبي عبيدة فأعدتها، ثم وضعتها أمامه فإذا بمسكين يطرق الباب، فقال له ابن عمر: خذ هذه السمكة، فقال أهله: سبحان الله! قد أتْعَبتنا حتى حصلنا عليها، وتريد أن تعطيها للمسكين؟! كلْ أنت السمكة وسنعطي له درهما فهو أنفع له يشتري به ما يريد.
فقال ابن عمر: لا أريد أن أحقق رغبتي وأقضي شهوتي، إنني أحببت هذه السمكة فأنا أعطيها المسكين إنفاقًا لِمَا أُحِبُّ في سبيل الله. [ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي].
وبينما كان عبد الله -رضي الله عنه- يؤدي فريضة الحج أصابه سن رمح كان مع أحد الرجال في منى فجرحه، فأدى هذا الجرح إلى وفاته، ودفن بمكة في سنة (73هـ)، وقد روى كثيرًا من أحاديث الرسول ، حيث روى ألفين وست مئة وثلاثين حديثًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:50 pm

أول من أظهر إسلامه
خباب بن الأرت

إنه الصحابي خباب بن الأرت -رضي الله عنه-، وكان خباب قد ولد في قبيلة تميم، وأُسر في مكة، فاشترته أم أنمار بنت سباع، وكان صانِعًا للسيوف، يبيعها ويأكل من عمل يده، فلما سمع عن الإسلام أسرع إلى النبي ليسمع منه عن هذا الدين الجديد، فشرح الله صدره، ثم أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين.
وتعرض خباب لشتى ألوان العذاب، لكنه تحمل وصبر في سبيل الله، فقد كانوا يضعون الحديد المحمي على جسده فما يطفئ النار إلا الدهن الموجود في ظهره، وقد سأله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يومًا عما لقى من المشركين، فقال خباب: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهري، فنظر عمر، فقال: ما رأيت كاليوم، قال خباب: لقد أوقدت لي نار، وسحبت عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري (أي دهن الظهر).
وذات يوم كثر التعذيب على خباب وإخوانه المسلمين المستضعفين، فذهب مع بعض أصحابه إلى رسول الله ، وكان متكئًا في ظل الكعبة، وقالوا: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال لهم رسول الله : (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) [البخاري]. فزاد كلام النبي خبابًا وأصحابه إيمانًا بنصر الله، وإصرارًا على دعوتهم، فصبروا واحتسبوا ما يحدث لهم عند الله -عز وجل-.
وكانت أم أنمار تأخذ الحديد الملتهب ثم تضعه فوق رأس خباب الذي كان يتلوى من شدة الألم، ولكن الله أخذ بحق خباب من هذه المرأة المشركة حيث أصيبت بسعار جعلها تعوي مثل الكلاب، ولا علاج لها إلا أن تكوى رأسها بالنار، فكان الجزاء من جنس العمل.
وأحب خباب إسلامه حبًّا شديدًا، جعله يضحي من أجله بأغلى ما يملك من نفس ومال، فقد ذهب إلى العاص بن وائل أحد المشركين الكافرين ليطلب منه ثمن السيوف التي صنعها له قبل ذلك، فيقول له العاص: لا أعطيك شيئًا حتى تكفر بدين محمد، فرد عليه خباب: لا، والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، فقال له العاص مستهزءًا وساخرًا: فأني إذا مت ثم بعثت، جئتني يوم القيامة، ولي هناك مال وولد فأعطيك؟! فأخبر خباب النبي بذلك، فأنزل الله قرآنا كريمًا يذم فيه هذا المشرك، قال تعالى: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لآوتين مالاً} [مريم: 77] [ابن سعد والبخاري].
وأحب خباب العلم، وحرص على سماع القرآن ونشره بين إخوانه المسلمين، ففي أيام الدعوة الأولى كان خباب يدرس القرآن مع سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب، عندما دخل عليهم عمر بن الخطاب.
وجاءت الهجرة، فأسرع خباب ملبيًّا أمر النبي ، فهاجر إلى المدينة، وهناك آخى الرسول بينه وبين تميم مولى خراس بن الصمة -رضي الله عنهما-، وشارك خباب في جميع غزوات الرسول ، وأظهر فيها شجاعة وفروسية، وظلَّ محبًّا للجهاد في سبيل الله، وشارك خباب في الفتوحات أيام أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
ثم نزل خباب في الكوفة وبنى لنفسه بيتا متواضعًا عاش فيه حياة زاهدة، وبالرغم من هذه الحياة البسيطة، كان يعتقد أنه أخذ من الدنيا الكثير، فكان يبكى على بسط الدنيا له، وكان يضع ماله كله في مكان معروف في داره لكي يأخذ منه كل محتاج من أصحابه الذين يدخلون عليه، وفي مرضه الذي مات فيه دخل عليه بعض الصحابة، فقالوا له: أبشر يا أبا عبد الله، ترد على محمد الحوض، فأشار خباب إلى أعلى بيته وأسفله قائلاً: كيف بهذا؟! وقد قال رسول الله : (أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب)
[ابن ماجه]، ولقد رأيتني مع رسول الله ما أملك درهمًا، وإن في جانب بيتي (الآن) لأربعين ألف درهم.
وطلب خباب كفنه، فلما رآه بكى، وقال: لكن حمزة -رضي الله عنه- لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه قلصت (انضمت) عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه، حتى مدت على رأسه، وجعل على قدميه الإذخر.
ودخل عليه بعض أصحابه فقال لهم: إن في هذا التابوت (الصندوق) ثمانين ألف درهم، والله ما شددت لها من خيط ولا منعتها من سائل، ثم بكى، فقالوا: ما يبكيك؟ قال: أبكى أن أصحابي مضوا ولم تنقصهم الدنيا شيئًا، وإنا بقينا بعدهم حتى لم نجد لها موضعًا إلا التراب. وفي عام (37 هـ) صعدت روح خباب إلى بارئها ودفن بالكوفة، ولما عاد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من معركة صفين، مر بقبر خباب؛ فقال: رحم الله خبابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلى في جسمه أحوالاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:50 pm

سيف الله المسلول
خالد بن الوليد

إنه خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، القائد العبقري الذي لا تزال خططه الحربية في معاركه مثار إعجاب الشرق والغرب، وكان خالد قبل أن يسلم يحارب الإسلام والمسلمين، وقاد جيش المشركين يوم أحد، واستطاع أن يحوِّل نصر المسلمين إلى هزيمة بعد أن هاجمهم من الخلف، عندما تخلى الرماة عن مواقعهم، وظل خالد على شركه حتى كان عام الحديبية، فأرسل إليه أخوه الوليد بن الوليد كتابًا، جاء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فأني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك!! ومثل الإسلام لا يجهله أحد، وقد سألني رسول الله عنك، فقال: (أين خالد؟) فقلت: يأتي الله به، فقال رسول الله : (مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرًا له). فاستدرك يا أخي ما فاتك، فقد فاتك مواطن صالحة.
فلما قرأ خالد كتاب أخيه، انشرح صدره للإسلام، فخرج فلقى عثمان بن طلحة، فحدثه أنه يريد الذهاب إلى المدينة، فشجعه عثمان على ذلك، وخرجا معًا، فقابلهما عمرو بن العاص، وعرفا منه أنه يريد الإسلام أيضًا، فتصاحبوا جميعًا إلى المدينة؛ وكان ذلك في نهاية السنة السابعة من الهجرة، فلما قدموا على النبي رحب بهم، فأعلنوا إسلامهم، فقال صلى الله عليه وسلم لخالد: (قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير) [ابن سعد]. فقال خالد: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله.
فقال : إن الإسلام يجب (يزيل) ما كان قبله، اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع منه من صد عن سبيلك) [ابن سعد]. ومنذ ذلك اليوم وخالد يدافع عن راية الله، ويجاهد في كل مكان لإعلاء كلمة الحق، وخرج مع جيش المسلمين المتجه إلى مؤتة تحت إمارة زيد بن حارثة، ويوصى الرسول : (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة) [البخاري]، فلما قتل الثلاثة وأصبح الجيش بلا أمير، جعل المسلمون خالدًا أميرهم، واستطاع خالد أن يسحب جيش المسلمين وينجو به.
وفي فتح مكة، أرسله رسول الله إلى بيت العزى، وكان بيتًا عظيمًا لقريش ولقبائل أخرى، فهدمه خالد وهو يقول:
يَا عِزّ كُفْرَانَكَ لا سُبْحَانَكْ أني رَأيْتُ اللَّهَ قَــدْ أَهَانَكْ
ويوم حنين، كان خالد في مقدمة جيش المسلمين، وجرح في هذه المعركة، فأتاه رسول الله ليطمئن عليه ويعوده، ويقـال: إنـه نـفـث في جرحه فشفي بإذن الله. واستمر خالد في جهاده وقيادته لجيش المسلمين بعد وفاة الرسول ، فحارب المرتدين ومانعي الزكاة، ومدعي النبوة، ورفع راية الإسلام ليفتح بها بلاد العراق وبلاد الشام، فقد كان الجهاد هو كل حياته، وكان يقول: ما من ليلة يهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية أصبح فيها العدو. [أبو يعلي].
وكان خالد مخلصا في جهاده، ففي حرب الروم قام في جنده خطيبًا، وقال بعد أن حمد الله: إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم. وكان خالد بن الوليد دائمًا يطمع في إسلام من يحاربه، فكان يدعوهم إلى الإسلام أولاً، فهو يحب للناس الإيمان ولا يرضي لهم دخول النار، فإن أبوا فالجزية ثم الحرب.
وكان اسم خالد يسبقه في كل مواجهة له مع أعداء الإسلام، وكان الجميع يتعجبون من عبقريته، وقوة بأسه في الحرب، ففي معركة اليرموك خرج (جرجة) أحد قادة الروم من صفوف جنده، وطلب من خالد الحديث معه، فخرج إليه خالد، فقال جرجة: أخبرني فاصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على أحد إلا هزمتهم؟ فقال خالد: لا.
فسأله جرجة: فبم سميت سيف الله؟ فردَّ عليه خالد قائلاً: إن الله بعث فينا نبيه محمدًا فدعانا للإسلام فرفضنا دعوته، وعذبناه، وحاربناه، ثم هدانا الله فأسلمنا، فقال الرسول : (أنت سيف من سيوف الله، سلَّه الله على المشركين)، ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. ثم سأله جرجة عن دعوته، وعن فضل من يدخل في الإسلام، وبعد حوار طويل بينهما شرح الله صدر جرجة للإسلام، فأسلم وتوضَّأ وصلى ركعتين مع خالد بن الوليد، ثم حارب مع صفوف الإيمان، فأنعم الله عليه بالشهادة في سبيله عز وجل.
وعندما تولى الفاروق عمر الخلافة، عزل خالد من القيادة، وولَّى قيادة الجيش أبا عبيدة بن الجراح، فحارب خالد تحت راية الحق جنديًّا مخلصًا مطيعًا لقائده لا يدخر جهدًا ولا رأيًّا في صالح الدين ونصرة الحق، فكان نِعمَ القائد ونعم الجندي.
وظل خالد يجاهد في سبيل ربه حتى مرض مرض الموت، فكان يبكي على فراش الموت، ويقول: لقد حضرت كذا وكذا زحفًا، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي رضي الله عنه بحمص من أرض الشام سنة (21 هـ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:50 pm

فاتح مصر
عمرو بن العاص

إنه الصحابي الجليل عمرو بن العاص بن وائل السهمي -رضي الله عنه- أحد فرسان قريش وأبطالها، أذكى رجال العرب، وأشدهم دهاءً وحيلة، أسلم قبل فتح مكة، وكان سبب إسلامه أنه كان كثير التردد على الحبشة، وكان صديقًا لملكها النجاشي، فقال له النجاشي ذات مرة: يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟ فوالله إنه لرسول الله حقًا. قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني. [ابن هشام وأحمد]. فخرج عمرو من الحبشة قاصدًا المدينة، وكان ذلك في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، فقابله في الطريق خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى النبي فساروا جميعًا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله ، وبايعوه.
أرسل إليه الرسول يومًا فقال له: خذ عليك ثيابك، وسلاحك، ثم ائتني)، فجاءه، فقال له رسول الله : (أني أريد أن أبعثك على جيش، فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك رغبة صالحة من المال). فقال: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكنى أسلمتُ رغبة في الإسلام، ولأن أكون مع رسول الله . فقال : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) [أحمد].
وكان عمرو بن العاص مجاهدًا شجاعًا يحب الله ورسوله، ويعمل على رفع لواء الإسلام ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، وكان رسول الله يعرف لعمرو شجاعته وقدرته الحربية، فكان يوليه قيادة بعض الجيوش والسرايا، وكان يحبه ويقربه، ويقول عنه: (عمرو بن العاص من صالحي قريش، نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله) [أحمد]. وقال : (ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام) [أحمد والحاكم].
وقد وجه رسول الله سرية إلى ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وجعل أميرها عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقد جعل النبي عمرو بن العاص واليًا على عُمان، فظل أميرًا عليها حتى توفي النبي . وقد شارك عمرو بن العاص في حروب الردة وأبلى فيها بلاءً حسنًا.
وفي عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- تولى عمرو بن العاص إمارة فلسطين، وكان عمر يحبه ويعرف له قدره وذكاءه، فكان يقول عنه: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرًا. [ابن عساكر]، وكان عمر إذا رأى رجلاً قليل العقل أو بطيء الفهم يقول: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
وكان عمرو يتمنى أن يفتح الله على يديه مصر، فظل يحدث عمر بن الخطاب عنها، حتى أقنعه، فأمَّره الفاروق قائدًا على جيش المسلمين لفتح مصر وتحريرها من أيدي الروم، فسار عمرو بالجيش واستطاع بعد كفاح طويل أن يفتحها، ويحرر أهلها من ظلم الرومان وطغيانهم، ويدعوهم إلى دين الله عز وجل، فيدخل المصريون في دين الله أفواجًا.
وأصبح عمرو بن العاص واليًا على مصر بعد فتحها، فأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى المسجد الجامع الذي يعرف حتى الآن باسم جامع عمرو، وكان شعب مصر يحبه حبًا شديدًا، وينعم في ظله بالعدل والحرية ورغد العيش، وكان عمرو يحب المصريين ويعرف لهم قدرهم، وظل عمرو بن العاص واليًا على مصر حتى عزله عنها عثمان ابن عفان -رضي الله عنه-، ثم توفي عثمان، وجاءت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما-، فوقف عمرو بن العاص بجانب معاوية، حتى صارت الخلافة إليه.
فعاد عمرو إلى مصر مرة ثانية، وظل أميرًا عليها حتى حضرته الوفاة، ومرض مرض الموت، فدخل عليه ابنه عبد الله -رضي الله عنه-، فوجده يبكي، فقال له: يا أبتاه! أما بشرك رسول الله بكذا؟ أما بشرك رسول الله بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: أني كنت على أطباق ثلاث (أحوال ثلاث)، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضًا لرسول الله مني، ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.
فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، فقال: (مالك يا عمرو؟) قال: قلت: أردت أن أشترط: قال: (تشترط بماذا؟) قلت: أن يغفر لي، قال: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟، وما كان أحد أحب إلى من رسول الله ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأنني لم أكن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة.
ثم ولينا أشياء ما أدرى ما حالي فيها، فإذا أنا مت، فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا على التراب شنًّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور (الوقت الذي تذبح فيه ناقة)، ويقسم لحمها؛ حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي [مسلم].
وتوفي عمرو -رضي الله عنه- سنة (43 هـ)، وقد تجاوز عمره (90) عامًا، وقد روى عمرو عن النبي (39) حديثًا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:51 pm

سابق الروم
صهيب الرومي

إنه الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومى، وقد كان صهيب في بداية حياته غلامًا صغيرًا يعيش في العراق في قصر أبيه الذي ولاه كسرى ملك الفرس حاكمًا على الأُبُلَّة (إحدى بلاد العراق)، وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من العرب، وقد هاجروا إلى العراق منذ زمنٍ بعيد، وعاش سعيدًا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات.
وذات يوم، أغار الروم على الأبلة بلد أبيه، فأسروا أهلها، وأخذوه عبدًا، وعاش العبد العربي وسط الروم، فتعلم لغتهم، ونشأ على طباعهم، ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعى عبد الله بن جدعان، فتعلم من سيده الجديد فنون التجارة، حتى أصبح ماهرًا فيها، ولما رأى عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل، أنعم عليه فأعتقه.
وعندما أشرقت في مكة شمس الإسلام، كان صهيب ممن أسرع لتلبية نداء الحق، فذهب إلى دار الأرقم، وأعلن إسلامه أمام رسول الله ، ولم يَسْلَم صهيب من تعذيب مشركي مكة، فتحمل ذلك في صبر وجلد؛ ابتغاء مرضاة الله وحبًّا لرسوله ، وهاجر النبي بعد أصحابه إلى المدينة، ولم يكن صهيب قد هاجر بعد، فخرج ليلحق بهم، فتعرض له أهل مكة يمنعونه من الهجرة؛ لأنهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه، لأنه جاء إلى بلادهم حينما كان عبدًا فقيرًا، فلا يحق له أنه يخرج من بلادهم بماله وثرائه، وصغر المال في عين صهيب، وهان عليه كل ما يملك في سبيل الحفاظ على دينه، فساومهم على أن يتركوه، ويأخذوا ماله، ثم أخبرهم بمكان المال، وقد صدقهم في ذلك، فهو لا يعرف الكذب أو الخيانة.
وكان صهيب تاجرًا ذكيًّا، فتاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه، فربح بيعه، وعظم أجره، واستحق أن يكون أول ثمار الروم في الإسلام، واستحقَّ ما روي عن رسول الله أنه قال: (صهيب سابق الروم) [ابن سعد]. وشارك صُهيب في جميع غزوات الرسول ، فها هو ذا يقول: لم يشهد رسول الله
مشهدًا قط إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزوة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله بيني وبين العدو قط حتى تُوُفِّي.
وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر -رضي الله عنهما-، وكان بطلا شجاعًا، وكان كريمًا جوادًا، يطعم الطعام، وينفق المال، قال له عمر -رضي الله عنه- يومًا: لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب، ما قدمت عليك أحدًا، أراك تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي، وتُكنى بأبي يحيي، وتبذر مالك. فأجابه صهيب: أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه، وأما اكتنائي بأبي يحيى، فإن رسول الله كناني بأبي يحيى فلن أتركها، وأما انتمائي إلى العرب، فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم (لغتهم)، وأنا رجل من النمر بن قاسط.
[ابن سعد].
وكان عمر -رضي الله عنه- يعرف لصهيب فضله ومكانته، فعندما طُعن -رضي الله عنه- أوصى بأن يصلي صهيب بالناس إلى أن يتفق أهل الشورى على أحد الستة الذين اختارهم قبل موته للخلافة؛ ليختاروا منهم واحدًا، وكان صهيب طيب الخلق، ذا مداعبة وظُرف، فقد رُوي أنه أتى المسجد يومًا وكانت إحدى عينيه مريضة، فوجد الرسول وأصحابه جالسين في المسجد، وأمامهم رطب، فجلس يأكل معهم، فقال له النبي مداعبًا: (تأكل التمر وبك رمد؟) فقال صهيب: يا رسول الله، أني أمضغ من ناحية أخرى (أي: آكل على ناحية عيني الصحيحة). [ابن ماجه]، فتبسم رسول الله .
وظل صهيب يجاهد في سبيل الله حتى كانت الفتنة الكبرى، فاعتزل الناس، واجتنب الفتنة، وأقبل على العبادة حتى مات -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (38هـ)، وعمره آنذاك (73) سنة، ودفن بالبقيع. وقد روى صهيب -رضي الله عنه- عن النبي أحاديث كثيرة، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم أجمعين-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:51 pm

أول من جهر بالقرآن
عبد الله بن مسعود

إنه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، كان مولى لعقبة بن أبي معيط، يرعى غنمه في شعاب مكة، فمرَّ عليه النبي ومعه الصديق -رضي الله عنه- ذات يوم، فقال له النبي : (يا غلام هل من لبن؟).
فقال عبد الله: نعم، ولكني مؤتمن، فقال له رسول الله : (فهل من شاة حائل لم ينـز عليها الفحل). فقال: نعم، ثم أعطاه شاة ليس في ضرعها لبن، فمسح رسول الله ضرعها بيده الشريفة، وهو يتمتم ببعض الكلمات، فنزل اللبن بإذن الله، فحلبه الرسول بيده في إناء، وشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال النبي للضرع: (اقلص)، فجف منه اللبن، فقال عبد الله في دهشة وتعجب: علمني من هذا القول الذي قلته. فنظر إليه رسول الله في رفق ومسح على رأسه، وصدره وقال له: (إنك غُليِّم معلم)، ثم تركه وانصرف. [أحمد].
سرت أنوار الهداية في عروق ابن مسعود، فعاد إلى سيده بالغنم، ثم أسرع إلى مكة يبحث عن ذلك الرجل وصاحبه حتى وجده، وعرف أنه نبي مرسل، فأعلن ابن مسعود إسلامه بين يديه، وكان بذلك سادس ستة يدخلون في الإسلام، وذات يوم، اجتمع أصحاب النبي ، فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه؟ فقام عبد الله، وقال: أنا. فقالوا له: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه. قال: دعوني، فإن الله سيمنعني. ثم ذهب إلى الكعبة، وكان في وقت الضحى، فجلس ورفع صوته بالقرآن، وقرأ مسترسلاً: {بسم الله الرحمن الرحيم. الرحمن . علم القرآن} [الرحمن: 1-2]، فنظر إليه أهل مكة في تعجب ودهشة، فمن يجرؤ على أن يفعل ذلك في ناديهم؟ وأمام أعينهم؟! فقالوا في دهشة: ماذا يقول ابن أم عبد؟!
ثم أنصتوا جيدًا إلى قوله، وقالوا في غضب: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، ثم قاموا إليه، وضربوه ضربًا شديدًا، وهو يستمر في قراءته حتى أجهده الضرب، وبلغ منه الأذى مبلغًا عظيمًا، فكفَّ عن القراءة، فتركه أهل مكة وهم لا يشكون في موته، فقام إليه أصحابه، وقد أثَّر الضرب في وجهه وجسده، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك. فقال: ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا (أي أفعل ذلك مرة أخرى)، قالوا: لا، لقد أسمعتهم ما يكرهون.
وهاجر ابن مسعود الهجرتين، وآخى رسول الله بينه وبين الزبير بن العوام -رضي الله عنه- في المدينة، وكان ابن مسعود من أحرص المسلمين على الجهاد في سبيل الله، شارك في جميع غزوات المسلمين، ويوم بدر ذهب عبد الله إلى رسول الله مبشرًا له، وقال: يا رسول الله، أني قتلت أبا جهل، ففرح بذلك رسول الله ، ووهبه سيف أبي جهل مكافأة له على ذلك.
وكان ابن مسعود أعلم أصحاب رسول الله بقراءة القرآن، ومن أنداهم صوتًا به، ولذا كان رسول الله يقول: (استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل) [البخاري].
وقال : (من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد) [البزار].
وكان رسول الله يحب سماع القرآن منه، فقال له ذات مرة: (اقرأ عليَّ)، فقال عبد الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (أني أحب أن أسمعه من غيري)، فقرأ ابن مسعود من سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} [النساء: 14]، فبكى رسول الله وقال: (حسبك الآن) [البخاري].
وكان ابن مسعود يقول: أخذت من فم رسول الله سبعين سورة. وكان يقول عن نفسه كذلك: أني لأعلم الصحابة بكتاب الله، وما أنا بخيرهم، وما في كتاب الله سورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيما نزلت ومتى نزلت.
وكان عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- يقول: كان النبي يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة، فلما كان العام الذي مات فيه النبي عرضه عليه مرتين، وحضر ذلك عبد الله بن مسعود، فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل.
وقال حذيفة -رضي الله عنه-: لقد علم المحفظون من أصحاب رسول الله أن عبد الله بن مسعود كان من أقربهم وسيلة إلى الله يوم القيامة، وأعلمهم بكتاب الله. وكان عبد الله شديد الحب لله ولرسوله ، وظل ملازمًا للنبي ، يسير معه حيث سار، يخدم النبي (، يلبسه نعله، ويوقظه إذا نام، ويستره إذا اغتسل.
وكان النبي يحبه ويقربه منه، ويدنيه ويقول له: إذنك عليَّ أن يرفع الحجاب، وأن تستمع سوادي (أسراري) حتى أنهاك) [مسلم]. فسمي عبد الله بن مسعود منذ ذلك اليوم بصاحب السواد والسواك، وقد بشره رسول الله ( بالجنة، وكان يقول عنه: لو كنت مؤمرًا أحدًا (أي مستخلفًا أحدًا) من غير مشورة منهم لأمرت (أي استخلفت) عليهم ابن أم عبد) [الترمذي].
وقال : (وتمسكوا بعهد ابن مسعود) [الترمذي]، وروي عنه أنه قال: (رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد) [الحاكم].
ويروى أن رسول الله أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها، فلما رأى أصحابه ساقيه ضحكوا، فقال : (ما تضحكون؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد) [أحمد وابن سعد وأبو نعيم].
وفي خلافة الفاروق -رضي الله عنه- أرسل عمر إلى أهل الكوفة عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-، وقال: عمار أمير، وابن مسعود معلم ووزير، ثم قال لأهل الكوفة: لقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي. وجاء رجل من أهل الكوفة إلى عمر في موسم الحج، فقال له: يا أمير المؤمنين، جئتك من الكوفة، وتركت بها رجلاً يحكى المصحف عن ظهر قلب. فقال عمر: ويحك؛ ومن هو؟ فقال الرجل: هو عبد الله بن مسعود. فقال عمر: والله، ما أعلم من الناس أحدًا هو أحق بذلك منه.
وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عالما حكيمًا، ومن أقواله المأثورة قوله: أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. وكان -رضي الله عنه- يقول: أني لأمقت (أكره) الرجل إذ أراه فارغًا، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة.
وعندما مرض عبد الله بن مسعود مرض الموت، دخل عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يزوره، وقال له: أنأمر لك بطبيب؟ فقال عبد الله: الطبيب أمرضني. فقال عثمان: نأمر لبناتك بمال، وكان عنده تسع بنات، فقال عبد الله: لا، أني علمتهن سورة، ولقد سمعت رسول الله يقول: (من قرأ سورة الواقعة لا تصيبه الفاقة أبدًا) [ابن عساكر].
ويلقى ابن مسعود ربه على ذلك الإيمان الصادق، واليقين الثابت، طامعًا فيما
عند الله، زاهدًا في نعيم الدنيا الزائف، فيموت -رضي الله عنه- سنة (32 هـ)، وعمره قد تجاوز (60) عامًا ويدفن بالبقيع. وقد روى ابن مسعود -رضي الله عنه- كثيرًا من أحاديث رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:51 pm

ذو الجناحين
جعفر بن أبي طالب

إنه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- شهيد مؤتة، وابن عم رسول الله ، والشقيق الأكبر لعلي -رضي الله عنه-، أسلم مبكرًا، وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عُميْس، وتحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وثبات.
كان أشبه الناس خَلْقًا وخُلُقًا بالرسول ، كنَّاه الرسول بأبي المساكين، ولقبه بذي الجناحين، وقال عنه حين قطعت يداه: (إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء) [الحاكم].
وكان جعفر -رضي الله عنه- يحب المساكين ويطعمهم ويقربهم منه، ويحدثهم ويحدثونه، يقول عنه أبو هريرة: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب. ويقول عنه أيضًا: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب.
ولما خاف الرسول على أصحابه اختار لهم الهجرة إلى الحبشة، وقال لهم: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد)، فخرج جعفر وأصحابه إلى الحبشة، فلما علمت قريش، أرسلت وراءهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة -وكانا لم يسلما بعد-، وأرسلت معهما هدايا عظيمة إلى النجاشي ملك الحبشة؛ أملا في أن يدفع إليهم جعفر وأصحابه فيرجعون بهم إلى مكة مرة ثانية ليردوهم عن دين الإسلام.
ووقف رسولا قريش عمرو وعبد الله أمام النجاشي فقالا له: أيها الملك! إنه قد ضوى (جاء) إلى بلادك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك (المسيحية)، بل جاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم، وأعمامهم، وعشائرهم لتردهم إليهم. فلما انتهيا من كلامهما توجَّه النجاشي بوجهه ناحية المسلمين وسألهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، واستغنيتم به عن ديننا؟
فقام جعفر وتحدث إلى الملك باسم الإسلام والمسلمين قائلاً: أيها الملك، إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى عبادة الله وحده، وخَلْعِ (ترك) ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، فصدقناه وآمنا به، فعذبنا قومنا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان، فلما ظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك.
استمع النجاشي إلى كلمات جعفر، فامتلأت نفسه روعة بها، ثم سأله: هل معك شيء مما أنزل على رسولكم؟ قال جعفر: نعم، فقال النجاشي: فاقرأه علي. فقرأ جعفر من سورة مريم، فبكى النجاشي، ثم توجه إلى عمرو وعبد الله وقال لهما: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة (يقصد أن مصدر القرآن والإنجيل واحد). انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكما.
فأخذ عمرو يفكر في حيلة جديدة، فذهب في اليوم التالي إلى الملك وقال له: أيها الملك، إنهم ليقولون في عيسى قولاً عظيمًا، فاضطرب الأساقفة لما سمعوا هذه العبارة وطالبوا بدعوة المسلمين، فقال النجاشي: ماذا تقولون عن عيسى؟ فقال جعفر: نقول فيه ما جاءنا به نبينا : هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه. عند ذلك أعلن النجاشي أن هذا هو ما قاله عيسى عن نفسه، ثم قال للمسلمين: اذهبوا، فأنتم آمنون بأرضي، ومن سبكم أو آذاكم فعليه ما يفعل، ثم رد إلى قريش هداياهم.
وعاد جعفر والمسلمون من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة، ففرح الرسول فرحًا كبيرًا وعانقه وهو يقول: (ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحًا؛ أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟) [الحاكم]. وبنى له الرسول دارًا بجوار المسجد ليقيم فيها هو وزوجته أسماء بنت عميس وأولادهما الثلاثة؛ محمد، وعبد الله، وعوف، وآخى بينه وبين معاذ بن جبل -رضي الله عنهما-.
وفي العام الثامن من الهجرة، أرسل النبي جيشًا إلى الشام لقتال الروم، وجعل الرسول زيد بن حارثة أميرًا على الجيش وقال: (عليكم بزيد بن حارثة، فإن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة) [أحمد والبخاري]. ودارت معركة رهيبة بين الفريقين عند مؤتة، وقتل زيد بن حارثة، فأخذ الراية جعفر، ومضى يقاتل في شجاعة وإقدام وسط صفوف الروم وهو يردد بصوت عالٍ:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَــــا طَيَّبَةٌ، وَبَارِدٌ شَرَابُهَــــــا
وَالرُّومُ رومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَــا كَافِرَةٌ بَعيِدَةٌ أنْسَابُهَــــــا
عليَّ إِذْ لاقيتها ضرابهـــا
وظل يقاتل حتى قطعت يمينه، فحمل الراية بشماله فقطعت هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. يقول ابن عمر: كنت مع جعفر في غزوة مؤتة، فالتمسناه فوجدناه وبه بضع وتسعون جراحة، ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، وعلم الرسول خبر استشهاده، فذهب إلى بيت ابن عمه، وطلب أطفال جعفر وقبلهم، ودعا لأبيهم -رضي الله عنه-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:52 pm

صاحب دار الدعوة
الأرقم بن أبي الأرقم

إنه الصحابي الجليل الأرقم بن أبي الأرقم القرشي المخزومي -رضي الله عنه- وكنيته أبو عبد الله، أحد السابقين إلى الإسلام، قيل إنه سابع من أسلم، وقيل بل عاشر من أسلم. وفي الدار التي كان يمتلكها الأرقم على جبل الصفا، كان النبي يجتمع بأصحابه بعيدًا عن أعين المشركين؛ ليعلمهم القرآن وشرائع الإسلام، وفي هذه الدار أسلم كبار الصحابة وأوائل المسلمين، وهاجر الأرقم إلى المدينة، وفيها آخى رسول الله بينه وبين زيد بن سهل -رضي الله عنهما-.
وشهد الأرقم بن أبي الأرقم بدرًا وأحدًا والغزوات كلها، ولم يتخلف عن الجهاد، وأعطاه رسول الله دارًا بالمدينة. وروى أن الأرقم -رضي الله عنه- تجهز يومًا، وأراد الخروج إلى بيت المقدس، فلما فرغ من التجهيز والإعداد، جاء إلى النبي يودعه، فقال له النبي :
(ما يخرجك يا أبا عبد الله، أحاجة أم تجارة ؟) فقال له الأرقم: يا رسول الله! بأبي أنت وأمى، أني أريد الصلاة في بيت المقدس، فقال له الرسول : (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) فجلس الأرقم، وعاد إلى داره مطيعًا للنبي ومنفذًا لأوامره. [الحاكم].
وظل الأرقم يجاهد في سبيل الله، لا يبخل بماله ولا نفسه ولا وقته في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين حتى جاءه مرض الموت، ولما أحس -رضي الله عنه- بقرب أجله في عهد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أوصى بأن يصلي عليه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ثم مات الأرقم وكان سعد غائبًا عن المدينة آنذاك، فأراد مروان بن الحكم أمير المدينة أن يصلي عليه فرفض عبيد الله بن الأرقم، فقال مروان: أيحبس صاحب رسول الله لرجل غائب؟ ورفض ابنه عبيد الله بن الأرقم أن يصلي عليه أحد غير سعد بن أبي وقاص، وتبعه بنو مخزوم على ذلك، حتى جاء سعد، وصلى عليه، ودفن بالعقيق سنة (55هـ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:52 pm

سيد الشهداء
حمزة بن عبد المطلب



إنه حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- عم الرسول وأخوه في الرضاعة، وكان قد ولد قبل النبي بسنتين، وأرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وكان يكنى بأبي عمارة وكان حمزة صديقًا لابن أخيه محمد قبل البعثة، حيث عاشا سويًّا، وتربيا معًا.
أسلم في السنة الثانية بعد البعثة النبوية، وقيل: في السنة السادسة بعد دخول الرسول دار الأرقم؛ حيث كان حمزة -رضي الله عنه- في رحلة صيد، ومرَّ أبو جهل على رسول الله عند الصفا فآذاه وسبه وشتمه، ورسول الله ساكت لا يتكلم ولا يرد عليه، وكانت خادمة لعبد الله بن جدعان تسمع ما يقول أبو جهل.
فانتظرت حتى عاد حمزة من رحلته، وكان يمسك قوسه في يده، فقالت له الخادمة: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد من أبي الحكم بن هشام (أبي جهل)، وجده هاهنا جالسًا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يكلمه محمد ، فغضب حمزة، وأسرع نحو أبي جهل فوجده في جمع من قريش، فضربه حمزة بالقوس في رأسه، وأصابه إصابة شديدة، ثم قال له: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول، فرد ذلك عليَّ إن استطعت؟ فقام جماعة من بني مخزوم (قبيلة أبي جهل) إلى حمزة ليضربوه، فقال لهم أبو جهل: دعوا أبا عمارة فأني والله قد سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا. [ابن هشام].
فلما أصبح ذهب إلى الكعبة، ثم توجه إلى الله بالدعاء أن يشرح صدره للحق؛ فاستجاب الله له، وملأ قلبه بنور اليقين والإيمان، فذهب حمزة إلى رسول الله ليخبره بما كان من أمره، ففرح رسول الله بإسلامه فرحًا شديدًا ودعا له.
هكذا أعز الله حمزة بالإسلام، وأعز الإسلام به، فكان نصرًا جديدًا وتأييدًا لدين الله ولرسوله ، وما إن سمع المشركون بإسلام حمزة حتى تأكدوا من أن رسول الله صار في عزة ومنعة، فكفوا عن إيذائه، وبدءوا يسلكون معه سياسة أخرى، وهي سياسة المفاوضات، فجاء عتبة بن ربيعة يساوم النبي ويعرض عليه ما يشاء من أموال أو مجد أو سيادة.
واستمر حمزة -رضي الله عنه- في جهاده ودفاعه عن رسول الله حتى أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر حمزة، وهناك آخى الرسول بينه وبين زيد بن حارثة، وشهد حمزة غزوة بدر مع النبي ، وفي بداية المعركة هجم أحد المشركين ويدعى الأسود بن عبد الأسود على بئر للمسلمين وقال: أعاهد الله لأشربنَّ من حوضهم أو لأهدمنَّه أو لأمُوتَنَّ دُونَهُ، فتصدى له حمزة فضربه ضربة في ساقه، فأخذ الأسود يزحف نحو البئر فتبعه حمزة وقتله.
وبعدها برز ثلاثة من المشركين وهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عتبة، فخرج إليهم فتية من الأنصار، فنادوا: يا محمد.. أَخْرِج إلينا أكفاءنا من قومنا. فقال : قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي، فبارز عبيدة عتبة، وبارز علي الوليد، وبارز حمزة شيبة، ولم يمهل حمزة شيبة حتى قتله، وكذلك فعل عليٌّ مع خصمه الوليد، أما عبيدة وعتبة فقد جرح كل منهما الآخر، فأسرع حمزة وعلي بسيفيهما على عتبة فقتلاه.
وكان حمزة في ذلك اليوم قد وضع ريشة على رأسه، فظل يقاتل بشجاعة حتى قتل عددًا كبيرًا من المشركين، ولما انتهت المعركة، كان أمية بن خلف ضمن أسرى المشركين، فسأل: من الذي كان معلَّمًا بريشة؟ فقالوا: إنه حمزة، فقال: ذلك الذي فعل بنا الأفاعيل. ولقد أبلى حمزة في هذه المعركة بلاء حسنًا، لذلك سماه رسول الله : أسد الله، وأسد رسوله.
وأقسمت هند بنت عتبة أن تنتقم من حمزة ؛ لأنه قتل أباها عتبة وعمها وأخاها في بدر، وكذلك أراد جبير بن مطعم أن ينتقم من حمزة لقتل عمه طعيمة بن عدى، فقال لعبده وحشي، وكان يجيد رمي الرمح: إن قتلت حمزة فأنت حر.
وجاءت غزوة أحد وأبلى حمزة -رضي الله عنه- بلاءً شديدًا، وكان يقاتل بين يدي رسول الله بسيفين ويقول: أنا أسد الله. فلما تراجع المسلمون اندفع حمزة نحو رسول الله يقاتل المشركين، واختبأ وحشي لحمزة، وضربه ضربة شديدة برمحه فأصابته في مقتل، واستشهد البطل الشجاع حمزة -رضي الله عنه-.
ورآه النبي بعد انتهاء المعركة بين الشهداء قد مثل به، فقطعت أنفه وأذنه وشقت بطنه، فحزن عليه ( حزنًا شديدًا، وقال: لولا أن تجد (تحزن) صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية (دواب الأرض والطير) حتى يحشر من بطونها إكرامًا له وتعظيمًا) [أبو داود]. وقال : (سيد الشهداء حمزة) [الحاكم]. وصلى النبي على حمزة وشهداء أُحد السبعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:53 pm

الطيب المطيب
عمار بن ياسر

إنه عمَّار بن ياسر -رضي الله عنه-، كان هو وأبوه ياسر وأمه سمية بنت خياط من أوائل الذين دخلوا في الإسلام، وكان أبوه قد قدم من اليمن، واستقر بمكة، ولما علم المشركون بإسلام هذه الأسرة أخذوهم وعذبوهم عذابًا شديدًا، فمر عليهم الرسول وقال لهم: ( صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة) [الطبراني والحاكم].
وطعن أبو جهل السيدة سمية فماتت، لتكون أول شهيدة في الإسلام، ثم يلحق بها زوجها ياسر، وبقى عمار يعاني العذاب الشديد، فكانوا يضعون رأسه في الماء، ويضربونه بالسياط، ويحرقونه بالنار، فمرَّ عليه الرسول ، ووضع يده الشريفة على رأسه وقال: (يا نار كوني بردًا وسلامًا على عمار كما كنت بردًا وسلامًا على إبراهيم) [ابن سعد].
وذات يوم، لقى عمار النبي وهو يبكي، فجعل يمسح عن عينيه ويقول له: أخذك الكفار فغطوك في النار) [ابن سعد]، واستمر المشركون في تعذيب عمار، ولم يتركوه حتى ذكر آلهتهم وأصنامهم بخير، وعندها تركوه، فذهب مسرعًا إلى النبي ، فقال له النبي : ما وراءك؟ قال: شرٌّ يا رسول الله، والله ما تركت حتى نلت منك (أي ذكرتك بسوء) وذكرت آلهتهم بخير، فقال له النبي : (فكيف تجدك؟)، قال: مطمئن بالإيمان، قال: (فإن عادوا فعد) [ابن سعد والحاكم]. ونزل فيه قول الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} النحل: 106].
وهاجر عمار إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وشارك مع النبي في جميع الغزوات، حتى إنه قال ذات يوم: قاتلت مع رسول الله الجن والإنس فسأله الصحابة: وكيف؟ فقال: كنا مع النبي ، فنزلنا منزلاً، فأخذت قربتي ودلوي لأستقي، فقال : (أما إنه سيأتيك على الماء آت يمنعك منه)، فلما كنت على رأس البئر إذا برجل أسود، فقال: والله لا تستقي اليوم منها، فأخذني وأخذته (تشاجرنا) فصرعته ثم أخذت حجرًا، فكسرت وجهه وأنفه، ثم ملأت قربتي وأتيت رسول الله ، فقال: (هل أتاك على الماء أحد؟) قلت: نعم، فقصصت عليه القصة فقال: (أتدرى من هو؟)، قلت: لا، قال: (ذاك الشيطان).[ابن سعد].
وذات يوم استأذن عمار -رضي الله عنه- الرسول ( ليدخل فقال (: (من هذا؟) قال: عمار، فقال (: (مرحبًا بالطيب المطيب) [الترمذي والحاكم].
وذات يوم حدث بين عمار وخالد بن الوليد كلام، فأغلظ خالد لعمار، فشكاه إلى النبي ، فقال : (من عادى عمارًا عاداه الله، ومن أبغض عمارًا أبغضه الله) [النسائي وأحمد]، فخرج خالد من عند الرسول ( وما من شيء أحب إليه من رضا عمار، وكلمه حتى رضي عنه.
وقال النبي : (إن عمارًا مُلئ إيمانًا إلى مشاشه أي إلى آخر جزء فيه) [النسائي والحاكم]. وأمر النبي المسلمين أن يتبعوا عمارًا ويقتدوا به، فقال : (اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد (عبد الله ابن مسعود) [أحمد].
وجاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إن الله قد أمننا من أن يظلمنا، ولم يؤمنا من أن يفتنا، أرأيت إن أدركت الفتنة؟ قال: عليك بكتاب الله، قال: أرأيت إن كان كلهم يدعو إلى كتاب الله؟ قال: سمعت رسول الله يقول: (إذا اختلف الناس كان ابن سمية (عمار) مع الحق) [الحاكم].
وبعد وفاة النبي (، اشترك عمار مع الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- في محاربة المرتدين، وأظهر شجاعة فائقة في معركة اليمامة حتى قال ابن عمر -رضي الله عنه- في شجاعته: رأيت عمار بن ياسر -رضي الله عنه- يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون؟! أنا عمار بن ياسر، أمن الجنة تفرون؟! أنا عمار بن ياسر، هلمَّ إليَّ، وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تذبذب (تتحرك) وهو يقاتل أشد القتال.
وبعد أن تولى عمر بن الخطاب الخلافة، ولى عمارًا على الكوفة ومعه عبد الله بن مسعود وبعث بكتاب إلى أهلها يقول لهم فيه: أما بعد، فأني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا وابن مسعود معلمًا ووزيرًا، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد ، من أهل بدر، فاسمعوا لهما وأطيعوا، واقتدوا بهما.
وكان عمار متواضعًا زاهدًا سمحًا كريمًا فقد سبَّه رجل وعيَّره ذات مرة بأذنه التي قطعت في سبيل الله، وقال له: أيها الأجدع، فقال لها عمار: خير أذني سببت، فإنها أصيبت مع رسول الله . وكان يقول: ثلاثة من كن فيه فقد استكمل الإيمان: الإنفاق في الإقتار، والإنصاف من النفس، وبذل السلام للعالم.
وفي يوم صفين كان عمار في جيش علي، وقبل بداية المعركة شعر عمار بالعطش، فإذا بامرأة تأتيه وفي يدها إناء فيه لبن فشرب منه، وتذكر قول الرسول له: (آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن) [أحمد]، ثم قال في جموع المقاتلين: الجنة تحت ظلال السيوف، والموت في أطراف الأسنة، وقد فتحت أبواب الجنة، وتزينت الحور العين، اليوم ألقى الأحبة محمدًا وحزبه (أصحابه) ثم تقدم للقتال فاستشهد سنة(37هـ)، وكان عمره آنذاك (93) سنة، ودفنه الإمام عليُّ، وصلى عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:53 pm

مؤذن الرسول
بلال بن رباح

إنه بلال بن رباح الحبشي -رضي الله عنه-، وكان بلال قد بدأ يسمع عن الرسول الذي جاء بدين جديد، يدعو إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، ويحث على المساواة بين البشر، ويأمر بمكارم الأخلاق، وبدأ يصغي إلى أحاديث زعماء قريش وهم يتحدثون عن محمد. سمعهم وهم يتحدثون عن أمانته، ووفائه، وعن رجولته، ورجاحة عقله، سمعهم وهم يقولون: ما كان محمد يومًا كاذبًا، ولا ساحرًا، ولا مجنونًا، وأخيرًا سمعهم وهم يتحدثون عن أسباب عداوتهم لمحمد .
فذهب بلال إلى رسول الله ليسلم لله رب العالمين، وينتشر خبر إسلام بلال في أنحاء مكة، ويعلم سيده أمية بن خلف فيغضب غضبًا شديدًا، وأخذ يعذب بلالا بنفسه؛ لقد كانوا يخرجون به إلى الصحراء في وقت الظهيرة، ذلك الوقت التي تصير فيه الصحراء كأنها قطعة من نار، ثم يطرحونه عاريًا على الرمال الملتهبة، ويأتون بالحجارة الكبيرة، ويضعونها فوق جسده، ويتكرر هذا العذاب الوحشي كل يوم، ويظل بلال صابرًا مصممًا على التمسك بدينه، فيقول له أمية بن خلف: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول بلال: أحد.. أحد!!
لقد هانت على بلال نفسه بعدما ذاق طعم الإيمان، فلم يعد يهتم بما يحدث له في سبيل الله، ثم أمر زعماء قريش صبيانهم أن يطوفوا به في شعاب مكة وشوارعها ليكون عبرة لمن تحدثه نفسه أن يتبع محمدًا، وبلال لا ينطق إلا كلمة واحدة، هي: أحد.. أحد، فيغتاظ أمية ويتفجر غمًّا وحزنًا، ويزداد عذابه لبلال.
وذات يوم، كان أمية بن خلف يضرب بلالاً بالسوط، فمرَّ عليه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقال له: يا أمية ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ إلى متى ستظل تعذبه هكذا؟ فقال أمية لأبي بكر: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، وواصل أمية ضربه لبلال، وقد يئس منه، فطلب أبو بكر شراءه، وأعطى أمية ثلاث أواق من الذهب نظير أن يترك بلالا، فقال أمية لأبي بكر الصديق: فواللات والعزى، لو أبيت إلا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها، فقال أبو بكر: والله لو أبيت أنت إلا مائة أوقية لدفعتها، وانطلق أبو بكر ببلال إلى رسول الله يبشره بتحريره.
وبعد هجرة النبي والمسلمين إلى المدينة واستقرارهم بها، وقع اختيار الرسول على بلال ليكون أول مؤذن للإسلام، ولم يقتصر دور بلال على الأذان فحسب، بل كان يشارك النبي في كل الغزوات، ففي غزوة بدر أول لقاء بين المسلمين وقريش دفعت قريش بفلذات أكبادها، ودارت حرب عنيفة قاسية انتصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا.
وفي أثناء المعركة لمح بلال أمية بن خلف، فيصيح قائلاً: أس الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا، وكانت نهاية هذا الكافر على يد بلال، تلك اليد التي كثيرًا ما طوقها أمية بالسلاسل من قبل، وأوجع صاحبها ضربًا بالسوط.
وعاش بلال مع رسول الله يؤذن للصلاة، ويحيي شعائر هذا الدين العظيم الذي أخرجه من الظلمات إلى النور، ومن رقِّ العبودية إلى الحرية، وكل يوم يزداد بلال قربًا من قلب رسول الله الذي كان يصفه بأنه رجل من أهل الجنة، ومع كل هذا، ظل بلال كما هو كريمًا متواضعًا لا يرى لنفسه ميزة على أصحابه.
وذات يوم ذهب بلال يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين، فقال لأبيهما: أنا بلال، وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله. فزوجوهما، وكان بلال -رضي الله عنه- عابدًا لله، ورعًا، كثير الصلاة، قال له النبي ذات يوم بعد صلاة الصبح: حدِّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فأني قد سمعت الليلة خشفة نعليك (صوت نعليك) بين يدي في الجنة، فقال بلال:
ما عملت عملا أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي. [البخاري].
وحزن بلال حزنًا شديدًا لوفاة النبي ، ولم يستطع أن يعيش في المدينة بعدها، فاستأذن من الخليفة أبي بكر في الخروج إلى الشام ليجاهد في سبيل الله، وذكر له حديث رسول الله : (أفضل عمل المؤمنين جهاد في سبيل الله) [الطبراني]. وذهب بلال إلى الشام، وظل يجاهد بها حتى توفي -رضي الله عنه-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:53 pm

أول سفير في الإسلام
مصعب بن عمير

إنه الصحابي الكريم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- أو مصعب الخير، كان في صغره وقبل إسلامه شابًا جميلا مدللاً منعمًا، يلبس من الثياب أغلاها، يعرفه أهل مكة بعطره الذي يفوح منه دائمًا، وأبوه وأمه من أغنى أغنياء مكة، وكانا يحبانه حبًّا شديدًا، فرغباته كلها منفذة، وطلباته كلها مجابة.
سمع مصعب ما سمعه أهل مكة من دعوة محمد التي ينادى فيها بعبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، والمساواة بين الناس والتحلي بمكارم الأخلاق، فتحركت نفسه، وتاقت جوارحه أن يتعرف على هذا الدين الجديد، ولم يمض غير قليل حتى أسرع للقاء النبي في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأعلن إسلامه.
وكانت أمه خناس بنت مالك تتمتع بقوة شخصيتها، وكان مصعب يهابها، ولم يكن حين أسلم يخشى شيئًا قدر خشيته من أن يتسرب خبر إسلامه إلى أمه، فقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، وأخذ يتردد على النبي في دار الأرقم، يصلي معه ويستمع إلى آيات الله.
وذات يوم رآه عثمان بن طلحة وهو يصلي مع الرسول ، فذهب إلى أمه وأخبرها بما رأى، فطار صوابها، وغضبت عليه هي وقومها غضبًا شديدًا، لكن الفتى المؤمن وقف أمامهم يتلو عليهم القرآن في يقين وثبات، لعل الله يشرح به قلوبهم، ولم يشأ الله هدايتهم بعد، فقرروا حبسه، وعذبوه، فصبر واحتسب ذلك كله في سبيل الله.
ومنعت أمه عنه الطعام ذات يوم، ورفضت أن يأكل طعامها من هجر آلهتها ولو كان ابنها، وأخرجته من دارها، وهي تقول له: اذهب لشأنك لم أعد لك أمًّا، ورغم كل هذا يقترب مصعب من أمه ويقول لها: يا أمه أني لك ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. فتجيبه غاضبة: قسمًا بالآلهة، لا أدخل في دينك، فيزري برأيي ويضعف عقلي.
وعندما سمع مصعب بخروج بعض المؤمنين مهاجرين إلى الحبشة هاجر معهم، ثم عاد إلى مكة مع الذين عادوا إليها، فرآه قومه بعد رجوعه فرقت قلوبهم، وكفوا عن تعذيبه، وبعد بيعتي العقبة الأولى والثانية جاء إلى النبي من آمن من الأنصار، وطلبوا منه أن يرسل معهم من يقرئهم القرآن ويعلمهم أمور دينهم، فاختار الرسول مصعبًا ليكون أول سفير له خارج مكة، وأول مهاجر إلى المدينة المنورة.
فترك مصعب مكة للمرة الثانية طاعة لله ولرسوله ، وحمل أمانة الدعوة إلى الله مستعينًا بما أنعم الله عليه من عقل راجح، وخلق كريم، وأعجب أهل المدينة بزهده وإخلاصه فدخلوا في دين الله، وكان مصعب يدعو الناس إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فأسلم على يديه سادة أهل المدينة، مثل: أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ.
وتمضي الأيام والأعوام، ويهاجر الرسول وأصحابه إلى المدينة، وتغضب قريش، وتعد العدة لقتال المسلمين، ويلتقي جيش المسلمين والكفار في غزوة بدر، وينتصر المسلمون، وتجيء غزوة أحد، ويختار الرسول مصعبًا ليحمل اللواء.
ونشبت معركة رهيبة واحتدم القتال، وكان النصر أول الأمر للمسلمين، ولكن سرعان ما تحول النصر إلى هزيمة لما خالف الرماة أمر رسول الله ، ونزلوا من فوق الجبل يجمعون الغنائم، وأخذ المشركون يقتلون المسلمين، وبدأت صفوف المسلمين تتمزق.
وركز أعداء الإسلام على الرسول وأخذوا يتعقبونه، فأدرك مصعب هذا الخطر، وصاح مكبرًا، ومضى يجول ويصول، وهمه أن يلفت أنظار الأعداء إليه؛ ليشغلهم عن رسول الله ، وتجمع حوله الأعداء، فضرب أحدهم يده اليمنى فقطعها، فحمل مصعب اللواء بيده اليسرى، فضرب يده اليسرى فقطعها، فضم مصعب اللواء إلى صدره بعضديه، وهو يقول: وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل، فضربه أعداء الله ضربة ثالثة فقتلوه، واستشهد مصعب.
وبعد انتهاء المعركة جاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة، ويودِّعون شهداءها، وعند جثمان مصعب سالت الدموع وفيرة غزيرة، ولم يجدوا شيئًا يكفنونه فيه إلا ثوبه القصير، إذا غطوا به رأسه انكشفت رجلاه، وإذا وضعوه على رجليه ظهرت رأسه، فقال النبي : غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر (نبات له رائحة طيبة) [البخاري].
ومضى مصعب إلى رحاب الله سبحانه، وصدق فيه قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 32]، وقال الرسول وهو ينظر إلى شهداء أحد: (أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فوالذي نفسي بيده لا يسلِّم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه) [الحاكم والبيهقي].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:54 pm

حِب رسول الله
زيد بن حارثة

إنه زيد بن حارثة -رضي الله عنه-، وكان يسمى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن محمد، وكانت أمه سعدى بنت ثعلبة قد أخذته معها، وهو ابن ثمان سنوات، لزيارة أهلها في بني مَعْن، ومكثت سُعدى في قومها ما شاء الله لها أن تمكث، وفوجئ أهل معن بإحدى القبائل المعادية تهجم عليهم، وتنزل الهزيمة بهم، وتأخذ من بين الأسرى زيدًا.
وعادت الأم إلى زوجها وحيدة، فلم يكد يعرف حارثة الخبر حتى سقط مغشيًا عليه، وحمل عصاه فوق ظهره، ومضى يجوب الديار، ويقطع الصحارى، يسأل القبائل والقوافل عن ابنه وقرة عينه، حتى جاء موسم الحج والتجارة، فالتقى رجال من قبيلة حارثة بزيد في مكة، ونقلوا له لوعة أبويه، فقص عليهم زيد حكايته، وكيف هاجم بنو القَيْن قبيلة أمه واختطفوه، ثم باعوه في سوق عكاظ لرجل من قريش اسمه حكيم بن حزام بن خويلد، فأعطاه لعمته خديجة بنت خويلد التي وهبته لزوجها محمد بن عبد الله، فقبله وأعتقه، ثم قال زيد للحجاج من قومه: أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد.
فلما عاد القوم أخبروا أباه، ولم يكد حارثة يعلم مكان ابنه حتى خرج هو وأخوه إلى مكة فسألا عن محمد بن عبد الله، فقيل لهما: إنه في الكعبة -وكان النبي لم يبعث بعد- فدخلا عليه فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا، فامنن علينا، وأحسن في فدائه، فترك النبي لزيد حرية الاختيار، فقال لهما: (ادعوا زيدًا، خيروه، فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء).
ففرح حارثة، وقال للنبي : لقد أنصفتنا، وزدتنا، وأحسنت إلينا، فلما جاء زيد سأله النبي : (أتعرف هؤلاء؟) قال زيد: نعم: هذا أبي، وهذا عمي، فقال الرسول لزيد: (فأنا مَنْ قد علمت ورأيت، صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما)، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني مكان الأب والعم. فدهش أبوه وعمه وقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟! فقال زيد: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا.
فلما رأى الرسول ذلك فرح فرحًا شديدًا، ودمعت عيناه، وأخذ زيدًا وخرج إلى حجر الكعبة حيث قريش مجتمعة، ونادى: (يا من حضر، اشهدوا أن زيدًا ابني يرثني وأرثه) [ابن حجر]. فلما رأى أبوه وعمه ذلك طابت نفساهما. وصار زيد لا يُعْرف في مكة كلها إلا بزيد بن محمد، فلما جاء الإسلام أسلم زيد، وكان ثاني المسلمين، وأحبه الرسول
حبًّا عظيمًا.
ولما أذن الرسول لأصحابه بالهجرة هاجر زيد إلى المدينة، وآخى الرسول بينه وبين أسيد بن حضير، وظل زيد يدعى زيد ابن محمد حتى نزل قوله تعالى: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} [الأحزاب: 5]، فسمى زيد بن حارثة، وزوجه الرسول مولاته أم أيمن، فأنجبت له أسامة بن زيد، ثم زوجه ابنة عمته زينب بنت جحش، ولكن لم تطب الحياة بينهما، فذهب زيد إلى الرسول يشكوها، فأخبره النبي أن يمسك عليه زوجه، ويصبر عليها.
ولكن الله سبحانه أمر رسوله أن يطلق زينب من زيد، ويتزوجها هو، وذلك لإبطال عادة التبني التي كانت منتشرة في الجاهلية، وكان الابن بالتبني يعامل معاملة الابن الصلب، قال تعالى: {إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله ما مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها لكي لا يكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا ما قضوا منهن وطرًا وكان أمر الله مفعولاً} [الأحزاب: 73].
ويكفي زيد فخرًا أن شرفه الله تعالى بذكر اسمه في القرآن الكريم، وقد زوجه الرسول من أم كلثوم بنت عقبة، وكان زيد فدائيًّا شجاعًا، ومن أحسن الرماة، واشترك في غزوة بدر، وبايع النبي على الموت في أحد، وحضر الخندق، وصلح الحديبية، وفتح خيبر، وغزوة حنين، وجعله النبي أميرًا على سبع سرايا، منها: الجموع والطرف والعيص وحِسْمى، وغيرها، وقد قالت السيدة عائشة -رضي الله عنه-: ما بعثه رسول الله في جيش قط، إلا أمره عليهم. [النسائي وأحمد].
وعندما أخذ الروم يغيرون على حدود الدولة الإسلامية، واتخذوا من الشام نقطة انطلاق لهم؛ سيَّر الرسول جيشًا إلى أرض البلقاء بالشام، ووقف يُوَدِّعُ جيشه بعد أن أمر عليهم زيد بن حارثة، قائلاً: إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر
فعبد الله بن رواحة[ابن اسحاق].
وسار الجيش حتى نزل بجوار بلدة تسمى مؤتة، وتقابل جيش المسلمين مع جيش الروم الذي كان عدده يزيد على مائتي ألف مقاتل، ودارت الحرب، واندفع زيد في صفوف الأعداء، لا يبالي بعددهم ولا بعدتهم، ضاربًا بسيفه يمينًا ويسارًا، حاملا الراية بيده الأخرى، فلما رأى الأعداء شجاعته طعنوه من الخلف، فظل زيد حاملاً الراية حتى استشهد، فدعا له الرسول وقال: (استغفروا لأخيكم، قد دخل الجنة وهو يسعى) [ابن سعد].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:54 pm

شهيد يمشي على الأرض
طلحة بن عبيد الله

إنه الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله، قال عنه الرسول (: "من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض؛ فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" [الترمذي].
وهو أحد العشرة الذين بشرهم الرسول بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليكون منهم خليفة المسلمين.
وكان طلحة قد سافر إلى أرض بصرى بالشام في تجارة له، وبينما هو في السوق سمع راهبًا في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحد من أهل الحرم؟ فذهب إليه طلحة، وقال له: نعم أنا، فقال الراهب: هل ظهر أحمد؟ قال طلحة: من أحمد؟ قال الراهب: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، ومخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وحرة ويباخ (يقصد المدينة المنورة)، فإياك أن تسبق إليه.
فوقع كلام الراهب في قلب طلحة، ورجع سريعًا إلى مكة وسأل أهلها: هل كان من حدث؟ قالوا نعم، محمد الأمين تنبأ، وقد تبعه ابن أبي قحافة، فذهب طلحة إلى أبي بكر، وأسلم على يده، وأخبره بقصة الراهب.[ابن سعد]، فكان من السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر.
ورغم ما كان لطلحة من ثراء ومال كثير ومكانة في قريش فقد تعرض لأذى المشركين واضطهادهم مما جعله يهاجر المدينة حين أذن النبي للمسلمين بالهجرة، وجاءت غزوة لكنه لم يشهدها، وقيل إن الرسول أرسله في مهمة خارج المدينة وحينما عاد ووجد المسلمين قد عادوا من غزوة بدر، حزن طلحة حزنًا شديدًا لما فاته من الأجر والثواب، لكن الرسول أخبره أن له من الأجر مثل من جاهد في المعركة، وأعطاه النبي سهمًا ونصيبًا من الغنائم مثل المقاتلين تمامًا.
ثم شهد طلحة غزوة أحد وما بعدها من الغزوات، وكان يوم أحد يومًا مشهودًا، أبلى فيه طلحة بلاء حسنًا حتى قال عنه النبي : "طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض" [ابن عساكر].
وحينما نزل قول الله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) [الأحزاب: 23]، قال النبي : "طلحة ممن قضى نحبه" [الترمذي].
وحينما حدث اضطراب في صفوف المسلمين، وتجمع المشركون حول رسول الله كل منهم يريد قتله، وكل منهم يوجه السيوف والسهام والرماح تجاه الرسول إذا بطلحة البطل الشجاع يشق صفوف المشركين حتى وصل إلى رسول الله ، وجعل من نفسه حصنًا منيعًا للنبي ، وقد أحزنه ما حدث لرسول الله من كسر رباعيته (أي مقدمة أسنانه)، وشج رأسه، فكان يتحمل بجسمه السهام عن رسول الله، ويتقي النبل عنه بيده حتى شلت يده، وشج رأسه، وحمل رسول الله على ظهره حتى صعد على صخرة، وأتاه أبو بكر وأبو عبيدة، فقال لهما الرسول: اليوم أوجب طلحة يا أبا بكر"، ثم قال لهما: "عليكما صاحبكما"، فأتيا إلى طلحة فوجداه في حفرة، وبه بضع وسبعون طعنة ورمية وضربة، وقد قطعت إصبعه" [ابن سعد].
وكان أبو بكر الصديق إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة، وقد بشره الرسول بالجنة.
وقد بلغ طلحة مبلغًا عظيمًا في الجود والكرم حتى سمى بطلحة الخير، وطلحة الجواد، وطلحة الفياض، ويحكى أن طلحة اشترى بئر ماء في غزوة ذي قرد، ثم تصدق بها، فقال رسول الله : "أنت طلحة الفياض" [الطبراني]، ومن يومها قيل له طلحة الفياض.
وقد أتاه مال من حضرموت بلغ سبعمائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: مالك؟ فقال: تفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته، فأشارت عليه أن يقسم هذا المال على أصحابه وإخوانه، فسرَّ من رأيها وأعجب به، وفي الصباح، قسم كل ما عنده بين المهاجرين والأنصار، وهكذا عاش حياته كلها كريمًا سخيًّا شجاعًا.
واشترك في باقي الغزوات مع النبي ومع أبي بكر وعمر وعثمان، وحزن حزنًا شديدًا حينما رأى مقتل عثمان بن عفان رضي الله واستشهاده، واشترك في موقعة الجمل مطالبًا بدم عثمان وبالقصاص ممن قتله، وعلم أن الحق في جانب علي، فترك قتاله وانسحب من ساحة المعركة وفي أثناء ذلك أصيب بسم فمات.
وقد روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: والله إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا على سرر متقابلين [الحجر: 47].
وتزوج طلحة -رضي الله عنه- أربع نسوة، كل واحدة منهن أخت لزوجة من زوجات النبي ، وهن: أم كلثوم بنت أبي بكر، أخت عائشة، وحمنة بنت جحش أخت زينب، والفارعة بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة، ورقية بنت أبي أمية أخت أم سلمة.
وقد ترك طلحة تسعة أولاد ذكور وبنتًا واحدة، وروي عن النبي أكثر من ثلاثين حديثًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسد الحزين
عضو فعال
عضو فعال
الأسد الحزين


الـجــــــنــــس : ذكر
عدد المشاركـات : 179

الصحابة رضي الله عنهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصحابة رضي الله عنهم   الصحابة رضي الله عنهم I_icon_minitimeالسبت مارس 01, 2008 6:54 pm

حواري الرسول
الزبير بن العوام

إنه الزبير بن العوام -رضي الله عنه- الذي يتلقى في نسبه مع النبي ، فأمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أحد الستة أهل الشورى الذين اختارهم عمر؛ ليكون منهم الخليفة بعد موته، وزوج أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
وقد أسلم الزبـير مبكرًا، فكان واحدًا من السبعة الأوائل الذين سارعوا إلى الإسلام، ولما علم عمه نوفل بن خويلد بإسلامه غضب غضبًا شديدًا، وتولى تعذيبه بنفسه، فكان يلفُّه في حصير، ويدخن عليه بالنار، ويقول له: اكفر برب محمد، أدرأ (أكف) عنك هذا العذاب. فيرد عليه الزبير قائلاً: لا، والله لا أعود للكفر أبدًا. [الطبراني وأبو نعيم].
وسمع الزبير يومًا إشاعة كاذبة تقول: إن محمدًا قد قتل، فخرج إلى شوارع مكة شاهرًا سيفه، يشق صفوف الناس، وراح يتأكد من هذه الشائعة معتزمًا إن كان الخبر صحيحًا أن يقتل من قتل رسول الله ، فلقي النبي بشمال مكة، فقال له النبي "مالك؟" فقال: أخبرت أنك أخذت (قُتلت). فقال له النبي "فكنت صانعًا ماذا؟" فقال: كنت أضرب به من أخذك. ففرح النبي لما سمع هذا، ودعا له بالخير ولسيفه بالنصر.[أبو نعيم]. فكان -رضي الله عنه- أول من سل سيفه في سبيل الله.
وقد هاجر الزبير إلى الحبشة مع من هاجر من المسلمين، وبقي بها حتى أذن لهم الرسول ( بالعودة إلى المدينة.
وقد شهد مع رسول الله الغزوات كلها، وفي غزوة أحد بعد أن عاد جيش قريش إلى مكة أرسل الرسول سبعين رجلا من المسلمين في أثرهم، كان منهم أبو بكر والزبير. [البخاري].
ويوم اليرموك، ظل الزبير -رضي الله عنه- يقاتل جيش الروم وكاد جيش المسلمين أن يتقهقر، فصاح فيهم مكبرًا: الله أكبر. ثم اخترق صفوف العدو ضاربًا بسيفه يمينًا ويسارًا، يقول عنه عروة: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف، كنت أدخل أصابعي فيها، ثنتين (اثنتين) يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك.
وقال عنه أحد الصحابة: صحبت الزبير بن العوام في بعض أسفاره، ورأيت جسده، فقلت له: والله لقد شهدت بجسمك لم أره بأحد قط، فقال لي: أما والله ما فيها جراحة إلا مع رسول الله ، وفي سبيل الله. وقيل عنه: إنه ما ولى إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوة مع النبي أو مع أبي بكر أو عمر أو عثمان.
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا أرسله رسول الله مع علي بن أبي طالب، فوقفا أمام الحصن يرددان قولهما: والله لنذوقن ما ذاق حمزة، أو لنفتحن عليهم الحصن.
وقال عنه النبي : "إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير" [متفق عليه]. وكان يتفاخر بأن النبي قال له يوم أحد، ويوم قريظة: "ارم فداك أبي وأمي".
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير: كان أبواك من الذين استجابوا لله وللرسول من بعدما أصابهم القرح (تريد أبا بكر والزبير) [ابن ماجة].
وكان الزبير بن العوام من أجود الناس وأكرمهم، ينفق كل أموال تجارته في سبيل الله، يقول عنه كعب: كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهمًا واحدًا (يعني أنه يتصدق بها كلها)، لقد تصدق بماله كله حتى مات مديونًا، ووصى ابنه عبد الله بقضاء دينه، وقال له: إذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي. فسأله عبد الله: أي مولى تقصد؟ فأجابه: الله، نعم المولى ونعم النصير. يقول عبد الله فيما بعد: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه. [البخاري].
وعلى الرغم من طول صحبته للنبي فإنه لم يرو عنه إلا أحاديث قليلة، وقد سأله ابنه عبد الله عن سبب ذلك، فقال: لقد علمت ما كان بيني وبين رسول الله من الرحم والقرابة إلا أني سمعته يقول: "من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار" [البخاري]. فكان -رضي الله عنه -يخاف أن يتحدث عن رسول الله بشيء لم يقله، فيزل بذلك في النار.
وخرج الزبير من معركة الجمل، فتعقبه رجل من بني تميم يسمى عمرو بن جرموز وقتله غدرًا بمكان يسمى وادي السباع، وذهب القاتل إلى الإمام عليّ يظن أنه يحمل إليه بشرى، فصاح عليٌّ حين علم بذلك قائلاً لخادمه: بشر قاتل ابن صفية بالنار. حدثني رسول الله ( أن قاتل الزبير في النار. [أحمد وابن حبان والحاكم والطبراني].
ومات الزبير -رضي الله عنه- يوم الخميس من شهر جمادى الأولى سنة (36هـ)، وكان عمره يوم قتل (67 هـ) سنة وقيل (66) سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصحابة رضي الله عنهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 4انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» مدرسة الصحابة
» ائمة المسجد الحرام+اساميهم+نبذة عنهم
» سامي الحاج: بقاء 85 يمنيا بجوانتانامو رغم قرار بالإفراج عنهم
» أنشودة مدح الصحابة التي أبكت العالم !
» ياأهل التوحيد فرصة ذهبية الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر و

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصقراليماني :: المنتديات الاسلامية ::  القسم الاسلامي العام :: شخصيات اسلامية-
انتقل الى: