انواع الشفاعة ...

ا
لشفاعة



أنواع الشفاعة



قال المصنف -رحمه الله تعالى-: ويؤمن أهل الدين والسنة بشفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمذنبي أهل التوحيد، ومرتكبي الكبائر، كما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أنبأنا أبو حامد بن الشرقي قال: حدثنا أحمد بن يوسف السُّلَمِي قال: حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن ثابت عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي .

--------------------------------------------------------------------------------

فإن الشفاعة معناها في اللغة: ضم شيء إلى شيء، به يصير الشيء زوجًا بعد أن كان منفردًا، فالواحد يسمى فردًا، والاثنان شفعا، وسمى الشفيع شفعيًا؛ لأنه يضم صوته إلى صوت طالب الشفاعة فيكون اثنان، صوته وصوت طالب الشفاعة، فالشفع في اللغة معناه ضد الوتر، وهي أن يكون الشيء زوجا بعد أن كان منفردا.
وفي الاصطلاح، عند أهل الشرع، مساعدة ذي الحاجة، صاحب الحاجة، عند من يطلب الحاجة.



والشفاعة أنواع في يوم القيامة.




1- منها الشفاعة العظمى التي تكون في موقف القيامة ويتخلف عنها، ويتأخر أولو العزم من الرسل. وهي خاصة بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي المقام المحمود، الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون.

وهي مذكورة في قول الله تعالى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا فالمقام المحمود هي الشفاعة العظمى، والشفاعة العظمى عامة للمؤمنين وللكفار فهي لأهل الموقف جميعا حتى يستريحوا من موقف القيامة، وذلك أن الناس إذا بعثهم الله من قبورهم حفاة عراة غرلا وقفوا بين يديه للحساب، وتدنو الشمس من الرؤوس، ويزاد في حرارتها، ويقف الناس هذا الموقف العظيم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ويبلغ الناس من الشدة ما الله به عليم.

ويلجمهم العرق على حسب الأعمال، منهم من يلجمه العرق إلى كعبيه، ومنهم من يلجمه العرق إلى ركبتيه، وإلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، على حسب الأعمال، فيموج الناس بعضهم من بعض، فيفزع الناس إلى الأنبياء فيأتون آدم ويطلبون منه الشفاعة، فيمتنع ويقول: لست أهلا لها.

إني أكلت من الشجرة التي نهيت عنها، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون إلى نوح فيسألونه أن يشفع لهم عند الله حتى يحاسبوا ويستريحوا من هذا الموقف، فيعتذر نوح -عليه السلام- ويقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة أغرقتهم، اذهبوا إلى غيري، وفي بعض الروايات يقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم فإنه خليل الرحمن.

فيذهبون إلى إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فيطلبون منه الشفاعة فيعتذر، ويقول: إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات، -وهي يجادل بها عن دين الله- حينما كسر الأصنام ووضع الفأس على الصنم، وسألوه: من فعل ذا؟ قال: هذا. وكذلك قال عن زوجته: إنها أختي. وتأول أنها أخته في الإسلام، لما مر بملك مصر في ذلك الوقت وهو ظالم، ولما كذلك أيضا نظر في النجوم وقال: إني سقيم، يجادل بها عن دين الله ومع ذلك يعتذر، فيقول: اذهبوا إلى غيري، نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى فإنه كليم الرحمن.

فيذهبون إلى موسى فيقولون: يا موسى أنت كليم الرحمن، اصطفاك الله برسالته وبكلامه، اشفع لنا إلى ربك، فيعتذر موسى ويقول: لست أهلا لها، إني قتلت نفسًا ولم أؤمر بقتلها. وكان هذا قبل النبوة، حينما قتل القبطي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى فإنه روح الله وكلمته، فيذهبون إلى عيسى فيعتذر -عليه الصلاة والسلام- ويقول: ولم يذكر ذنبا إلا أنه يقول: اُتُّخْذِتُ أنا وأمي إلهين من دون الله، ولكن نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد فإنه خاتم النبيين.

فيذهبون إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيطلبون منه الشفاعة، فيقول: أنا لها، أنا لها -عليه الصلاة والسلام-، فيذهب فيسجد تحت العرش، فيفتح الله عليه من المحامد لا يحسنها، وهو في دار الدنيا، فيأتيه الإذن من الله -عز وجل- فيقول الله -سبحانه وتعالى-: " يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع، وسل تعطَ، واشفع تشفع. هذا الإذن: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ .

لا أحد يستطيع أن يشفع عند الله إلا بعد الإذن حتى ولو كان وجيهًا عند الله. محمد -عليه الصلاة والسلام- أوجه الناس، وأعظم الناس وجاهة عند الله، ومع ذلك، لا يشفع حتى يأتي الإذن، فإذا جاء الإذن، رفع رأسه وسأل ربه الشفاعة، فيقول الرب -عز وجل-: أنا آتي، فأقضي بينكم فيقضي الله تعالى بين الخلائق، ويفرغ من محاسبتهم جميعا، في وقت واحد.

لا شيء يشغله عن شيء، كما أنه يخلقهم في وقت واحد، ويرزقهم ويعافيهم ويجيب أسئلتهم، يحاسبهم في وقت واحد، بخلاف المخلوق الضعيف، أنا لو تكلم معي اثنان أو ثلاثة ما استطعت حتى أقول: اسكت حتى أجيب، لكن الرب -سبحانه وتعالى- يخاطبهم في وقت واحد.

الخلائق كلهم يحاسبهم في وقت، ويفرغ من حسابهم في مقدار منتصف النهار، ويقيل أهل الجنة بالجنة فالقيلولة تدرك المؤمنين في الجنة أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا هذه هي الشفاعة العظمى التي يغبطه فيها الأولون والآخرون، هذه ما أنكرها أحد، شفاعة عامة، خاصة بنبينا -صلى الله عليه وسلم-.


2- وهناك شفاعة أخرى خاصة بنبينا -صلى الله عليه وسلم- وهي الشفاعة لأهل الجنة للإذن لهم في دخولها.


3- وهناك شفاعة ثالثة خاصة بعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب هذه الشفاعات خاصة بنبينا -صلى الله عليه وسلم-.


4- وكذلك هناك شفاعة رابعة هي رفع درجات قوم من أهل الجنة. هذه الشفاعات الأربع ما أنكرها أحد، أقر بها أهل السنة وأهل البدعة وهناك شفاعات أخرى أنكرها أهل البدع


5- وهي الشفاعة فيمن استحق النار من العصاة ألا يدخلها.

6- والشفاعة فيمن دخل النار من العصاة أن يخرج منها. 7- والشفاعة في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة ولا يدخلون النار، هذه الشفاعات أنكرها أهل البدع من الجهمية المعتزلة والخوارج وغيرهم.


فأنكروا عليهم أهل السنة وضللوهم وبدعوهم وصاحوا بهم، والنصوص التي فيها الشفاعة في إخراج العصاة، عصاة الموحدين من النار بلغت حد التواتر، فقد تواترت النصوص بأن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، يشفع أربع شفاعات في كل مرة يحد الله له حدًّا يشفعه الله فيمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وفي بعضها نصف مثقال ذرة وبعضها أدنى من مثقال ذرة، وفي بعضها أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من حبة من إيمان.

وكذلك الأنبياء يشفعون والملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والصالحون يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة، فيأخذهم رب العالمين برحمته. فهذه الشفاعات، الشفاعة في إخراج العصاة من النار، أو من استحق دخول النار ألا يدخلها، هذه أنكرها أهل البدع مع أنها متواترة، والأحاديث التي بلغت حد التواتر قليلة في السنة، تقارب أربعة عشر حديثًا.

منها حديث الشفاعة، ومنها حديث الحوض، ومنها حديث: من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده في النار ومنها حديث: من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ومنها أحاديث الشفاعة، فأنكرها أهل البدع أهل البدع من الخوارج المعتزلة يقولون: العاصي يكفر، إذا زنى كفر وَخُلِّدَ في النار، إذا سرق يكفر، ويخلد في النار ولا يخرج منها أبدَ الآباد، مثل الكفرة.

وهذا من أبطل الباطل، فإن النصوص في إخراج العصاة الموحدين متواترة، الذي لا يخرج من النار الكفرةُ، أما المؤمن العاصي، المؤمن الذي مات على التوحيد، لكنه مات على كبائر من غير توبة فقد تواترت الأخبار بأنه يدخل النار، جملة من أهل الكبائر مؤمنون موحدون مصلون، ولا تأكل النار وجوههم، مواضع الصلاة، لكنهم دخلوا النار بكبائر من غير توبة.

وهذا مات على الزنى من غير توبة، فدخل النار، وهذا مات على شرب الخمر من غير توبة، فدخل النار، وهذا مات على التعامل بالربا، وهذا مات على عقوق الوالدين، وهذا مات على الغيبة والنميمة، وهذا مات على أكل أموال الناس، وهكذا. فهؤلاء حَكَمَ أهل البدع عليهم بالكفر والخلود في النار.

مع أن النصوص بلغت حد التواتر في هذا، ومن ذلك هذا الحديث الذي ذكره المؤلف: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وهو حديث صحيح.

فأهل الكبائر الموحدون لهم شفاعة، ولا يخلدون في النار، وهناك بقية لا تنالهم الشفاعة، فيخرجهم رب العالمين برحمته، فيقول: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج قوما من النار لم يعملوا خيرا قط -يعني زيادة عن التوحيد والإيمان-.

أما الكفرة فلا حيلة فيهم، من مات على الكفر الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو النفاق الأكبر، فهذا لا حيلة فيه، ولا يدفع عنه عذاب الله أحد، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا، ما ينفعه كما قال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ .



وقال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ وقال سبحانه: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا وقال سبحانه: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا والأحقاب هي المدد المتطاولة، كلما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية -نسأل الله السلامة والعافية-.

فالمعتزلة والخوارج جعلوا عصاة الموحدين مثل الكفرة يخلدون في النار -وهذا من أبطل الباطل-، وحملوا النصوص التي في الكفرة حملوها على العصاة، كقوله تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ هذا في الكفرة، في يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ هذه في الكفرة، أما العصاة فلهم شفاعة.






منقوول للفائدة إن شاء الله

....................................

....................................

ـــــــــــــ

بارك الله فيكي اختي الفاضله
موضوع مميز جداااااا

وفيك بارك

المميز تواجدك اختي عاشقة الورود