محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ العلامة/
في دار الحديث بمعبر حرسها الله تعالى
يوم الأربعاء ٢٩ رجب ١٤٢٩ ه
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد:
وتعظيم « قبول الحق » أيها الأخوة: فمما نحتاج أن نسمعه ونتحدث عنه
الحق.
تعلمون - حفظكم الله - أن دعوة أهل السنة قائمة على الحق: بحثاً عنه وتعلماً
له، وتسليماً ورضاً به، ودعوة إليه، وصبراً في سبيله، ومنابذة لما يخالفه، فنحن
بحاجة إلى أن نكون على هذا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
الحق يدور مع الرسول حيث دار، ويدور مع صحابته - دون غيرهم - حيث »
N قبول الحق
وآلام شيخ الإسلام هذا قاعدة عظيمة من القواعد التي يجب الاعتناء بها « داروا
سيراً وطلباً ودعوة ودفاعاً.
فإذا دُعيت إلى شيء؛ ، فمن أراد أن يكون مع الحق فلينظر أين الرسول
هل هذا الذي دُعيت إليه من قبل ، فابحث عن الدليل الذي جاء من الرسول
وهل ستكون في الصفِّ الذي فيه الرسول، وفي الجهة التي فيها ؟ الرسول
فتلك من المشاقّة ؛ لأنك إذا آنت في جهة ليس فيها رسول الله ؟ الرسول
والمحادّة والمخالفة والإعراض والإعتراض، خصوصاً إذا تعمد الشخص أن
يكون في جهة ليس فيها الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالذي يريد أن يتعبَّد الله العبودية الشافية الكافية التامة فليكن باحثاً عما آان
عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، لا يبغي بذلك بديلاً.
وأن يبحث عما آان عليه السلف، لأنه هنالك من يأتي بتأويلات، وأن
الرسول عنى بهذا آذا، والرسول آذا، وهذا يكون آذا، فانظر ما الذي آان عليه
السلف الصالح - رضي الله عنهم - فإنهم قد نجوا من الإبتداعات والضلالات،
ووطَّنوا أنفسهم على الحق، قبولاً له، وعملاً به، وسيراً عليه، ودعوة إليه،
وبذلوا النفس والنفيس من أجل الحق، فإذا سمعت شخصاً يقول: قال الله آذا، قال
الرسول آذا، ومعنى آذا: آذا، فقل له: أين الصحابة؟ هل هم في هذا الذي أنت
فيه؟ ولا شك أن هذا لا يتحقق إلا بالعلم الشرعي، فمن أراد أن يعرف ما آان
وما آان عليه السلف؛ هذا يحتاج إلى علم، فإذا لم يكن عندك ، عليه الرسول
علم فترجع إلى من عنده العلم، حتى تُوفق لهذا السير العظيم.
فتعظيم الحق والرجوع إليه؛ هذه هي ميزة آل صادق، ومخلص، وغيور
على الحق، وراغب فيه، ومقدِّم له على نفسه، وماله، وأقربائه، وأحبابه، وعلى
أآابر الرجال في عصره، وقبل عصره.
فاقبل الحق مطلقاً لك وعليك، حاآماً على النفس، على المال، على الجاه،
على آل ما يكون مطروقاً في هذه الحياة، للأسف أن هذا السير حُرم منه الكثير
والكثير، ولا أعني بذلك أهل البدع والضلالات، فهذا أمرهم واضح، أنهم قد
ترآوه تعمداً، لكن أيضاً بعض أهل السنة من بعد عصر السلف، لم يكونوا في
المستوى الذي آان عليه السلف، ومع هذا لا يزالون من أهل السنة، لكن
المطلوب المجاهدة للنفس، والتقديم للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
O قبول الحق
ولقد آثرة وصايا السلف في الرجوع إلى الحق عند المخالفة له، والغفلة عنه،
أو الجهل به، وأحوالهم في ذلك آثيرة، ومن ذلك:
أرسل إلى أبي موسى الأشعري رضي الله ما صح أن عمر بن الخطاب
يا عبد الله بن قيس، » : عنه حينما جعله قاضياً من قضاته، أرسل إليه بكتاب وفيه
لا يمنعك قضاء قضيت به بالأمس، فتعرفت، فهُديت إلى الحق؛ أن تعود إلى
أو بهذا « الحق، فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والتمادي في الباطل رذيلة
المعنى.
إلى أبي موسى انظروا إلى هذه الرسالة العظيمة من عمر بن الخطاب
أنه إذا قضى بخلاف الحق، ثم عرف الحق، يعود إليه، هذا هو ، الأشعري
المطلوب منا جميعاً، فكم يحصل أن نقول آلاماً، أو نقرر شيئاً، ثم يظهر أنه
خلاف الحق، فالمطلوب المبادرة إلى الرجوع إلى الحق، ولأن يرجع المسلم إلى
الحق، وهو منقاد إليه ذليل، خير له من أن يرفع رأسه رفعاً شيطانياً، فيظن أنه
قد اعتز برد الحق، وعدم قبوله.
ولهذا الله يرفع العبد بقدر ما يعلم الله منه من قبوله الحق، ورضاه به، فقد
آان السلف يتقربون إلى الله - عز وجل - بذلك، جاء عن الإمام أحمد بن حنبل -
أحسن ما رأيت في الشافعي أنه آان إذا بلغه الخبر عمل به » : رحمه الله- أنه قال
فمن أعظم ما يتصف به طلاب العلم والعلماء والدعاة: الرجوع إلى « وترك قوله
الحق، والتعظيم للحق، استماعاً، وإنصاتاً، وخضوعاً، وانقياداً، وهذا مما يتفضل
الله به على ما يشاء من عباده.
الإثنين مايو 15, 2023 7:04 am
موضوع: قبول الحق 
الإثنين مارس 16, 2009 1:22 am
جزاكم الله الف خير ونفعنا بعلمكم 
