من يقود الإصلاح التربوي

المتابع لمشاريع الإصلاح التربوي الناجحة في العالم يجد أن الدول توفر أسباب النجاح المختلفة لتمكين هذه المشاريع من تحقيق الأهداف المرجوة منها. على رأس هذه الأسباب اختيار القيادة الجماعية الفعّالة التي تلعب دوراً جوهرياً في قيادة مشاريع الإصلاح التربوي نحو النجاح. تجارب الدول المتقدمة في إدارة مشاريعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أثبتت أن الطريقة الأنجع للنجاح تتم من خلال إبعاد الفردية عن عملية صنع القرار واستبدالها بالروح الجماعية. مشاريع إصلاح التعليم في هذه الدول قيدت بشكل جماعي فأصابت النجاح. من المؤسف أن القيادة الجماعية لم توفر لأي عملية إصلاح تربوي في الدولة ولعل غياب هذا الشكل من القيادة كان من الأسباب التي أسهمت في فشل محاولات الإصلاح التي قامت بها وزارة التربية والتعليم.



اختيار المنهجية الجماعية وليس الفردية في إدارة وقيادة إصلاح التعليم له ما يبرره وهذا المقال سيتناول بالبحث والتحليل مجموعة من هذه المبررات.



لماذا القيادة الجماعية وليست الفردية؟



هناك أسباب كثيرة تبرر أهمية وجود قيادة جماعية وليس فردية لعملية الإصلاح التربوي لكننا نركّز في هذا المقال على مجموعة مهمة من هذه الأسباب نذكر منها:



1. القيادة الجماعية تضمن استمرارية المشروع الإصلاحي بحيث لو غاب شخص أو مجموعة من الأشخاص لم يتأثر المشروع. معلوم أن كل وزير تربية يأتي بمشروعه ويبقى هذا المشروع على سلم الأولويات ما بقي الوزير على رأس الوزارة وبمجرد مجيء وزير جديد "يجب ما قبله" فتبدأ عملية جديدة من التخطيط والتنفيذ. ولو رجعنا بالذاكرة قليلاً وتساءلنا أين رؤية 2020 التي شغلت المجتمع واستنزفت الطاقات والموارد واستهلكت الأموال، الإجابة هي أنها ذهبت بذهاب صاحبها. ومن المؤسف نقول أن حتى الجوانب الإيجابية في هذه الاستراتيجية ذهبت أدراج الرياح.



2. القيادة الجماعية رأيها أكثر سداداً وأكثر حكمة من الرأي الفردي. نعلم أن التربية من العلوم الإنسانية التي تكثر فيها الإجتهادات والآراء التي منها ما هو نافع ومنها ما هو ضار ولا تظهر مضرة أو منفعة أي قرار إلا بعد زمن أي بعد ما تبذل الجهود والطاقات وتصرف الأموال. وعليه فإن وجود رأي جماعي ناضج يقلل من فرص اتخاذ قرارات غير صائبة تؤخر الإصلاح وتستهلك الموارد.



3. القيادة الجماعية تسد ثغرة تعدد وتشعب التخصصات التربوية المختلفة. من الأمور التي تزيد من تعقيد عملية الإصلاح التربوي، كثرة التخصصات العلمية التي يتعامل معها الميدان التربوي. فكل مادة تدرس في المدرسة لها طرق تدريس وأساليب تقويم تختلف عن بقية المواد. وكل مرحلة سنية لها متطلباتها الخاصة بها. وإذا تفرد شخص، مهما كانت إمكانياته وخبراته، بالمشروع الإصلاحي فإنه لن يستطيع إعطاء كل هذه المواد حقها بالعدل. بل قد يميل القائد الفرد إلى تخصصه العلمي أكثر ويعطيه أكثر من حقه على حساب بقية التخصصات.



4. القيادة الجماعية توفر فرصة أفضل للتواصل مع الميدان. تعاني المدارس والعاملون فيها من التهميش في المشاركة بعملية صنع القرار التربوي علماً بأنهم الأدرى والأعرف بحال الميدان لأنهم ببساطة متناهية الأقرب إلى الطالب، صلب العملية التربوية. وجود قيادة جماعية متعددة الأعضاء يتيح لهولاء الأعضاء التواصل الدائم بالميدان التربوي مما يؤدي إلى إنضاج عمليتي صنع واتخاذ القرار القيادي ويسهم في ذات الوقت بإبقاء الميدان على وعي بما يدور في أروقة القيادة مما سينهض بحافزية الميدان لتبنى مشاريع القيادة عن قناعة تامة دون مقاومة للتغيير.





ما هو شكل هذه القيادة الجماعية؟



دون الدخول في تفاصيل شكل هذه القيادة الجماعية، أقول أننا نحتاج إلى شكل قيادي لا يتأثر بغياب وزير التربية وفي ذات الوقت لا يستطيع الوزير أن يفرض رأيه إذا كانت الأغلبية ترى أن رأيه غير صائب.



لا يساورني شك في أن تغيير شكل القيادة في وزارة التربية والتعليم سيكون له الأثر الإيجابي المباشر والسريع في أوضاع التعليم في الدولة. ما يجعلني واثق مما أقول أن ميداننا التربوي يحفل، ولله الحمد، بقيادات تتسم بالكفاءة والمهنية العالية لو قيض لها إدارة دفة التعليم ومنحت الصلاحيات اللازمة لحققت وزارة التربية نجاحات لم ترها من قبل.



بتغيير آلية صنع القرار في وزارة التربية والتعليم من الفردية إلى الجماعية نكون قد خطونا خطوة ثابتة على طريق الإصلاح التربوي الطويل الذي سنبحث معالمه في مقالات مقبلة إن شاء الله تعالى .



المصدر : دار السلام

:شكرا: :دعاء:

:شكرا: :تشرفنا:

الاصلاح ورانا ورنا اين ماسرنا :دعاء:

:شكرا: :تشرفنا: