مؤرخ اليمن.. القاضي إسماعيل بن علي الأكوع.. رحمه الله

هو المؤرخ الكبير والمحقق القدير والوطني الغيور والعلامة الجليل القاضي إسماعيل بن علي الأكوع مولده في مدينة ذمار سنة 1338هـ الموافق 1920م، أي أنه اليوم في السابعة والثمانين من عمره الطويل إن شاء الله، وما زال إلى الساعة في حالة من التأليف والتحقيق وتبييض مذكراته الشخصية التي سيكون لها بالغ الأهمية، كيف لا وقد التحق القاضي إسماعيل بن علي الأكوع بالحركة الوطنية اليمنية سنة 1944م، وشارك وجاهد في كل مراحل الحركة الوطنية ومع الطليعة الأولى من الأحرار والمناضلين، وكان -حفظه الله- من المشاركين في ثورة 48م وتعرض نتيجة لذلك للسجن مع بقية الأحرار من سجن حجة، وبعد ثلاث سنوات تم إطلاق سراح القاضي إسماعيل بن علي الأكوع سنة 1951م، واستطاع السفر إلى مدينة عدن بغرض العلاج، وهناك شارك في العمل الوطني مع الزبيري والنعمان في إطار الاتحاد اليمني، ومنذ البداية كان لدى القاضي إسماعيل قناعة بأن العلم والمعرفة من أهم سبل الخلاص من الحكم الإمامي الظلامي والاستبدادي، فتوجه إلى نشر العلم والثقافة وإشاعة الوعي التاريخي والوطني، وبعد قيام ثورة يوليو المصرية سنة 1952م توجه مع الزبيري إلى القاهرة، لمواصلة النشاط السياسي والعمل الوطني، وهناك بذل جهوداً كبيرة في سبيل توعية الطلاب اليمنيين الدارسين في القاهرة، كما أنه انتقل إلى دمشق ومكث فيها قرابة سنتين، ثم عاد إلى القاهرة ومنها فضل العودة إلى أرض الوطن، ولم يستقر طويلاً فقد أرسله الإمام أحمد حميد الدين مع شخص آخر لفتح مفوضية لليمن في موسكو وكان في ذلك إبعاد له عن اليمن، مقصود من الإمام، وقد قامت ثورة سبتمبر 1962م وهو في موسكو وتم تعيينه من قبل قادة الجمهورية قائماً بالأعمال في موسكو، ثم عمل وزيراً مفوضاً وسفيراً متجولاً، ثم شغل منصب نائب وزير الخارجية، ومن سنة 1968م عين وزيراً للإعلام، وفي سنة 1969م أسس وترأس الهيئة العامة للآثار ودور الكتب واستمر في هذا العمل حتى سنة 1990م.
وكان عمل القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في الهيئة العامة للآثار ودور الكتب فرصة لترسيخ علاقته بالكتاب والتأليف والتحقيق والاهتمام بالدراسات التاريخية والأثرية والمخطوطات، وأثناء هذا وبعده أصدر العديد من الكتب والمؤلفات لعل من أهم وأبرز وأعظم مؤلفاته سفرة الكبير وعمله العظيم «هجر العلم ومعاقله في اليمن»، ومع كل مؤلفاته الكثيرة وأبحاثه ودراساته ومشاركاته يبقى هجر العلم رمز وعنوان القاضي إسماعيل بن علي الأكوع، وقد شرع في تأليف هذا الكتاب سنة 1970م، وصدرت طبعته الأولى في خمسة أجزاء سنة 1995م، وكعادته في التأليف فقد اتسم هجر العلم بالدقة والموضوعية والإتقان، موسوعة في المعلومات والإعلام والبلدان والفرق والطوائف، تناول تاريخ اليمن الثقافي متجرداً من الأهواء، متحرياً الإنصاف منحازاً للحق والحقيقة.
تناول وتحدث القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه -505- هجرة ومعقل من معاقل العلم في اليمن ذاكراً تاريخ ظهورها وتأسيسها وموقعها ومراحل تطورها وتراجعها ثم يترجم لأعداد ممن تخرجوا منها من العلماء والمجتهدين، وقد اهتم القاضي إسماعيل بهذه التراجم مراعياً في ذلك الترتيب الزمني، وخلال الترجمة يعطي صورة واضحة لصفات المترجم لهم وذكر أعمالهم وأهم ما يميزهم، مع ذكر آثارهم ومؤلفاتهم، وفي ثنايا العديد من التراجم يتوقف القاضي إسماعيل على ذكر بعض آراء المجتهدين ونقد بعض المسائل التي لم يتوخى صاحبها قول الحق فيها لهوى في نفسه، وأجمل في موسوعة هجر العلم ومعاقلة وكل ما فيه جميل التوسع والتعمق في تراجم علماء أهل السنة، وخاصة المجتهدين منهم والمبرزين الذين كان لهم دوراً في نشر السنة في اليمن والعمل بها، أمثال ابن الوزير والمقبلي وابن الأمير والشوكاني وغيرهم، يتوقف المؤلف عند المتعصبين منكراً عليهم تعصبهم لغير الحق وفي كل الأحوال فإن القاضي إسماعيل صادقاً فيما يكتب منصفاً فيما ينقد، والذي يطالع هجر العلم بعين الإنصاف يجد أنه لا يسلب أحداً محاسنه، وباختصار فإن القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في هجر العلم ومعاقله وكذلك في المدارس الإسلامية في اليمن، قدم صورة واضحة وجلية لتاريخ اليمن الثقافي والعلمي، مع الدعوة للاجتهاد والتجديد، منكراً للجمود والتقليد، والقاضي إسماعيل عضو في العديد من المجامع العلمية واللغوية، واللجان الاستشارية المهتمة بالتراث الثقافي الإسلامي، وله مشاركه واسعة وفاعلة في الكثير من المؤتمرات والندوات وقد حصل على العديد من الجوائز التقديرية والتكريمية نظير عطائه العلمي ودوره الثقافي، والقاضي إسماعيل يشكل مع أخيه القاضي محمد بن علي الأكوع -رحمه الله- مدرسة هامة في الثقافة اليمنية والعربية، وحسب تعبير الشيخ حمد الجاسر فإنهما صنوان في فرع دوحة سامقة الفروع راسخة الجذور، وهما ينزعان من حيث النزعة الدينية منزعاً واحداً هو عدم العكوف على ما هو متوارث والتعصب للآراء بل التحرر من كل ذلك وسلوك نهج الاجتهاد والأخذ بالدليل..

عبد الفتاح البتول
9/18/2007

كان انساااانا رائع ما شاء الله
الله يرحمه ويرحمنا برحمته
ويرحم امة لا اله الا الله
شكرا خيوو رضوان معلومات جداا مهمه عن هذا الشيخ الجليل
لك كل الشكر
مؤرخ اليمن.. القاضي إسماعيل بن علي الأكوع.. رحمه الله 175274