عام مضى بسلام على صعده، الموسومة جدلا بمدينة السلام، دونما ثورة أو تجدد لحرب جديدة أو سادسة، خلا بعض الأحداث المتفرقة هنا أو هناك، من الاشتباكات التي سهلت في أكثر الأحيان على العديد من المحللين والمراقبين التكهن ولمرات عديدة، باحتمالات نشوبها بين قوات الجيش وجماعة الحوثي في صعدة التي أنهكتها خمس حروب طاحنة، وخمس من السنوات العجاف التي رافقتها.
وعلى الرغم من كل تلك التكهنات بتجددها جريا على العادة إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، وعلى مدى عام كامل والحمد لله، منذ إعلان الرئيس وقف الحرب الخامسة في 17/7/2008م وبدون رجعه.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم، سؤال عن العودة، هل عادت الحرب مرة أخرى ؟ وهل بدأت تباشيرها ؟ نظرا للأحداث التي تشهدها مناطق من محافظة صعده اليوم ؟
أنا من جهتي أقول بما كنت أقول واعتقد به منذ فترات سابقه، أي خلال العام الماضي الذي توقفت فيه الحرب، وحتى مع توقعات البعض بتجددها كلما ثارت مشكلة بين قبائل هذه المنطقة أو تلك، أو حتى بين الجيش، أو كليهما معا من جهة وبين جماعة الحوثي من جهة أخرى على كثرتها، إلا ان حدسي كان يقول بأنها لن تتجدد ومع كل حدث من تلك الأحداث التي وقعت وكانت تتوالى تباعا، وتلك التوقعات اعتمدت في الغالب على قراءه لما يدور على الواقع.. واعتقد كذلك هذه المرة أنها لم تعد بعد، ولم تبدأ، ولم يحن موعد لعودتها بعد، ان كان لها ان تعود، ولن تعود بإذن الله تعالى.
دواعي عودة الحرب وتجددها
وانه ومن المنطقي الإجابة أو التبرير لهذا التصور، لكنني وقبل ذلك أفضل البدء بالتعريج على دواعي ومبررات تجدد حرب صعده،، ومن هنا فقد مضت الأيام خلال العام الماضي بمصابرة غير مسبوقة في الأصل تماشيا مع إحلال السلام، ومحاولة للابتعاد عن توتير الأوضاع، ومن هذا المنطلق إنصافا لا انحيازا بالدفع بلجان إعادة الإعمار إلى الميدان وقد أنجز حتى الآن وخلال العام يكاد ينتهي من ترميم ما يقارب 3000 منزل، من أصل 9800 منزل ومنشاة متضررة.
كما أن لجنة إحلال السلام التي شكلت برئاسة مناع وأضيف إليها مشايخ وبرلمانيين من صعده، قطعت مشوارا جيدا بهذا الصدد، مثل إطلاق بعض السجناء من الجانبين، وفتح الكثير من الطرقات التي كانت أغلقت ورفع عدد كبير من النقاط التي كانت استحدثت من الجانبين واستوعبت الكثير من المشاكل وصلت اغلبها إلى حد الاشتباكات المسلحة، واحتوت الكثير منها قبل تفاقمها، بالإضافة إلى انجازات أخرى حققتها على الرغم من الكيفية التي سبقت تشكيل اللجنة، بخصوص ما قيل عن اتفاق إعلان وقف الحرب، يسكت فيه الحوثيون عن القول بانهزامهم مقابل رتب واعتماد جنود والإفراج عن المعتقلين، وخفايا أخرى دارت بين الرئيس وعبدالملك الحوثي عبر اتصال هاتفي حينها.
غير أن فاعلية اللجنة بدأت تتضاءل في الآونة الأخيرة وتتوقف أمام وضع حلول لبعض الإشكالات كما جرى في مديريتي شدا ورازح بين الجيش والحوثيين، في ظل مزاعم تقول بمحاولات الحوثيين التمدد غربا لإكمال مشروع لديهم بامتلاك منفذ بحري من خلال الوصول إلى ميدي، ودخلت حراسة رئيسها مساء الجمعة 17/7/2009م في مواجهة مع عناصر حوثية نصبت كمين لدورية حراسة مناع المتواجد حاليا في الخارج وأصيب شخصان من كل طرف، واسر شخص ومن كل طرف، وكان مناع سبق تحميله من الحوثيين مسؤولية إعاقة مساعي احلال السلام في صعده.
وكانت الفترة الأخيرة، أي خلال الأشهر الثلاثة شهدت ارتفاعا لمنسوب تبادل الاتهامات بين السلطة وجماعة الحوثي بالسير نحو التصعيد لإشعال حرب جديدة، وأورد كل طرف قوائم من الاتهامات، إضافة إلى مخاوف السلطة من سحب الحوثيين البساط من تحت قدميها في إدارة الأمور على الواقع، ورسالات الجمهرة التي كان الحوثيون ينظمونها في أغلب المناسبات.. وصولا إلى حادثة اختطاف الأجانب بتاريخ 12/6/2009م وهي الحادثة التي حاول كل طرف توظيفها وتجييرها لصالحه ضد الطرف الآخر وبشتى السبل.
وقد وقف الكثير من المحللين والإعلاميين مطولا أمام محاولات معرفة السبب وراء استقالة جماعية من عضوية المؤتمر الشعبي العام لعدد أربعة من نواب صعده هم عثمان مجلي وعبدالسلام زابية وفيصل عريج وفايز العوجري في تاريخ 12/7/2009م قالوا بأنها الخطوة الأولى، واتهموا أجهزة الحكومة بالتآمر على قضايا المحافظة، وعدم تنفيذ وعود التنمية.. وتأتي الاستقالة كاحتجاج على ما وصفوه بتآمر أجهزة الدولة على قضايا محافظة صعده، وهي المحافظة التي شهدت وقبل شهر فقط من الاستقالة أخطر قضية مرت بها تمثلت في اختطاف وقتل الرعايا الأجانب، وهي القضية التي اعتبرت من أهم القضايا التي لا شك أنها ستفضي إلى حرب ولا ريب، وتزامنت في ذات الوقت مع إعلان فارس مناع رئيس لجنة إحلال السلام تحميله الحوثيين مسؤولية إعاقة جهود المساعي السلمية.. ؟ بالإضافة إلى صدور أحكام قضائية في حق مجموعتين من الحوثيين المتهمين في أحداث بني حشيش بصنعاء، وصولا إلى كمين المهاذر الذي أودى بالعقيد عيدروس ثابت الصبري وجنديان من مرافقيه..
موجبات السلام وضروراته
ومهما تكن عليه الاوضاع اليوم فانه من المتوجب على جميع الأطراف الانصياع لدواعي المنطق، والتسليم لمناشدة العقل التي تجوب كمائنهم، مناشدة لهم بالابتعاد عن تعكير صفو الأمور ونقاءها، بالسعي نحو إثارة حرب جديدة لا يريدها ولا يطلبها احد، الحوثيون، والسلطات، وكذا جميع أبناء صعده، فكيف يقول قائل بعودة المواجهات وعودة الحرب وأطرافها المعنيون هم في حد ذاتهم لا يطيقونها ولا ينشدونها بأي حال من الأحوال بل ويحاولون الفرار منها قدر الإمكان.
وبما أننا نكاد نسلم بقول من يقول ان هناك طرف ثالث يسعى بكل ما أوتي من قوة لإشعال الوضع، وقد سبق له ذلك في الحروب الماضية، تحت مسمى تجار الحروب، ومما لاشك فيه أن هؤلاء هم من البشر، ولذلك فانه يتوجب على من يعتقد بهذا المعتقد الإشارة إليهم بالبنان، حتى يتجنب الجميع مكائدهم وان كانت بمستوى الترتيب لحادث كحادث مسجد ابن سلمان أو كحادث اختطاف الأجانب وقتلهم في 12/6/2009م حتى يتجنب الجميع كيدهم ودسيستهم، على اشتراط عدم ترك مسببات من قبل الأطراف ذات العلاقة تعينهم على القيام بتنفيذ مخططاتهم المشبوهة، إن كان هناك من جديه في الأمر، وحقيقة لهذا المعتقد وهذا هم اقل موجبات إثبات قناعة الأطراف بالسلام والحرص عليه.
وغير ذلك فإنها ستكون مناوشات متقطعة هنا وهناك، وسيعيش أبناء صعده مرحلة أخرى من ألا حرب وألا سلام، تكلف الجميع مرارتها والتي يكون من الصعب التعايش معها في أي حال من الأحوال خاصة مع غياب دور لجنة إحلال السلام.
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: صعده علي شفاء حرب سادسه ؟ 
الثلاثاء أغسطس 04, 2009 7:25 am
