البحث عن المياه العذبة

السياسيون الحكماء يبحثون عن حلول للمشكلات، ومخارج للمآزق، إذا سدت الأبواب فتحوا شباكاً يدخل منه الهواء، إذا تدحرجت الصخرات الكبيرة فأغلقت الطريق، نظروا في طريق بديل، فليس من الحكمة في شيء الجمود والتوقف أو التصلب والتكلّس، لأن البديل من الانفراج ليس سوى الانفجار بما يسببه من تدمير قد لا يسلم منه أحد!

ونحن في اليمن دخلنا في نفق أوصلنا إلى نهاية مسددة والسلطة لا تبحث عن طريق أخرى، ولا تريد أن تدق في الجدار ليظهر بصيص من نور، وقد اتضح ذلك من خلال كلمة الأخ رئيس الجمهورية في مهرجان الحسينية البهيج، حيث تركنا الخطاب بين خيارات كلها مرة، أما الرضا بالأوضاع المالية على ماهي عليه، أو الفتنة والاحتراب والتدخل الأجنبي، ومن لا يعجبه الأمر فليشرب من مياه البحار المالحة، ونعتقد أن المياه العذبة لا تزال تملأ الأحواض والآبار فلنبحث عنها.

الحوار السياسي وصل إلى طريق مسدود، لأن القوى السياسية لم يعد بإمكانها القبول باستمرار الأوضاع على ماهي عليه، والواجب الوطني يفرض عليها أن لا ترضى ببقاء آلية الانتخابات كما هي بحيث يتم إعادة إنتاج نفس الأوضاع السيئة, وسيكون تفريطاً بالأمانة القبول ببقاء الهيمنة الكاملة على مجريات العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها تحت سيطرة الحزب الحاكم، ولا يمكن السماح باستمرار تسخير المال العام والوظيفة العامة والإعلام الرسمي لتحريك بوصلة الانتخابات باتجاه واحد، فانتخابات دون فرص متكافئة عبث وملهاة تفقد المواطن الأمل في الديمقراطية أو التغيير نحو الأفضل لابد من السير قدما وعدم المراوحة في نفس المكان.

الشكوى التي ارتفعت في المحافظات الجنوبية والشرقية ليست ترفاً ولا مكايدات سياسية, فقد حدث إقصاء متعمد, وجمدت كفاءات وخبرات أصبحت تعيسة على هامش الحياة، ولا يزال العبث بأراضي الدولة وممتلكاتها يأخذ منحى تصاعدياً، بينما يتمنى المواطن والموظف الحصول على بضعة أمتار يبني عليها غرفتين يضم فيها أولاده, اشتكوا فلم يسمح لشكواهم، خرجوا في مظاهرات واعتصامات سلمية فكانت مواجهتهم بالرصاص الحي وسقط شهداء وجرحى زادوا نار الغضب اشتعالاً فلم يكن من الحكمة مواجهة النضال السلمني بالقوة والبطش, والأكثر سوءاً تحريك مجموعات فوضوية تفسد تلك المسيرات كما حدث في الضالع وقبلها في أمانة العاصمة!

مشكلات متعددة في كل أنحاء البلاد، وفساد يزداد ولا ينقص، واستئثار بالوظائف والفرص، كل ذلك يجعل المواطن يشعر بالغبن والظلم ويظل ينظر في الأفق لعل أملاً يشرق من هنا وهناك، نتمنى أن يكون أمامنا مشاريع تبشر ولا تنفر، تيسر ولا تعسر، تفتح الآمال ولا تغلق الأبواب، في الصحراء القاحلة لابد من البحث عن الواحات الخضراء وعدم انتظار الموت عطشاً وجوعاً، وبين الجبال يجب البحث عن الجداول وعيون الماء، يذهب الأفراد وتبقى الشعوب, والحياة لا تتوقف، وإذا جمدت فلابد من إذابة الجليد لينداح الماء رقراقا يسقي الأرض وينبت الزرع, ويكسر حدة القيظ اللافح!

شكرا عبد العليم على أهتمامك
وأتمنى للوطن وأبناء اليمن كل الخير
تحياتي لك