العلم والثقافة.. الواقع والمأمول

الثقافة هي الحصن المنيع الذي تواجه كل موائع الجهل والتجهيل.. فهلاّ أخذ كل متعلم نصيبه من ذلك؟؟.. هل شارك المتعلمون في نشر الثقافة الرشيدة في مجتمعاتهم؟؟.. أم انهم تواكلوا وأصبح هم كل منهم هو الحصول على لقمة العيش وكفى؟؟؟.. حتى عجز الكثير عن تربية وتثقيف أبنائهم التربية الصالحة.. ولم يتعدى تأثيره ومستواه التعليمي عتبة باب بيته.. بل أن البعض يعرف الحق ويعرف الصلاح ولكنه عنه معرض فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.. فيصبح شخصا سلبيا مليء بثقافة الدون؛ ثقافة السفه والنذل؛ فيصبح أنموذجا سيئا ربما ضل كثير من أبنائه وأهله وحينها تكون الكارثة.. مجتمع هامشي ليس حظه إلا تضييع وقته إما بالأكل والشرب والنوم أو الذهاب إلى عمل لا يتقن أو الوقوف المتسمر والطويل امام شاشات التلفزيون التي تاتيه بكل غث و سمين.. حتى أن البعض أصبح برنامج حياته هكذا ليس إلا .. أكل .. شرب.. نوم.. ذهاب لعمل يؤديه كيفما جاء معظمه مليء بالتقصير.. ذهاب إلى السوق.. جلوس في مجالس القيل والقال أوقات طويلة دون أن يخرج منها بأقل فائدة يعود نفعها على المجتمع.. وحينها يكون الكثير قد قصر في حق الله أولا وحق المجتمع ثانيا.. وبين البيت ومركز العمل والسوق وتلك المجالس تضيع أوقات كثيرة.. فيذهب عمر الكثير سدى.. بل من الخطاء أن يظن أغلبهم أنه بتلك الحياة قد أدى ماعليه.. همه ترقب أول اليوم وزواله.. فلاحول ولاقوة إلا بالله..

أيها المتعلمون.. يا خريجي الشهادات الجامعية.. يا خريجي الثانوية.. هل أديتم واجبكم نحو المجتمع بنشر العلم والمشاركة في الفعاليات الثقافية أي كان حجمها صغير أوكبير؟؟؟.. هل تفرغ كل واحد منكم لعمل شيء يعود نفعه على المجتمع كله أم أن الأنانية والمصلحة الشخصية قد سيطرت على الأذهان؟؟؟... هل جرد كل واحد منكم قلمه ليكتب بقلمه موضوع خاص به؟؟ ليكتب قصة، رواية، مقالة، موضوع.. أم أنها القناعات السخيفة قد بلدت عقله وقالت له قف لا تتحرك فإنك عاجز عن الإدلاء بكلمة واحدة!!!.. هل أجتمعتم أيها الشباب يوما لإنجاز مشروع ثقافي أو تعليمي أو إجتماعي أو غيره يستفيد منه المجتمع؟؟.. أما تواكلتم وأصبح الكثير يعول على الدول والحكومات بإنجاز كل شيء.. إن أغلب المجتمعات الراقية في الغرب.. ما وصلت إلى ما وصلت إليه إلا بتفاعل متعلميها مع أحداثها وأسهامات أبنائها كل في ما يملكه من علم أو هواية أو خبرة.. لم يتواكلوا اطلاقا واصبح كل واحد منهم لا يرتاح باله إلا بما يقدمه لمجتمعه.. يؤسفني كثير أن نرى اليوم الكثير من حملة الشهادات في هذه الأمة، ولكن حياتهم قد أصيبت بالملل والسآمة.. حتى أصبح لا ينظر إلا بنظر قصير.. أصبح لا يستطيع أن يجتمع بالناس لمناقشة أمر يهم الجميع.. ولو نظرت بعين ثاقبة لقلت أنها الحقيقة، وما هي تلك الحقيقة؟؟؟ أنك تجد بعض الأميين أفضل مشاركة وأفضل أداء وتفاعل وأكثر تأثيرا في مجتمعهم من بعض المتعلمين والمثقفين الذين حاصروا أنفسهم بالأوهام والإنغلاق على ذواتهم.. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هكذا؟؟ وجوابه على نفس السطور " حاصروا أنفسهم بالأوهام والإنغلاق على ذواتهم ".. ترى ذلك المتعلم أو المثقف لا يتحدث إلا مع رفاقه، زملائه في الدراسة، ولا يرتبط أطلاقا مع من يعلوه سنا أو ينقصه، كما لا يتحدث بجدية وإلتزام.. همه الأكبر قضاء الأوقات المليئة بالضحك والسب واللعن والتدخل في أعراض المسلمين فإذا أنجز يومه بذلك أصبح سعيدا سعادة وهمية آنية.. ما أن يأتي الليل إلا وقد نزلت عليه هموم الدنيا..

أليس هذه هي حياة أغلبنا اليوم؟؟ ولو حاسبت نفسك أيها المتعلم حسابا دقيقا لوجدت انك مقصر.. ولكن لا يكفي الإعتراف!!.. فربما كثيرا منا اليوم يدرك ذلك قبل أن يقراء ما كتبته في هذه السطور.. فما علينا ايها الأخوة إلا أن ننتبه من غفلتنا وان نصحو.. ولا نتنصل من مسئوليتنا نحو المجتمع وناتي بالحجج الواهية.. مثلا كأن تقول الوضع الحالي لا يسمح، الحالة المادية صعبة، هموم العيش تحاصرنا من كل جانب، ليس هناك وقت فراغ لكل ما تقوله إلى غير ذلك من الحجج المعروفة.. فأعود لأذكركم بالمسلمين الأوائل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة، وحالتهم معروفة.. لو كان كلامهم هكذا ما قام دين الله على الارض، القصص والعبر والدروس كثيرة من التأريخ فهل أستغليت علمك لتبحث عن موضوع واحد، وأنا أقترح ان تقرأ في ( بناء مجتمع المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة، أنموذجا للأخوة والتعاون والعمل ).. لذا ينبغي أن نتفاعل وأن نتعاون وأن نترك الأنانية والمصلحة الشخصية جنبا.. وأؤكد أن مصلحتك الشخصية مرتبطة أرتباطا تاما بمصلحة مجتمعك.. لا نريد أن يكون التنظير أكثر من العمل!!.. فلتبداء من الآن.. فالله جل في علاه يقول في كتابه الكريم: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) [الرعد:11].. والله المستعان..

جزاك الله كل خير على الطرح الجميل والمثري واتمنى من الله ان نكون ممن ينتفع بعلمه وننتفع بعلم الغير واسال الله العلي القدير ان يرزقنا علما نافعا بالدنيا والاخره

عضو جديد عدد المشاركـات : 43

كلام من ذهب تسلم

:|