بلاغ للرأي العام..إحراق منازل قرويين في باجل

عجوز في السبعين تصرخ وهي مفترشة العراء بعد أن أحرقوا عشتها .. "الدولة ماتن أحرقوا أجوافنا وملابسنا وووه القيامة قامت أين الدولة ببنادقها تطرد المجرمين ؟ ".. صراخ الأطفال ودموع أمهاتهم التي تشكوا ظلم الظالمين .. إختلط كل شيء وأنا أرقب الفاجعة عن كثب والبيوت الطينية المحروقة والحرائق والأدخنة والقش والأخشاب والكتب والقلوب المزقة بالقهر والخوف والرعب والأحداق الدامعة وحتى الجلود المحروقة يتداعى هنا كل شيء .. شائعات عن سحر في القرية .. لا عصابة مخدرات لا متنفذون .. دموع العجزة صرخاتهم أنين الأطفال وآثار حروق رجل كهل وطفلة نجت بأعجوبة من الحريق.. أنا هنا أقف على أطلال قرية منكوبة بحق أو هكذا أريد لها أن تكون ولأهلها الأحرار الذين تحرق منازلهم بتهمة الديمقراطية .. أود أن أصرخ أنا الآخر لشدة ما رأيت .. حرائق تطال المنازل تندلع فجأة قبل أن تخمد
أخرى .. سنة وبضعة أشهر والخوف يسيطر على نفوس الأطفال والنساء والعجزة في قرية الهيجة بني باشا إلى الشرق من مدينة باجل بمحافظة الحديدة الدائرة (193)المركز " و ".

ترددت الأخبار عن حريق هنا وحريق هناك تعاملت معها في بادئ الأمر بأنها متوقعة في سكان يعيشون في منازل من القش والطين .. تلقيت اتصالات متكررة وأن ثمة فاعلين ينفذون مهمة قذرة لتصفية حسابات وأبعاد مع سكان الريف البسطاء في قرية أول ما دخلتها يوم الأربعاء الماضي حتى صعقت لهول الفاجعة ، إنها كارثة حقيقية عمل متعمد ربما تصفية حساب مع سكان انتخب معظمهم بن شملان في انتخابات الرئاسة كما يقول القرويون وقايضوا السكان حينها بفوز المرشح الذي يرغبون مقابل أن تعدل نتيجة صندوق الرئاسة.

أطلال قرية

ها أنا على طلال هذه القرية المذعورة والمنكوبة التي لم يعد سكانها يشعرون بالأمن، يضعون براميل المياه الحاقنة بجوار وداخل المنازل استعداد لعملية إطفاء يتناوبون الحراسة ليلا ونهارا..

حرقى ومصابون وعجزة يصرخون نريد الأمان من الدولة فقط ولا نريد شيء .. نريد أن يسلمونا من الحرائق هكذا يقول عبد الله باشا المواطن الذي ذاق فجيعة الحريق في منزله المتواضع .. أطفال في رعب يصرخون بالبكاء لمجرد صوت في القرية يطالبون أمهاتهم بإطفاء أي نار تستخدم للإضاءة .. مرضى بحالات نفسية وعاهة تسكن الطفولة التي أسعف بعضها إلى المستشفيات .. كان علي أن التقط 30 صورة
لحجم الكارثة التي طالت سكان بدا الخوف في وجوههم البائسة ومنازلهم الطينية المكسوة بالقش المحروق لدرجة أضطر معظم سكان المنازل إبعاد القش من فوق قباب المنازل الطينية وتركوها حاسرة للشمس والحر على غير العادة في منازل القرويين في تهامة .. كل شيء هنا يشي بالفاجعة والأمن اكتفى بسجن احد المتهمين لمدة شهر وخرج بضمانة وحين استدعي آخر وصل إلى النيابة وغادر هو الآخر والجواب حتى الآن لا توجد قرائن لدى الأمن لتوجيه الاتهام لأحد، وحين ذهب شيخ القرية إلى عضو مجلس النواب حين سمع انه اتصل بالبحث الجنائي في باجل بشأن المتهمين قال له اتصلت بالأمن حتى لا يعرض المتهمين لأي أذى لأن هذا أمر يخالف القانون.

يتحدث أبناء القرية عن متنفذين .. والبعض الآخر استسلم لشائعة السحر الذي يحرق القرية .. والقصة تبدأ من هنا كما رواها أبناء القرية وتبدأ مع رجل علم تعرض منزله إلى أكثر من خمس حرائق وكان في قرية "دير المهدلي" قبل أن يفر بأسرته إلى الهيجة.

"الصحوة نت" استمعت للسكان وتنقلها للرأي العام والجمعيات الخيرية والمعنيين بحقوق الإنسان ولرجال الخير وللرئيس، وبن شملان وللدولة وللأحزاب إن لم تقدروا على ضبط وإيقاف هذا الرعب "فبنوا لنا بيوت من بلك أقل شيء" بهذه اللغة الذابحة يشكوا المنكوبين.



ضحايا الديمقراطية

المستهدف الأول عبد الله محمد عبد الله وهو أستاذ ومربي ويعلم الناس وأبنائهم العلوم الشرعية ، يقول بصوت خافت ومسالم ومكدود بالصبر.. انه كان يسكن في قرية دير المهدلي ومنذ 2007م "بعد عيد عرفة حصل لمنزلي 8 حرائق، تتبعنا أثر الجناة ولكثرة الحرائق والآثار، وعجز الأمن الوصول إلى الفاعل تضاعف الخوف والقلق لدى النساء والأطفال لدرجة مروعة، بعت كل شيء وفقدت كل شيء ولم يعد أمامي سوى الانتقال إلى قرية الهيجه خاصة بعد ازدياد الأذى من المتنفذين - حسب قوله.

المعلم "عبد الله" الذي وقف معه بعض الخيرين وبني له بيت من البلك محفوفة بالقش كذلك، يضيف " حين
عدت لسيرتي الأولى في توعية الناس وتعليمهم وفتحت منتدى، اغتاظ المتنفذون حين رأوا إقبال الناس على لأنهم عزوا فوز بن شملان لثقة الناس بي ولتوعيتي لهم بحقوقهم، فعمدوا أولا للسحر وصرف الله عني هذا الأمر، وكنت أجد أشياء غريبة تدل على ذلك، وحين رأوا أنه لا قدرة للسحر فعادوا للحريق فأضرموا النيران في منزلي 4 مرات ولم يكتفوا بذلك بل أضرموا ما يقارب 24 حريق في منازل الشهود وعددهم 2 الذين حضروا لدى البحث الجنائي، بل وحتى الذين وقفوا معي من الجيران وعددهم 5 أخرها الأحد الماضي أحرقوا المنزل بما فيه وأحرقوا المكان الذي أدرس فيه، بلغنا بالعصابة المتنفذة فقبض على البعض وتركوا كبار العصابة والممول لها ، وبعد أن استمع البحث إلى الشهود عادت الحرائق وبشكل متسارع حتى أصبحنا لا نستطيع أن نوصل شاهد على أي حريق خوفا على منزله. يقولون من سيضمن لنا عدم حرق منازلنا.

وهكذا أصبح أصحاب القرية منكوبين يستظلون بالشجر والمشمعات البلاستيكة .. هذه الأحداث كانت قبيل وبعد الإنتخابات، هددوني - والحديث للمعلم عبد الله - وقالوا لي أنت موظف لدى الدولة فكيف تصوت لغير الرئيس؟.

أما إبراهيم حسن عبد الله فيقول والدموع تتقافز من عينيه " أحرقت بيتي وأتلفت مع بعض الأدوات ولا يوجد سبب سوى إنني آويت الأستاذ عبد الله في بيتي مع أطفاله بعدما أحرقوا بيته". مضيفا "ان العصابة دمرت حياتي وأنا بانتظار دولة تنقذنا من هذا الظلم الذي لا يعلم به سوى الله.


أما على حسن، أحد الشهود ضد أحد أفراد العصابة، فيقول "لقد انتهى كل شيء في منزلي أحرق 5 مرات وضاع على كل شيء، وأطفالي في حالة نفسية، عالجت بعضهم والبعض لا أقدر ، نريد منازل من البلك حتى لا يقدر على إحراقها العصابة.. نناشد كل الجمعيات والرئيس ووزارة حقوق الإنسان ونقول لهم "نحن يمنيون، تهمتنا أننا وقفنا إلى جوار رجل يعلم أولادنا ويربينا على الحرية".

حسن حسن عبد الله، مواطن احرق النافذون منزله بالكامل ولم يعد يسكن سوى تحت مشمع بلاستيكي، يتحدث بصوت مبحوح لـ"الصحوة نت " وخوفا على منازلنا تركناها بلا قش وبلا سطوح".

ويقول الوالد عبد الله علي باشا - 90 سنه - أحرقت بيتي وبيت أولادي وأحفادي لم يحصل لنا هذا الظلم أيام الإمام ، جاء الأستاذ عبد الله إلينا فأحرقوا بيوتنا وكأننا سرق وقطاع طرق .. ليش تسكت الدولة عن هؤلاء المجرمين؟، قالوا ديمقراطية وصدقنا !، واليوم يحرقوا منازلنا.

محمد على عبد الله، هو الآخر هب لإنقاذ منزل احد جيرانه فإذا ببيته يشتعل في نفس اللحظة بعد أن أصيب بعض أطفاله الذي كان ينام أحدهم في"الحندول" الذي أخرج منه أثناء عملية حرق منزله .. شعرت بحجم المرارة التي تختنق بها حلوق هؤلاء المسالمين .. رائحة الدخان والقهر والمرض والبؤس والخوف والرعب كانت تختزلها وجوه هؤلاء الرعية والمزارعون الذين يهددون بالنزوح الجماعي من القرية إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه.

نداء استغاثة

وهنا يوجهون بلاغ للرأي العام ونداء استغاثة إلى رئيس الجمهورية ومحافظ المحافظة ووزارة حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية إيقاف هذا الظلم النازل عليهم أو إعادة بناء منازلهم من البلك حتى لا تشتعل النار فيها .. "بسرعة أغيثونا فنحن يمنيون نشعر بالخوف في قريتنا ما لم يشعر به أجدادنا منذ قرون"..





* ينشر بالتزامن مع أسبوعية الأهالي

:شكرا:

:تشرفنا: